29-مايو-2018

يثير السفير السعودي حالة من الإزعاج في السودان (مواقع التواصل الاجتماعي)

في نهايات العام 2016، سلم السفير السعودي علي بن حسن جعفر، أوراق اعتماده للحكومة السودانية، ومنذ حينها لم يترك محفلًا لم يرتاده، وبصورة أقل ما يمكن أن توصف بأنها مزعجة للدولة نفسها، لكن حضوره الوافر في الأوساط الصحفية والاجتماعية بدا وكأنه يحاول من خلاله بناء سلطة معنوية على كل السودانيين.

يحاول سفير السعودية في الخرطوم، بظهوره المتزايد بشكل مزعج، بناء سلطة معنوية له على كل السودانيين

لم يكن السفير السعودي السابق معروفاً للسودانيين، وبالكاد تبينوا ملامحه، ولكن علي بن حسن جعفر، حرص ومنذ هبوطه الخرطوم، إلى الانفتاح على جميع مكونات الدولة، والتحم حتى بالطرق الصوفية التي تتنافى توجهاتها مع جماعة أنصار السنة المحمدية المدعومة من المملكة العربية السعودية مباشرة!

اقرأ/ي أيضًا: "حب من طرف واحد".. لماذا لا يزور ملوك السعودية السودان؟

كما أن علي بن حسن جعفر، وللغرابة، يرتدي لكل حالة لباسها، فتجده دبلوماسياً يتحدث بلا تحفظ، أو يباشر مهامه في الصباح بلقاءات حافلة ومثيرة مع شخصيات سودانية، وما أن ينقضي اليوم إلا ويكون قد لبى دعوة غير رسمية، وحجز له مساحة خبرية في الصحف، كأن يتبرع بأي تصريح مثلاً، كي لا يغيب عن الأضواء بأي صورة. إنه "صديق" الجميع بلا استثناء، أو هكذا يُحاول علي بن حسن جعفر تصوير نفسه.

لا شك أن علي بن حسن أحمد جعفر جاء للسودان تحديداً في هذه المرحلة، لأهداف سياسية أكثر من كونها دبلوماسية. وفي الغالب تتعلق بتحشيد المواقف السياسية لصالح دولته، إذ لم يكن السودان يحظى بالتفاتة كبرى قبل إغلاق السفارة الإيرانية بالخرطوم، ومشاركة الجيش السوداني في حرب اليمن بقيادة السعودية.

وبعد اتخاذ موقف محايد من حصار قطر، وتنامي الشعور الداخلي الرافض لتلك الحرب، ربما بدا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يستشعر خطورة الرأي العام السوداني، وأهمية أخذ الخرطوم إلى جانبه لأبعد مدى، حتى وإن استدعى الأمر تفعيل الألاعيب المخابراتية، فعجم كنانته، واختار علي بن حسن جعفر تحديداً، الذي اكتسب خبرة في محطة موسكو، قبيل أن يصبح نائباً لوكيل الوزارة للعلاقات متعددة الأطراف.

ووصل الأمر بالسفير علي بن حسن جعفر إلى إعلانه استقبال رسالة من قبيلة سودانية، تعلن جاهزيتها لإمداد السعودية بعشرة آلاف مقاتل "مدججين بالسلاح"، للدفاع عن أرض الحرمين الشريفين. وقد بدا أنها خطوة أشبه بتلقي البيعة. ويجدر الإشارة هنا إلى أنّ تلك الرسالة القبلية، جاءت بعد إعلان الجيش السوداني تقييم مشاركته في حرب اليمن، ما يعني أن الرسالة مقصودة بتجاوز الدولة نفسها، والتعامل المباشر مع القبائل، في حال تراجت الحكومة عن مواقفها إزاء حرب السعودية في اليمن!

وفي وقت سابق، أثارت تصريحات السفير، التي طالب فيها الخرطوم باتخاذ موقف واضح من أزمة حصار قطر، حالة استنكار واسعة، إلى جانب حديثه عن قناة الجزيرة، ما اضطره في اليوم الثاني إلى الاستدراك بأنه تمنى أن تتخذ الخرطوم ذلك الموقف ولم يأمرها.

