20-نوفمبر-2023
رجل خلف علم فلسطين يحمل هاتفًا

يحبّ الأمريكيون "تيك توك" ويحبّهم، وهو تطبيق الأمريكيين "المختار" بلا منازع. فالسوق رحبة هناك ونشيطة وتحبّ كلّ جديد، وقطاع الأعمال يستوعب كل أداة تواصل تعزّز وصول المنتجات لقطاعات أوسع من المستهلكين من مختلف الفئات، في مجتمع استهلاكي ذي قدرة شرائية عالية. فهذه السوق هي الأهمّ على الإطلاق للتطبيق الذي ارتبط اسمه بالصين، الغريم والمنافس الجيواستراتيجي الأكبر للولايات المتحدة، والرافد الأبرز لتطوّره وتعزّز إيراداته وتوسّع تأثيره. فعدد المستخدمين يتجاوز 150 مليون مستخدم، وهو ثمرة استثمار ضخم ومثابر وطموح، ضمن رؤية صينية يجري تطبيقها بأيد أمريكية، من مكاتب الشركة المحليّة التي يعمل بها أكثر من 7،000 موظفة وموظفة. كانت الرؤية لدى الصينيين واضحة لا لبس فيها: المنصّة التي تنجح في بلاد السليكون فالي، الأرض التي أينع فيها فيسبوك وإنستغرام وتويتر، ستنجح حتمًا في كلّ أرض سواها.

لكن قد شذّ عن حب هذا التطبيق في الولايات المتحدة واشنطن وحدها ومشرعوها. فهم يكرهونه ويقعدون له كل مرصد، ويسعون منذ سنوات إلى حظره. وهو ما تخشاه "بايت دانس"، المالكة للتطبيق، وتبذل دونه كلّ إجراء وخطوة احترازية ومبادرة استباقية تحول دون بلوغ هذه النقطة، وعلى نحو لا تفعله في أية دولة أخرى في العالم. ومن باب إظهار حسن النوايا، عمدت الشركة إلى استثمار مقدار 1.5 مليار دولار أمريكي من أجل تشييد مركز للبيانات الخاصة بالمستخدمين الأمريكيين حصرًا، وداخل حدود الولايات المتحدة، لتبديد أية شكوك حول تسريب بيانات المستخدمين الأمريكيين، وتفنيد أي اتهام بأن التطبيق بوّابة صينية للتجسّس عليهم كما يدعي شيوخٌ في الكونغرس، إضافة إلى التعهّد بوضع إطار قانوني شامل ومفصّل، للتأكيد على خصوصيّة المستخدمين الأمريكيين وحمايتهم عبر آليات شديدة الوضوح، غير متوفّرة حتى في التطبيقات الأمريكية. كما امتثل الرئيس التنفيذي للشركة، "تشو تشيو"، إلى طلبات الكونغرس الأمريكي للإجابة على سيل من الأسئلة (الساذجة) حول التطبيق وخطره على الأمريكيين والأمن القومي الأمريكي، وهي أسئلة كانت كفيلة بالكشف عن أنّ الموقف السلبي من "تيك توك" سياسيّ وحسب، وأن محاولة تعجيزه مدفوعة بحمائيّة تقليديّة للشركات الأمريكية الكبرى التي باتت تستشعر التهديد الذي يمثّله التطبيق على هيمنتها في قطاع التقنية ومنصات التواصل، لما يحقّقه من نموّ ساحق متصاعد، سواء في عدد مستخدميه أو الوقت الذي ينفقونه على استخدام مزاياه العديدة، أو فئاتهم المتعددة التي شملت الكبار بعد أن جذبت الصغار واليافعين قبلهم، ولاسيما مع توسّع استخداماته من مجرّد تطبيق خفيف للتسلية والترفيه والمسخرة، إلى تطبيق للتعليم والنقاش والمناصرة الرقمية ومراجعة الكتب وتعليم الطبخ والموسيقى، ونقاش الفلسفة والتاريخ، وأخيرًا السياسة. وهذا ما جعل التطبيق حقل تجارب جديدًا لحملات التضليل والفبركة والبروباغاندا، لا يختلف في ذلك البتّة عن أية منصّة أمريكية، باستثناء أنّ هذه الأخيرة قد سبقته في ذلك بسنوات مديدة وفضائح كبرى عديدة.

