04-فبراير-2023
gettyimages

تُصرّ الولايات المتحدة على أن المنطاد الصيني يستخدم لأغراض تجسس (Getty)

رفضت وزارة الدفاع الأمريكية، التبريرات الصينية التي أشارت إلى أن المنطاد الذي دخل أجواء الولايات المتحدة، الخميس، لم يكن لأغراض التجسس، حيث أشارت بكين إلى أنه يستخدم لأغراض الرصد الجوي. فيما قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بتأجيل زيارته إلى الصين واصفًا وجود "منطاد المراقبة" بالعمل غير المسؤول والمقبول.

أجَّل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، زيارة كانت مقررةً إلى الصين، يومي الأحد والإثنين، وذلك بعد اكتشاف المنطاد الصيني

وقال المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر في إيجاز صحفي  إن "منطاد التجسس الصيني يحلق في اتجاه الشرق، وهو الآن على ارتفاع 18 كلم وسط الولايات المتحدة"، وأضاف رايدر أن "المنطاد لا يشكل حاليًا أي خطر أمني أو عسكري على السكان"، مؤكدًا "نحن نراقب الموقف عن كثب بشأن المنطاد ونبحث الخيارات"، وتابع رايدر أن "الولايات المتحدة نقلت إلى الحكومة الصينية رفضها لدخول المنطاد الأجواء الأمريكية".

واستخدم رايدر عبارة "منطاد التجسس" على الرغم من أن الخارجية الصينية أكدت أنها "تحترم القوانين الدولية، وليست لديها النية لانتهاك أراضي أي دولة أو مجالها الجوي"، وأعربت المتحدثة باسم الخارجية  الصينية، في بيان، عن "أسفها لانتهاك منطاد صيني غير مأهول المجال الجوي الأمريكي"، مؤكدةً أن "الجسم الطائر هو أداة مدنية للبحث العلمي ودخوله المجال الجوي للولايات المتحدة تم عن غير قصد".

من جانبه، قال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية للصحفيين، إنه بناء على طلب الرئيس جو بايدن، بحث وزير الدفاع لويد أوستن وكبار المسؤولين العسكريين إسقاط المنطاد، لكنهم قرروا في نهاية المطاف أن ذلك قد يعرّض الكثير من الأشخاص على الأرض للخطر، وأضاف المسؤول أن "المنطاد حلّق فوق شمال غرب الولايات المتحدة، حيث توجد قواعد جوية حساسة وصواريخ استراتيجية في ملاجئ تحت الأرض".

وتابع المسؤول الأمريكي القول إن "بلاده تراقب المنطاد الذي دخل المجال الجوي الأمريكي قبل يومين بطائرات عسكرية"، وأوضح المسؤول الأمريكي الذي اشترط عدم كشف هويته أن "القصد من هذا المنطاد هو المراقبة، ومساره الحالي يقوده فوق عدد من المواقع الحساسة"، وكشف عن أن "قادة عسكريين أمريكيين درسوا إسقاط البالون فوق مونتانا يوم الأربعاء، لكنهم نصحوا بايدن في نهاية المطاف بعدم إسقاطه بسبب مخاطر الحطام المتساقط"، وأشار المسؤول، أن "البنتاغون لا يعتقد أن المنطاد يشكل تهديدًا استخباراتيًا خطيرًا"، قائلًا "نحن نقدّر أن هذا المنطاد له قيمة مضافة محدودة من منظور جمع المعلومات الاستخبارية".

المنطاد في مونتانا يوم الأربعاء (Larry Mayer/The Billings Gazette, via Associated Press)
المنطاد في مونتانا يوم الأربعاء (Larry Mayer/The Billings Gazette, via Associated Press)

وأشار المسؤول إلى أن المنطاد دخل المجال الجوي الأمريكي "قبل يومين"، مضيفًا أن "الاستخبارات الأمريكية كانت تتعقبه قبل ذلك بفترة طويلة"، وجهزت وزارة الدفاع طائرات مقاتلة، بما في ذلك طائرات من طراز "إف-22"، في حال أمر البيت الأبيض بإسقاط هذا المنطاد.

وعقب توصيات رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الجنرال مارك إيه ميلي، والجنرال بالقوات الجوية جلين دي فانهيرك، وقائد القيادة الشمالية الأمريكية وقيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية، تقرر في الوقت الحالي، السماح للمنطاد بالاستمرار في التحليق فوق الولايات المتحدة ، بدلًا من محاولة إسقاطه.

هذا، وغرد رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، عبر حسابه على تويتر، وكتب "سلوك الصين العدواني هو انتهاك للمعايير الدولية، ويظهر تجاهلًا متهورًا لسلامة المواطنين الأمريكيين". 

