24-نوفمبر-2015

يشاع أن الفساد في الجامعات يختصر صورة الفساد في مؤسسات الدولة(خليل مزراوي/أ.ف.ب)

تشير كثير من الدلالات إلى تدني مستوى التعليم الجامعي في الأردن، حتى الطلبة أصبحوا يصرحون بهذه الحقيقة. وكي لا يبقى كلامنا في خانة التعميم وإطلاق الأحكام فإننا سنتناول واحدة من أعرق الجامعات الأردنية، نتحدث هنا عن الجامعة الأردنية، أقدم جامعة في الأردن، وتحديدًا عن قسم اللغة العربية، أقدم أقسامها.

تتكرر الأسئلة في الامتحانات ويتغاضى بعض الأساتذة عن الغش داخل الجامعة الأردنية 

يتحدث متابعون لهذا القسم عن ارتفاع متوسط العلامات التي توزع على الطلبة عند الكثير من أساتذة القسم، في الوقت الذي يعاني كثير من الطلبة من مشاكل بسيطة في النحو والإملاء. فهؤلاء الأساتذة يتنافسون بينهم فيمن يضع علامات أكثر لتسويق أنفسهم بين الطلبة في سبيل الحصول على مواد إضافية، فنجد علامات تعطى بصرف النظر عن المستوى، كما يدور الحديث كثيرًا عن أسئلة تتكرر من سنوات سابقة بشكل مقصود أو لتكاسل الأستاذ عن صياغة أسئلة جديدة. فضلًا عن التغاضي عن الغش أثناء الامتحانات، الأمر الذي يجعل شعب المواد التي يدرسها الأستاذ مغلقة دائمًا بسبب الإقبال الشديد عليها.

من ناحية أخرى، ثمة غياب كامل لرؤية واضحة في توزيع المواد على الأساتذة، فمن السهل جدًا أن تجد أستاذًا يدرس مادة لا علاقة لتخصصه بها ولا يمتلك المعرفة لتدريسها. كأن تجد أستاذًا في الأدب القديم يدرّس الأدب الحديث، وتكون حصيلته المعرفية في هذه المادة مجالًا للتندر بين الطلبة، أو كقيام أستاذ الأدب الجاهلي بتدريس مادة "تحليل الخطاب" بينما يقول أحد الطلبة إن مادة المحاضرة كانت عبارة عن شرح بسيط لقصائد من الشعر الجاهلي وآيات من القرآن، كما أن الأستاذ نفسه يجهل أسماء أشهر أعلام تحليل الخطاب مثل ميشيل فوكو.

أمّا فيما يخص مناقشات الرسائل الجامعية فيتم تشكيل لجان المناقشة دون أي معيار واضح، ودون مراعاة التناسق بين التخصص وموضوع الرسالة، كأن تشكل لجنة من أساتذة في النحو واللغة والأدب الحديث ليناقشوا رسالة في النثر القديم. فضلًا عن تكرار أسماء بعينها، وإذا كانت مكافأة المناقشة لا تتجاوز الستين دينارًا، فإن ذلك لا يبرر حضور أساتذة من دون قراءة الرسالة موضع المناقشة.

ويصل الأمر إلى حد الفضيحة حينما نتحدث عن رئيس قسم اشترك في مناقشتين دون حضوره الشخصي، علمًا وأنّه مختص في النحو والدراستان المذكورتان في الأدب الحديث. كما أنه يتدخل في اختيار لجان المناقشة بصرف النظر عن رغبة المشرف والحاجة الأكاديمية للأساتذة الذين يفرضهم على المشرف، الأمر الذي لا يبرره سوى الرغبة في المكافأة وتمريرها للأصدقاء.

كما يشكو بعض طلبة الدراسات العليا من تدخل هذا الأستاذ في اختياراتهم للمشرفين ويوجههم لأساتذة بعينهم حتى لو كانوا من خارج التخصص. إضافة إلى تمرير مخططات الرسائل دون عرضها على لجنة الدراسات العليا التي أصبحت لجنة شكلية لا تقدم ولا تؤخر، لذلك أصبح بعض أعضاء اللجنة يفضلون التغيّب عن اجتماعاتها، بينما فضّل أستاذ بارز في القسم تقديم استقالته احتجاجًا على ذلك. وفيما يخص مجلس القسم فقد صار بلا دور حقيقي فيما يتعلّق بالقرارات الأكاديمية الهامة كالتعيين والنقل بين الأقسام، إذ تمرر القرارات دون الرجوع إلى المجلس أو استشارته.

وإذا كانت هذه الأمور تجري في الجامعات الأردنية التي يفترض أنها تقود الحراك العقلي، لنكتشف أنها مصابة في عمقها وروحها، فكيف لنا بعد ذلك أن نتساءل لماذا تخسر أكبر مؤسسة أكاديمية في الأردن سمعتها ووظيفتها التنموية؟ حتى صار يقال إن الفساد في المؤسسة الجامعية يختصر صورة الفساد في مؤسسات الدولة. وإذا كان هذا الظاهر من المخالفات فكيف بما خفي منها؟

اقرأ/ي أيضًا:

العنف الطلابي..ظاهرة مخيفة في الأردن

الأردن.. المكتبة الجامعية للملائكة فقط