لم يترك شيوخ الكونغرس سببًا إلا أوردوه في سبيل التضييق على "تيك توك" والدفع من أجل حظره، ويشترك في ذلك الديمقراطيون مع الجمهوريين بلا فارق كبير يذكر، ومن منطلق يناقض كل ادعاءات ريادة الأعمال في الولايات المتحدة، واستبقاء أي مشروع مفيد أيًا كان أصله وجنس القائمين عليه، ما دام لا يخالف القانون، ويقدّم خدمة مباشرة في توظيف آلاف الأمريكيين، ويهتم به ملايين منهم في الترفيه والتعليم والدعاية. فالتطبيق في نظرهم بات بمثابة "رمز" مزعج يدلّ على اختراق صيني للجسديّة التقنية الأمريكية الممثلة في شركاتها الكبرى المهيمنة، التي تخلخلت هيمنتها هذه مع صعود التطبيق الصيني وشعبيته أمريكيًا وعالميًا، رغم اطمئنان طويل لكونها هي وحدها من يصدّر ويرسم نمط الاستهلاك في هذا الفضاء الرقمي الذي يراد له أن يكون أمريكيًا فقط، وحده لا شريك له. فكيف بها وهي ترى على عينها صعود تطبيق يكاد يكون الأقرب إلى عموم الأمريكيين من أي تطبيق محليّ على الإطلاق في عدة مقاييس، وأقرب إليهم ممّا عليه الحال في نطاقات جغرافية سبق حضور التطبيق وانتشاره فيها، كاليابان والفلبين وماليزيا. (صحيحٌ أن هذا مرتبط بحقيقة أن التطبيق انطلق من استحواذ "بايت دانس" على تطبيق "ميوزيكالي"، الذي كانت له قاعدة معتبرة من المستخدمين في الولايات المتحدة، إلا أنّ لشعبية التطبيق بين الأمريكيين أسبابًا ذاتية عديدة أخرى).

تيك توك والحرب على غزّة

يعيدنا هذا إلى الجملة الأولى التي افتتحت بها المقال، عن هذا الحبّ، وكونه مشتركًا ومتبادلًا من الطرفين، وما يعنيه ذلك من استعداد لتقديم التنازلات اللازمة لاستدامته وتجنّب قطع بواعثه وموجباته. فالشركة تحبّ الأمريكيين، لأنهم سببٌ في نجاحها وتنامي إيراداتها وأرباحها، ويدل على ذلك استمرار هجرة أجيال جديدة من المستخدمين والمؤثرين إلى "تيك توك"، وفي اتجاه تصاعدي ثابت منذ بضع سنين. وبالنظر إلى هذا التعالق بين الطرفين وأهمّيته، أبدت "تيك توك" تنازلات عديدة للمشرّع الأمريكي، كما أوضحنا أعلاه، وهي تنازلات حصريّة في الولايات المتحدة، لم تضطر الشركة إلى تقديمها في أية سوق كبيرة أخرى أين تنشط، بما في ذلك السوق الأوروبية.

وإبّان الحرب الإسرائيلية الوحشيّة على قطاع غزّة (وآمل عند هذه النقطة أن يكون لكلمة "وحشيّة" أي أثر لدى القارئ مع استطالة أمد الجريمة المروّعة التي راح ضحيتها زهاء 13،000 شهيدة وشهيد نصفهم أطفال) برزت فرصة جديدة سانحة لواشنطن لشن جولة جديدة من ابتزاز العملاق الصيني الغريب وعصر المزيد من التنازلات منه، وهذه المرّة عبر بوابة "إسرائيل" وتهمة "معاداة الساميّة" التي أفرطت إسرائيل ومعها أوروبا والولايات المتحدة في صهينتها، واستخدامها في غير مكانها، حتى باتت مفرّغة من كل طاقة أخلاقية عدا طاقتها الابتزازيّة التي باتت مكشوفة بما ينضح عنها من تفوّقية عرقيّة لا تتورّع عن قول أي شيء أو فعل أي شيء. 

