23-مارس-2024
يشن جيش الاحتلال هجومًا على مجمع الشفاء الطبي منذ أسبوع (AFP)

الاحتلال أقر بإعدام 170 فلسطينيًا خلال هجومه على مستشفى الشفاء الطبي (GETTY)

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن استشهاد 5 من الجرحى المحاصرين من قبل الاحتلال  في مجمع الشفاء الطبي، لليوم السادس على التوالي دون مياه أو طعام أو خدمات صحية، مشيرةً إلى أن بقية الجرحى والمرضى في "حالة سيئة جدًا وبدأ الدود يخرج من جروحهم".

وأضافت وزارة الصحة: "الطواقم الطبية والمرضى المحاصرين يناشدون كافة المؤسسات الأممية والمجتمع الدولي التدخل العاجل لإنقاذ أرواحهم".

وبحسب مراسل التلفزيون العربي، فإن جروح بعض المرضى في مستشفى الشفاء "بدأت تتعفن"، وسط حالة صعبة للمرضى، كما يعاني كل من يتواجد داخل المستشفى من الجوع.

شهادات عن إحراق المنازل وتنفيذ إعدامات في محيط مستشفى الشفاء الطبي، بالإضافة إلى استخدام العشرات كدروع بشرية

وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي في غزة، اليوم السبت: "وصلتنا إفادات من داخل مجمع الشفاء الطبي تشير إلى تهديد جيش الاحتلال الإسرائيلي للطواقم الطبية المتواجدة داخل مباني المستشفى والنازحين بأنه سيقوم بقصف تلك المباني وتدميرها فوق رؤوسهم، حال لم يخرجوا للتعذيب والتحقيق والإعدام".

وأعرب المكتب الإعلامي الحكومي عن "استنكاره وإدانته البالغة لهذه الجريمة المنظمة التي يواصل جيش الاحتلال ارتكابها بكل وحشية وانتقام". وحمل البيان "الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الجريمة ضد مجمع الشفاء الطبي وضد الطواقم الطبية والجرحى والمرضى والنازحين المدنيين".

وطالب دول العالم بـ"إدانة جريمة الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال بكل وحشية، والخروج من مربع الصمت وممارسة دور عملي لوقف الحرب والمجازر المتواصلة بأشكال مختلفة".

ولليوم السادس يواصل جيش الاحتلال اقتحام مستشفى الشفاء الذي كان يضم أكثر من 7 آلاف مريض ونازح، وينفذ حملة اعتقالات واسعة بصفوف النازحين ويقصف المنازل المحيطة بالمستشفى. وأقر جيش الاحتلال اعتقال أكثر من 800 فلسطيني، بالإضافة إلى إعدام 170 فلسطينيًا.

وبحسب المعطيات، فإن جيش الاحتلال ينفذ عمليات هدم وتفجير في محيط مستشفى الشفاء، يواصل ارتكاب المجازر وتهجير السكان من المنطقة المحيطة إلى جنوبي القطاع.

ووفق وزارة الصحة في القطاع، فقد قصف الاحتلال عدة مبان وأحرق قسم الشرايين في المجمع، كما اعتقل العشرات من الكوادر الصحية. ويحتجز الاحتلال كذلك نحو 240 من المرضى ومرافقيهم و10 من الكوادر الصحية في مبنى الأمير نايف في المجمع.

وفي هذا الإطار، وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان "عدة إفادات متطابقة بشأن تعمد استخدام الجيش الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين دروعًا بشرية رغمًا عنهم والزج بهم في ظروف شكلت خطرًا على حياتهم، وذلك لتأمين وحماية قواته وعملياته العسكرية داخل مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة وفي محيطه، والمستمرة منذ فجر يوم الإثنين الماضي".

ووفق التقرير الذي نشره المرصد، أظهرت الإفادات بأن "القوات الإسرائيلية استخدمت مدنيين من المرضى والنازحين داخل مجمع الشفاء الطبي كدروع بشرية واستغلتهم سواءً لتحصين عملياتها العسكرية داخل المستشفى، أو لتشكيل ساتر خلف قواتها وآلياتها العسكرية، أو إرسالهم تحت التهديد إلى منازل وبنايات سكنية في محيط المجمع الطبي، للطلب من سكانها إخلاءها، وذلك قبيل تنفيذ الجيش الإسرائيلي لعمليات اقتحامها، واعتقال بعض من فيها، ومن ثم تدمير العديد منها".