دعا رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي وغيره من الجمهوريين بايدن إلى رد قوي. وقال مكارثي على تويتر: "إن تجاهل الصين الوقح لسيادة الولايات المتحدة هو عمل مزعزع للاستقرار يجب معالجته، ولا يمكن للرئيس بايدن أن يصمت".

بدوره، قال السناتور الأمريكي ماركو روبيو، كبير الجمهوريين في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، إن "بالون التجسس مقلق ولكنه ليس مفاجئًا"، وغرد روبيو على حسابه في تويتر، وكتب "مستوى التجسس الموجه من بكين لبلدنا نما نموًا كبيرًا وبشكلٍ أكثر حدة ووقاحة على مدى السنوات الخمس الماضية".

وكانت وزارة الدفاع الكندية قد أعلنت عن رصد "منطاد تجسس في أجوائها، يعتقد أنه للصين"، وأضافت الوزارة  الكندية أنها "تراقب المنطاد بعد أن رصدته في أجوائها، وهو الثاني من نوعه"، وأكدت الوزارة أن "الكنديين بأمان، وكندا تتخذ خطوات لضمان أمن مجالها الجوي"، وتابعت أن "مسؤولين من القوات المسلحة الكندية، ووزارة الدفاع الوطني وشركاء آخرين، يقومون بتقييم الوضع"، وقالت قيادة الدفاع الوطني إن "وكالات الاستخبارات الكندية تعمل مع الشركاء الأمريكيين، وتواصل اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المعلومات الحساسة لكندا من تهديدات المخابرات الأجنبية".

وفي السياق نفسه، أجَّل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، زيارة كانت مقررةً إلى الصين، يومي الأحد والإثنين، وذلك بعد اكتشاف المنطاد الصيني فوق سماء الولايات المتحدة.

getty

وبحسب ما نقلته شبكة "بي بي سي"، الجمعة، حيث قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية، للصحفيين إن "الظروف لم تكن مناسبة لزيارة بلينكن للصين، لكن سيتم التخطيط لزيارة أخرى في أقرب فرصة"، وأضاف المسؤول أن "واشنطن تخطط للإبقاء على خطوط اتصال مفتوحة بشأن الحادث"، الذي وصفه بأنه "انتهاك واضح للسيادة الأمريكية"، لكن المسؤول الأمريكي نفسه شدّد على "عدم وجوب إعطاء الحادث أكبر من حجمه"، مشيرًا إلى أن "بلينكن سيحدد موعدًا جديدًا للزيارة ما أن "تتوافر الظروف المناسبة". وزيارة بلينكن إلى بكين كانت ستكون الأولى لوزير خارجية أمريكي إلى الصين منذ العام 2018، وكانت تهدف إلى تخفيف التوترات بين البلدين.

حيث تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين في اليومين الماضيين، بعد أعلن وزيرا دفاع الفلبين والولايات المتحدة، أن الفلبين منحت الولايات المتحدة طريقًا أكبر وأسهل إلى قواعدها العسكرية.

ويتواجد أوستن في الفلبين لإجراء محادثات وسط رغبة الولايات المتحدة في توسيع خياراتها الأمنية كجزء من محاولة لمنع الإجراءات الصينية ضد تايوان، وخلال مؤتمر صحفي، اعتبر وزير الدفاع الأمريكي، أن "قرار الفلبين صفقة كبيرة في التزام البلدين لتعزيز تحالفهما"، وأضاف أوستن "تحالفنا سيجعل ديمقراطياتنا أكثر أمانًا، وسيساعدنا في الحفاظ على منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومنفتحة". ويأتي القرار على خلفية القلق المتزايد بشأن التوترات بين الصين وتايوان والنزاع الإقليمي في بحر الصين الجنوبي.

getty

ولم يعلن البلدين عن مكان المواقع الجديدة، لكن الولايات المتحدة تأمل منذ فترة طويلة في الوصول إلى جزيرة لوزون الشمالية، والتي يقول محللون إنها قد تمنح القوات الأمريكية موقعًا استراتيجيًا لشن عمليات في حالة نشوب صراع في بحر الصين الجنوبي أو ضد تايوان.

من جهته، تحدث الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور قبل اجتماعه مع أوستن، بأن بلاده "تواجه وضعًا معقدًا بشكل رهيب، وهو أمر لا يمكننا التنقل فيه بشكل صحيح إلا بمساعدة شركائنا وحلفائنا".