فالتهمة التي يواجهها "تيك توك" اليوم لم تعد تتعلق بالتجسّس ولا التعريض ببيانات المستخدم الأمريكي، بل باتت تتمثل في أن التطبيق يحابي الفلسطينيين وقضيتهم، وأن خوارزمياته تعزّز وصول المحتوى الداعم للرواية الفلسطينية (اقرأ: المعادية للسامية بحسبهم) بحسب ادعاءات إسرائيلية تلقّفتها جماعات ضغط عديدة في الولايات المتحدة، ووجدت لها صدى وتأييدًا بين عشرات صانعي المحتوى اليهود المعروفين على المنصّة، وجدت فيهم آلة الدعاية الإسرائيلية أسلحة ملائمة لوضع كتلة ضغوط جديدة على إدارة تيك توك في الولايات المتحدة، لإرغامها على اتخاذ خطوات عملية لاختيار جانب الاحتلال، والبرهنة على ذلك عبر تضخيم رواية مضادّة تبيّض الحرب الدمويّة على قطاع غزّة، والحدّ من وصول كل الأصوات التي لا تنطلق من هذه السرديّة وتتفق معها. 

كان من بين هؤلاء ساشا بارون كوهين- وهو ليس من المؤثرين اليهود على تيك توك، لكّنه اختير ليمثلهم- وقد تصدّر مجموعة من صناع المحتوى اليهود المتعاطفين مع إسرائيل، للحديث إلى الإدارة العليا لتيك توك في الولايات المتحدة. اشتكى الرجل وتذمّر، وندب هذه الشعبية التي ينالها الفلسطينيون على تيك توك، وبدا وكأنّه ناطق باسم جيش الاحتلال، مستخدمًا نبرة محتدّة وغاضبة كأنك تسمعها من مارك ريغيف وأمثاله. وقد قال كوهين- الذي يعدّ أحد أبرز المروّجين للصور النمطيّة المغلوطة عن العرب والمسلمين- بعبارة متوتّرة ما معناه: "يعمل تيك توك على تشكيل أكبر حركة معادية للسامية منذ النازيّة"! ثم وجّه كوهين كلامه إلى آدم بريسر، مدير العمليات في تيك توك (وهو يهودي)، وسيث ميلنيك، مدير عمليات المستخدمين (وهو الآخر يهودي أيضًا)، وقال لهما بحسب ما نقلت نيويورك تايمز: "عار عليكم! يمكنكم بنقرة واحدة أن تضعوا حدًا لمعاداة الساميّة على المنصّة".

حملت المكالمة التي نقلتها نيويورك تايمز، بتفاصيلها ومفرداتها ولوازمها التضليلية المكرورة حدّ الدهشة، بصمات الدعاية الإسرائيلية الرسمية التي تداعت شرعيّتها تداعيًا حرًا في الأيام الماضية، بعد سلسلة الفضائح الممتدة من مستشفى الرنتيسي حتى مجمع الشفاء، والإخفاق الذريع في تقديم أية رواية متماسكة حول وجود نشاط عسكريّ فيهما واكتشاف أن ذلك كلّه محض أكذوبة سافلة (سافلة حقًا، بلا مواربة نظرًا لما تبعها من مجازر وحشية)، عدا عن التكشّف المتواصل لحجم الموت الفاحش الذي وقع على الفلسطينيين في غزّة، لحشرهم في جنوب القطاع تمهيدًا ربّما لتهجيرهم واغتصاب أرضهم كاملة، بعد اغتصاب حقهم في الحياة فيها.