ونقل المرصد شهادات من داخل المجمع وصفها بالمروعة عن تنفيذ جنود الاحتلال عمليات إعدام ميدانية في عدة أماكن داخل مباني المجمع، كما قاموا بالتنكيل بالمواطنين واستباحوا غرف العمليات، وقاموا بتجميع النازحين والمرضى والجرحى في غرفة واحدة، بالإضافة لإحراق مستودعات الأدوية.

في ذات السياق، أفادت عدة عائلات تقطن في محيط مجمع الشفاء أنّ الجيش الإسرائيلي استخدم شبانًا تم اعتقالهم من داخل المجمع للدخول إلى منازلهم من أجل الطلب منهم بإخلائها فورًا والنزوح إلى وسط وجنوب قطاع غزة.

وذكرت سيدة لفريق الأورومتوسطي، أنهم "تفاجؤوا بدخول شاب في نهاية الثلاثينات من عمره تم تعريته من ملابسه باستثناء ملابسه الداخلية، وأخبرهم أن الجيش الإسرائيلي أرسله لهم لإخلاء المنزل خلال 30 دقيقة وإلا سيتم قصفه فوق رؤوسهم"، وأوضحت أنهم عند خروجهم من المنزل، تنفيذًا لطلب الإخلاء، شاهدوا عددًا من الشبان الفلسطينيين بنفس الحال، حيث أجبرتهم قوات الجيش على الدخول إلى المنازل المجاورة لتحذير سكانها.

وقال شاهد عيان، ونازح كان يتواجد في مجمع الشفاء الطبي، إن القوات الإسرائيلية أمرته وثلاثة شبان آخرين بالدخول إلى عدة غرف داخل مجمع الشفاء الطبي، بعد أن ثبتت كاميرات على رؤوسهم، وأجبرتهم على التحرك من خلال إصدار أوامر لهم عن بُعد باتجاه أماكن محددة لفحصها.

وأضاف أنه أجبر على التحرك بأوامر من الجيش الإسرائيلي في مبنى الجراحة العامة داخل مجمع الشفاء الطبي لعدة ساعات متواصلة، قبل أن يتم إخلاؤه بشكل قسري مع زوجته وطفلته، فيما لا يعرف شيئًا عن مصير الشبان الآخرين الذين استخدمهم الجيش الإسرائيلي كدروع بشرية في نفس الحادثة.

وأشار أن الجيش الإسرائيلي حرق عدة مبانٍ داخل مجمع الشفاء، بما في ذلك مخازن للأدوية، وجمع مئات المرضى والنازحين في مبنى واحد بينما نفذ إعدامات ميدانية عديدة في عدة أماكن داخل المجمع.

من جهته، قال المسن "م.ن" وهو في الستينات من عمره إن الجيش الإسرائيلي أجبر نجله البكر بالدخول إلى أقبية مجمع الشفاء وأماكن الصرف الصحي، فيما شاهد معتقلين آخرين وُضعوا داخل مدرعات أثناء القتال، وآخرين تم إجبارهم على الوقوف خلف قوات الجيش وآلياته العسكرية المتمركزة على أطراف مداخل المجمع، لتحصينها ومنع أي استهداف لها.

وأفادت زوجة ممرض أجبرها الجيش الإسرائيلي على إخلاء المجمع دونه باتجاه مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لفريق الأورومتوسطي، إنها شاهدت استخدام القوات الإسرائيلية زوجها كدرع بشري من أجل فتح أبواب أقسام في مجمع الشفاء على مدار عدة ساعات متواصلة، مشيرةً إلى أن مصير زوجها ما يزال مجهولًا، وتخشى من تعرضه للتصفية.

ووثق المرصد الأورومتوسطي إفادات عن سلسلة جرائم ارتكبتها القوات الإسرائيلية في مدينة غزة بشكل منهجي خلال الـ24 ساعة الأخيرة، تشمل عمليات قتل عمد وإعدام خارج نطاق القانون والقضاء، وقطع الاتصالات، وقصف مكثف استهدف المناطق والمنازل المحيطة بمجمع الشفاء الطبي.

وبحسب الإفادات، شملت الاعتداءات الإسرائيلية كذلك تعرية مدنيين واستخدامهم كدروع بشرية، واقتحام للمنازل السكنية، وشن حملات اعتقال من داخلها، وتنكيل بالسكان، بمن في ذلك النساء والأطفال، وإجبارهم على النزوح قسرًا دون رجال العائلة إلى وسط وجنوب القطاع، ومن ثم القيام بحرق منازلهم. 