أما أشهر غزوات السفير السعودي علي بن حسن جعفر، كانت في بلاط صاحبة الجلالة، حيث أبدى اهتماماً ملحوظاً بالصحف السودانية، وحاول التقرب من الكتاب والصحفيين من خلال دعوتهم لمقر السفارة، أو مشاركتهم في احتفالات وبرامج خاصة.

لا شك أن علي بن حسن جعفر جاء للسودان تحديداً في هذه المرحلة، لأهداف سياسية وليست دبلوماسية، تتعلق بالتحشيد لصالح دولته

لم يكف عن ذلك، وإنما فعمل على إرسال دفعتين من الصحفيين إلى السعودية، الأولى شملت عدد من رؤساء تحرير الصحف والكتاب والإعلاميين، أما الدفعة الثانية فقد حظرت الأجهزة الأمنية السودانية سفرها "دون إبداء أسباب"، وطُلب منهم مراجعة رئاسة جهاز الأمن والمخابرات.

اقرأ/ي أيضًا: طعن دستوري ضد البشير.. حرب اليمن مرفوضة شعبيًا في السودان

وحقق الأمن مع المجموعة الأولى بعد عودتها من السعودية التي أقاموا فيها نحو عشرة أيام. وأجربت هذه المجموعة حوارات مع قادة التحالف العكسري السعودي، ومع وزير الإعلام السعودي.

لن يرفض أي سوداني دعوة أي جهة سعودية لزيارة "البقاع الطاهرة" كان صحفيًا أم غير ذلك. لكن السؤال: "كيف تتم هذه الدعوة؟". يطرح رئيس تحرير صحيفة "مصادر" السودانية، عبد الماجد عبد الحميد، استفهامات مثل تلك، إزاء رحلات الصحفيين للسعودية، وهل قام السفير السعودي بالخرطوم علي بن حسن جعفر بإخطار الجهات ذات الصلة بأمر دعوة الإعلاميين السودانيين لزيارة السعودية، أم باشر الرجل كل إجراءات الرحلة دون أن يكلف نفسه عناء إخطار من يهمهم الأمر؟

سبب اهتمام السفير السعودي بالإعلام السوداني، أنه يحاول تحسين صورة بلاده التي خذلت السودان ولم تقف معه في محنته الاقتصادية

وحاول عبد الماجد الإجابة في حديثه لـ"ألترا صوت"، بأنّ السفير السعودي بالخرطوم، علي بن حسن جعفر، شرع عملياً في الترتيب لزيارة الفوج الثاني من الإعلاميين السودانيين إلى السعودية، عقب عودة الوفد الأول مباشرة، مضيفاً: "يحدث هذا بترتيب من وزارة الإعلام السعودية التي لا تعرف أسماء الإعلاميين السودانيين ولا المؤسسات التي يعملون بها، وإنما تأخذ معلوماتها من مكتب السفير السعودي بالخرطوم!".

ويفسر عبد الماجد اهتمام السفير علي بن حسن جعفر بالإعلام السوداني، بأنه يحاول تحسين صورة بلاده ومعالجة الأخطاء التي صاحبت تعامل القيادة السعودية مع الشأن السوداني، "خصوصاً بعد خذلان السعودية للسودانيين وعدم وقوفها معهم في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بأي جهد يذكر"، مطالباً في الوقت نفسه السفير السعودي بمراجعة طريقة تعامله مع الأجهزة المختصة السودانية. 

وقال عبد الماجد: "ربما ظن السفير علي بن حسن جعفر أن طيبة أهل السودان تمتد حتى تركهم الدبلوماسيين يتجاوزون حدود التعامل المتعارف عليه في مثل هذه الدعوات التي عادت بالسخط على زملاء أعزاء".

 

اقرأ/ي أيضًا:

حروب الأرض في السودان.. مناجم الذهب عنصر جديد في خريطة الصراعات الممتدة

ما هي الصفقة وراء رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