بدت المكالمة بهذه التوليفة من الادعاءات والابتزاز الأخلاقي وصفة مثالية للمشرّعين الأمريكيين المكلّفين بالضغط على تيك توك والحالمين بالعثور على ما يساعدهم من أجل التصعيد ضده وصولًا إلى نقطة حظره و"حماية الأمريكيين" (والآن إسرائيل) من شروره، ولكن هذه المرّة بلغةٍ صهيونيّة يتقنونها جيدًا، بعيدًا عن لغة التقنية والبيانات والمودمات التي أثبتت استجواباتهم السابقة لقادة الشركة جهلهم المطبق بها. كان من بين هؤلاء نيكي هالي، وجوش هولي، ومايك غالاغر، وماركو روبيو، وغيرهم. وهذا الأخير، أي روبيو، هو الذي بادر أخيرًا بالتقدم بمشروع قانون لحظر تيك توك، وقال في بيان تحريضي: "هذا تطبيق يتحكم بخوارزمياته نظام يكره أمريكا ويعرف كيف يستخدمها من أجل بثّ الفتنة بين الأمريكيين وإضعاف روحهم المعنويّة.. كان حريًا بنا أن نحظر هذا التطبيق منذ وقت طويل، ولكن ما يحصل اليوم أيقظنا من جديد".

وقد انضمّت إلى الجوقة المطالبة بحظر التطبيق مؤسسة "إيه دي أل" الصهيونية (رابطة مكافحة التشهير)، وهي رابطة عتيقة (تأسست عام 1913) معروفة بتصيّدها لأي خطاب ينتقد الاحتلال ويدعم فلسطين، ولها علاقاتها المشبوهة الموثقة على مدى العقود الطويلة الماضية كجماعة ضغط مع السياسيين الأمريكيين وحملاتهم الانتخابية، ومع الصحفيين ورؤساء التحرير في الصحف الكبرى ومجالس إداراتها، ولها دورها ونشاطها السامّ الذي يتعدّى دعم إسرائيل والتحشيد لها، إلى مناهضة أيّ حراك مدنيّ حقوقي لأية جماعة مضطهدة، بما في ذلك حراك الأمريكيين السود، والطلبة، والحراكات المناهضة للحروب الأمريكية، مثلها في ذلك مثل جماعة "آيباك". وقد نشرت الرابطة تقارير عديدة حول النشاط المعادي للساميّة/إسرائيل و"المؤيّد لحماس" (اقرأ: الفلسطينيين) على تيك توك ويوتيوب وتويتر، وبدرجة أقل على التطبيقات التابعة لشركة ميتا، وهو ما يعني أنّ التطبيق الصيني إمّا أنّه يروّج بشكل متعمّد للمحتوى المساند لفلسطين في الولايات المتحدة بهدف "غسل دماغ الشباب الأمريكي" بحسب تعبيرها، أو أنّ آليات إدارة المحتوى فيه لا ترقى إلى اعتبار المنصّة "آمنة" من وجهة النظر الصهيونية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن ثمّة حضورًا يهوديًا في المناصب الإدارية العليا في تيك توك في الولايات المتحدة، وكأنّ ذلك "رسم عبور" للشركة وإشارة لفهمها لعلاقات القوى والتأثير في المؤسسة الأمريكية واستعدادها المبدئي لاستيعاب أشكال الضغط والابتزاز المتوقعة في سياق أمريكي ينزاح بشكل متزايد نحو اليمين الشعبوي، ولاسيما مع صعود دونالد ترامب في الآونة الأخيرة، والذي كان أبرز من هدّد بالفعل بفرض حظر كامل على التطبيق أو إرغام الشركة الأمّ على بيعه لشركة أمريكية! ضمن هذا السياق تعاملت الشركة مع هذه الاتهامات الجديدة وحاولت دفعها، وبالاعتماد على شرعيّة التمثيل اليهودي في إدارتها العليا، بحذر بالغ وهدوء شديد، وذلك عبر بيان مصوغ بعناية صينية دقيقة، يقر أننا إزاء "فترة حرجة ومخيفة لملايين الناس حول العالم في مجتمع تيك توك" وأن إدارة الشركة حريصة على "اللقاء بصناع المحتوى وقادة المجتمع المدني وخبراء حقوق الإنسان ومختلف المعنيين ذوي الاهتمام للاستماع إلى تجاربهم وآرائهم وتحديد أفضل السبل ليبقى تيك توك حيزًا للاكتشاف والمشاركة والتعايش".