وقالت "رولا سعد" في إفادة لها: "رأينا الموت بأعيننا. اقتحموا العمارة السكنية التي يقطن بها أهلي، وفجأة وجدنا 50 جنديًّا مسلحًا في منتصف الصالة. أمروا الرجال بخلع ملابسهم والنساء باللحاق بهم. أخذونا إلى الطابق الأول، ووضعوا الرجال في غرفة بجانبنا، قبل أن يأخذوهم إلى مستشفى الشفاء. أما نحن النساء، فأمرونا بالنزول والتوجه إلى المناطق الجنوبية من القطاع"

وأفادت شاهدة أخرى (طلبت عدم الكشف عن اسمها) أن الجيش الإسرائيلي اقتحم منزلها وقت الإفطار في رمضان، وفتشوه، بينما فصلوا النساء عن الرجال وطلبوا من النساء التوجه وحدهن مع أطفالهن إلى المناطق الجنوبية من القطاع، قبل أن يشعلوا النار في المنزل ويحرقوه بالكامل.

ووثق المرصد الأورومتوسطي إعدام القوات الإسرائيلية المسن "فريج وصفي الحلاق" الذي كان يعاني عدة أمراض بينها الزهايمر، خلال تواجده في ساحة مجمع الشفاء الطبي بعد إطلاق النار عليه وتركه عمدًا ينزف لعدة ساعات دون تقديم أي خدمات إسعافية لإنقاذ حياته. 

وأفاد أفراد من عائلة "السيد" التي تقطن في محيط مجمع الشفاء، بأن أكثر من 50 جنديًا إسرائيليًا اقتحموا يوم الأربعاء عمارتهم السكنية وقت موعد الإفطار، وعمدوا إلى إطلاق النار بشكل عشوائي وتكسير الأبواب عليهم، واعتقلوا جميع الرجال قبل أن يطردوا النساء والأطفال بإجبارهم على النزوح إلى جنوبي قطاع غزة دون رجال العائلة، قبل أن يقدموا على حرق العمارة بالكامل.

وتلقى المرصد الأورومتوسطي عدة مناشدات بشأن عمليات تنكيل وتعذيب شديد يتعرض لها مرضى وجرحى كانوا يرقدون للعلاج داخل مجمع الشفاء الطبي، بما في ذلك محاصرتهم وإبقائهم دون علاج أو طعام، وجرهم على الأرض وإبقائهم مستلقين أمام الدبابات، من دون أن يتضح مصيرهم بعد.

في هذه الأثناء، أجبر الجيش الإسرائيلي كذلك مرضى وجرحى كانوا يتواجدون داخل مجمع الشفاء على النزوح دون مراعاة لوضعهم الصحي، متوجهين إلى أقرب عيادة صحية أو مستشفى في ظلّ اقتحامه المجمع واستمراره في اعتقال الطواقم الطبية والتحقيق معهم.

وحول الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء إلى ثكنة عسكرية، والمنطقة المحيطة والشوارع المؤدية إليه إلى منطقة عسكرية وساحة حرب في ظل قصف جوي ومدفعي وإطلاق نار من المسيرات على مدار الساعة.

وفي يوم الأربعاء الماضي، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف المذبحة المستمرة التي يقترفها الجيش الإسرائيلي في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في غزة.

وأبرز الأورومتوسطي شهادة "م. خ"، الذي احتجز لأكثر من تسع ساعات قبل إخلاء سبيله، والذي أكد أن الجنود كانوا يقتادون محتجزين خلف منطقة ثلاجات الموتى في المستشفى، قبل أن تُسمع أصوات أعيرة نارية ويعود الجنود دون المحتجزين.

وقال: "احتجزني الجنود وقيدوا يداي في ساحة المستشفى بعد تعريتي لأكثر من تسع ساعات. خلالها لاحظت تقريبا في أربع مرات أن الجنود اقتادوا مجموعات من المعتقلين أقلها ثلاثة أشخاص وأكثرها عشرة أشخاص، باتجاه مباني المشفى، خصوصًا جهة مبنى الثلاجات الذي كانت توضع به الجثامين سابقًا، وكانت تسمع أصوات أعيرة نارية (طلقان طلقان) ومن ثم يعود الجنود دونهم، ليأخذوا مجموعة جديدة إلى تلك المنطقة". 

وأكد شاهد آخر من النازحين ممن تمكنوا من مغادرة مجمع الشفاء الطبي في الساعات الأخيرة لفريق الأورومتوسطي، أنه شاهد اقتياد قوات إسرائيلية 8 إلى 10 مدنيين فلسطينيين إلى منطقة مشرحة مجمع الشفاء (ثلاجات الموتى)، ثم سمع أصوات إطلاق نار كثيف قبل أن تعود القوات الإسرائيلية أدراجها دونهم.