بالمقابل، اعتبرت الصين بأن زيادة الوصول إلى القواعد العسكرية في الفلبين "يقوض الاستقرار الإقليمي ويزيد من التوترات"، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "هذه خطوة تصعد التوترات في المنطقة وتعرض السلام والاستقرار الإقليميين للخطر"، وأضاف "على دول المنطقة أن تظل يقظة وأن لا تدع الولايات المتحدة تستغلها".

getty

ويسمح الاتفاق، بين أمريكا والفلبين والذي أُعلن عنه يوم الخميس، لواشنطن بوضع معدات عسكرية وبناء منشآت في تسعة مواقع في جميع أنحاء الفلبين، وهي المرة الأولى منذ 30 عامًا التي سيكون فيها للولايات المتحدة مثل هذا الوجود العسكري الكبير في البلاد.

ويأتي الاتفاق في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن إعادة تأكيد نفوذها في المنطقة وسط جهد أوسع لمواجهة الصين، وتعزيز الشراكات مع الحلفاء الاستراتيجيين وتعزيز العلاقات التي توترت في السنوات الأخيرة.

كما يترافق ذلك مع تزايد المخاوف من غزو صيني محتمل لتايوان، ومن بين الحلفاء الخمسة للولايات المتحدة في آسيا، تعد الفلبين واليابان الأكثر قربًا جغرافيًا من تايوان (بالإضافة إلى أستراليا وكوريا الجنوبية وتايلاند)، حيث تقع جزيرة إيتبايات في أقصى شمال الفلبين على بعد 93 ميلاً فقط.

وفي مؤتمر صحفي، شدد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، على أن هذه المواقع الجديدة ليست دائمة، قائلًا: "غادر آخر الجنود الأمريكيين الفلبين في التسعينيات، ومن المخالف الآن لدستور البلاد أن تتمركز القوات الأجنبية بشكلٍ دائم هناك".

قال باحث زائر في كلية لي كوان يو للسياسة العامة في جامعة سنغافورة الوطنية ومسؤول دفاع أمريكي سابق لـ"نيويورك تايمز" إن الفلبين هي أقدم حليف للولايات المتحدة في آسيا، وتعمل واشنطن على تعزيز وجودها في البلاد بعد تدهور العلاقات خلال فترة ولاية الرئيس السابق رودريجو دوتيرتي التي استمرت ست سنوات، والتي انتهت العام الماضي". وجاء هذا التدهور نظرًا لتاريخ أمريكا الاستعماري في البلاد.

getty

وتساهم الصفقة في يخلق أكبر وجود عسكري أمريكي هناك منذ عقود،، وهي علامة على  عودة العلاقات الدافئة بين البلدين، سيكون لها تداعيات استراتيجية في حالة اندلاع صراع في تايوان أو بحر الصين الجنوبي.

لماذا الاتفاقية مهمة لأمريكا؟

الاتفاقية الجديدة بين الفلبين والولايات المتحدة، هي توسيع لاتفاقية بين البلدين وقعت عام 2014 وهي اتفاقية التعاون الدفاع المعزز، والتوسيع الجديد يسمح لواشنطن بوضع معدات عسكرية وقواتها في تسعة مواقع عسكرية فلبينية، بدلًا من أربعة مواقع في الاتفاق الأصلي، ومدته 10 سنوات. سيسمح التغيير بشكل أساسي للولايات المتحدة بتأسيس أكبر وجود عسكري لها في البلاد منذ 30 عامًا.

وترتبط الاتفاقية الجديدة، والوجود الأمريكي في المنطقة أساسًا، في الصراع على مستقبل تايوان، التي ارتفع التوتر حولها منذ أن زارت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي الجزيرة، مما دفع بكين إلى تكثيف نشاطها في المنطقة، والقيام بمناورات عسكرية استمرت لعدة أيام بالذخيرة الحية.

يقول المسؤولون الأمريكيون إن الوصول إلى الجزر الواقعة في أقصى شمال الفلبين أمر بالغ الأهمية لمواجهة الصين في حالة وقوع هجوم على تايوان القريبة. واحدة من الجزر الفلبينية هي لوزون، والتي تعد من الأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد، لكن لديها منشآت عسكرية يمكن أن تستوعب القوات الأمريكية والطائرات المقاتلة.

الاتفاقية الجديدة بين الفلبين والولايات المتحدة، هي توسيع لاتفاقية بين البلدين وقعت عام 2014 وهي اتفاقية التعاون الدفاع المعزز، والتوسيع الجديد يسمح لواشنطن بوضع معدات عسكرية وقواتها في تسعة مواقع عسكرية فلبينية

ويمكن أن يكون للاتفاقية الجديدة تداعيات أيضًا في بحر الصين الجنوبي، الذي يضم بعضًا من أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم، وهو ممر بحري تطالب بكين بسيادة واسعة عليه، وتحشد قواتها العسكرية فيه، فيما تسعى الفلبين إلى جانب إندونيسيا وفيتنام إلى التقليل من النفوذ الصيني فيه.