ليس "تيك توك" من يحبّ فلسطين، بل مستخدموه

لكن، ومع تصاعد حدّة هذه الانتقادات المتحاملة ضدّ المنصّة لما فيها من محتوى مناصر للفلسطينيين، وتزايد الدعوات من واشنطن وجماعات الضغط اليهوديّة للاستعجال في حظرها، اضطرّت تيك توك إلى قول ما كان يجب قوله من البداية: المشكلة ليست في خوارزمياتنا، بل إن الناس، والشباب بشكل خاص، يؤيّدون فلسطين، وهذا هو السبب الأساسي لانتشار المحتوى الذي يصنعونه.

فوفق بيان للشركة صدر الأسبوع الماضي، بعنوان "الحقيقة حول وسوم ومحتوى تيك توك خلال حرب إسرائيل وحماس"، أوضحت تيك توك أنّها قد لمست ميلًا لدى المستخدمين الشباب لتأييد فلسطين، وأن ذلك لا علاقة بالمنصّة ولا خوارزمياتها، بل إن هذه الاتجاهات قائمة حتى قبل إنشاء المنصّة. لتأكيد ذلك استشهدت الشركة في بيانها لاستطلاع أجرته مؤسسة "غالوب" عام 2010 (أي قبل سنوات عديدة من إطلاق التطبيق) يظهر تعاطفًا أكبر تجاه فلسطين بين فئة الشباب [الأمريكيين] مقارنة بالنسب المسجلة بين الأجيال الأكبر من الأمريكيين. وبما أنّ النسبة الساحقة من مستخدمي التطبيق هم من شباب من جيل الألفية وأصغر، فإنّه من الطبيعي بحسب بيان الشركة، أن يلاحظ المتصفّح كثافة في المنشورات المؤيّدة لفلسطين وحجم التفاعل معها، ولاسيما خلال هذه الفترة، دون أن يكون لخوارزميات المنصّة أي تأثير على تفضيل جانب دون آخر.

كما فنّد البيان تلك الادعاءات حول قيام المنصّة بتنشيط وزيادة الوسوم المؤيدة لفلسطين لتحقيق المزيد من المشاهدات عليها. فالوسم (الهاشتاغ) لا تضيفه المنصّة بل يضيفه صانع المحتوى نفسه ولا تتحكم الشركة بذلك. وقد أوضحت تيك توك بأن ارتفاع المشاهدات على وسم مثل (#freepalestine) يتعلق بنطاق المستخدمين المعنيين بالوسم، وهم في كل مكان في العالم، وليس في الولايات المتحدة وحسب، كما أنّ تاريخ إنشاء مثل هذه الوسوم واستخدامها يعود لسنوات عديدة قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وعليه فإن استخدام البيانات المتعلقة بالوسوم ليس منهجية دقيقة لنسج ادعاءات حول التطبيق للضغط عليه وصولًا إلى التخلص بالكامل منه على هواتف الأمريكيين.

هذا لا يعني بطبيعة الحال أن المحتوى الفلسطيني على "تيك توك" لا يواجه تقييدات ومحاولات لكبح نموّه، بل يمكن القول إن إنّ هذه الملحوظية الطاغية للمحتوى الداعم لفلسطين تحصل على الرغم مما أعلنت عنه الشركة من حذف حوالي مليون مقطع فيديو نشر من مستخدمين "من منطقة الصراع"، أي من العرب (اليافعين) المتضامنين مع الفلسطينيين، والمؤشرات التي أعلنت عنها الشركة من استعدادها لفعل المزيد للتضييق على المحتوى الفلسطيني. فعدد المشاهدات على وسم (#freepalestine) يتجاوز 25 مليار مشاهدة، مقابل أقل من نصف مليون مشاهدة على وسم (#standwithisrael)، وهي أرقام تثبت من جهة فشل الدعاية الإسرائيلية وحدودها حتى في الولايات المتحدة، كما تثبت من جهة أخرى أن الحرب الهمجيّة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة، وصمود أهلها وعدالة قضيّتهم، قد أنعش بداهة إنسانيّة سليمة في العالم أجمع، تتجاوز كل المعجم الصهيوني المضلل في توصيف الصراع والتعمية على سياقه وجذوره.