02-أكتوبر-2023
gettyimages

الخلافات داخل ألمانيا تنعكس على العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي وبالأخص فرنسا (Getty)

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، عن أن العلاقات المضطربة بين فرنسا وألمانيا، تؤدي إلى تأخير وتباطؤ القرارات الهامة للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك صفقات الأسلحة والتجارة والحرب في أوكرانيا.

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي والشخصية الرئيسية في حزب الديمقراطيين المسيحيين ديفيد مكاليستر: "في الوقت الحالي نشهد نقصًا ملحوظًا في التنسيق الداخلي بين باريس وبرلين. وهذا ليس جيدًا".

تتصاعد التوترات بين برلين وباريس في ظل عدم التوافق على سياسة أوروبية واحدة، تجاه عدة قضايا

وأعرب مكاليستر، عن قلقه من أن يؤدي انقطاع الاتصال بين المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تأخير المحادثات والقرارات الرئيسية بشأن الدبابات القتالية والطائرات المقاتلة، والاتفاق التجاري المستقبلي مع أمريكا اللاتينية.

وأشار إلى أن العلاقات الفرنسية الألمانية، التي تعتبر لفترة طويلة القوة الدافعة للاتحاد الأوروبي، ليست "كل شيء في أوروبا" ولكن بدون التعاون بين البلدين "لا تسير الأمور على ما يرام".

وأضاف: "في النهاية، تحتاج باريس وبرلين إلى الاتفاق على تسهيل الأمور.. وهنا أنتقد الحكومة الألمانية، لا أعتقد أننا شهدنا مثل هذا المستوى الضئيل من التعاون بين باريس وبرلين كما نشهده في الوقت الحالي".

وأقامت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، علاقة وثيقة على مدار 16 عامًا مع أربعة رؤساء فرنسيين، بما في ذلك ماكرون، مما أكسبها الاعتراف باعتبارها الزعيم الفعلي للاتحاد الأوروبي. ويتفق الخبراء على أن الكتلة تفتقد الآن علاقة العمل القوية هذه.

getty

وقال مكاليستر إن أحد "أبرز الأمثلة" كان الكفاح من أجل اتخاذ القرارات بشأن الجيل التالي من دبابة القتال الأوروبية، وهي جزء لا يتجزأ من نظام القتال الرئيسي في أوكرانيا أو أي منطقة حرب أخرى في المستقبل.

وفي الشهر الماضي، وعدت باريس وبرلين بإحراز تقدم بحلول نهاية العام بعد اجتماع بين وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو، ونظيره الألماني بوريس بيستوريوس، لكن البعض يعتقد أن هناك حاجة إلى مزيد من الزخم السياسي لتسريع القرارات.

وأمضى حزب يمين الوسط الذي يتزعمه مكاليستر، العامين الماضيين في معارضة الائتلاف الذي يقوده الديمقراطيون الاشتراكيون من يسار الوسط بزعامة شولتز، وحزب الخضر والديمقراطيون الأحرار.

وقال مكاليستر: "إن أي شخص يتابع العلاقات الألمانية الفرنسية طوال العقود الماضية سيوافق على وجود عوائق دائمًا، والمثال الأبرز هو أننا مرة أخرى لا نمضي قدمًا في تطوير دبابة القتال الأوروبية". مضيفًا: "لا نرى أي نوع من التقدم فيما يتعلق بالطائرات المستقبلية"، كما لم يتم إحراز تقدم في التوصل إلى اتفاق تجاري مع كتلة دول أمريكا اللاتينية.

ويستشهد مكاليستر بخطاب ألقاه الزعيم الألماني في آب/ أغسطس في براغ باعتباره انعكاسًا لنقص الترابط في قلب أوروبا، بالقول: "هل يمكنك أن تتخيل: تحدث لمدة 45 دقيقة عن مستقبل أوروبا -وخاصة الدفاع والأمن- ولم يذكر فرنسا؟ مع من ستنظم دفاعك وأمنك الأوروبي إن لم يكن مع فرنسا؟ فرنسا هي القوة العسكرية الرائدة في أوروبا، وقد تركنا البريطانيون".

توتر محدود؟

من جانبها، قالت مديرة برنامج أوروبا في معهد مونتين للأبحاث في باريس جورجينا رايت: "وجهة نظري إن العلاقات متوترة [بين ألمانيا وفرنسا]. هناك قضايا رئيسية يتعين عليهم التغلب عليها، استنادًا إلى الخلاف الفعلي في السياسات والنهج. لكن لا ينبغي لنا أن نبالغ في الأمر كثيرًا".

getty

وأضافت رايت: "نحن في فترة من عدم الثقة… لكن هذا ليس قريبًا مما حدث بين المملكة المتحدة وفرنسا في عامي 2017 و2018 من حيث العداء. في الوقت نفسه، عليك أن تتذكر أن العلاقة الفرنسية الألمانية أهم بكثير من العلاقة بين فرنسا والمملكة المتحدة".

وأوضحت رايت: "أعتقد أن هناك وجهة نظر في باريس مفادها أن ألمانيا تقضي الكثير من الوقت في التحدث مع نفسها. لقد تم تشكيل ائتلاف حكومي.. الأحزاب الثلاثة مختلفة تمامًا، وهم يقضون الكثير من الوقت في الاتفاق على سياسة جديدة [في الداخل] لدرجة أنه بحلول الوقت الذي تصل فيه الحكومة الألمانية إلى بروكسل، لم يكن لديها الوقت للمناقشة مع أي طرف آخر. في الواقع، هذا شيء سمعته ليس فقط من فرنسا، ولكن من الدول الأعضاء الأخرى أيضًا".

وحاولت رايت التقليل من الأزمة، بالقول: "لا ينبغي لنا إن نغفل حقيقة أنه على الرغم من وجود خلافات جوهرية بينهما، واختلاف النهج، فإن هاتين الحكومتين تتحدثان ليس فقط عدة مرات في الأسبوع، بل عبر جميع الوزارات وعلى جميع المستويات".

كشف الأسبوع الماضي، عن توترات في العلاقة بين برلين وروما، حيث كتبت جورجيا ميلوني احتجاجًا على خطط ألمانيا لتمويل منظمتين غير حكوميتين للمهاجرين تعملان في إيطاليا

وفي سياق متصل، كشف الأسبوع الماضي، عن توترات في العلاقة بين برلين وروما، حيث كتبت جورجيا ميلوني احتجاجًا على خطط ألمانيا لتمويل منظمتين غير حكوميتين للمهاجرين تعملان في إيطاليا.

ومن المرجح أن يكون ذلك قد ساهم في قرار إيطاليا بحجب الموافقة على نص جديد بشأن إصلاحات قوانين الهجرة في الاتحاد الأوروبي خلال قمة وزراء الداخلية في بروكسل الأسبوع الماضي.