21-نوفمبر-2015

لا يحب هذا العيد سوى الإنجليز (غريغ وود/أ.ف.ب/Getty)

مباريات "البوكسينغ داي" في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، تُنافِس بوجودها أَعيادَ الميلاد ورأس السنة، وتُشغِل بريطانيا وكل مشجعي ومتابعي كرة القدم حولَ العالم. التَقليدُ البريطانيُّ الفريد يعود إلى عام 1860، وليس كما يشاع أنّه بدأ عندما تأسّسَ الدوري الإنجليزي الممتاز، بالمسمى الجديد مطلع تسعينيَّات القرن الماضي، وجمعت المُباراة الأولى في هذه الجولة بين اثنين من أعرق الأندية في العالم وقتها هما "شيفيلد" و"هالام".

 جولة "البوكسينغ داي"، باتت مع توالي السنين ثقافة شعبيّة راسخة في بريطانيا، وبُعدًا من هويَّة الكرة الإنجليزيّة، وتُقام هذه الجولة في اليوم السادس والعشرين من الشهر الأخير من السنة "ديسمبر"، لا تنظَّم مبارياتُها في يوم واحد فحسب، بل في توقيت واحد أيضًا. تمتدّ مباريات "البوكسينغ داي" إلى ستة أيام تبدأ من "البوكسينغ داي" وتنتهي بعد اليوم الأوّل من السنة الجديدة "نهاية مباريات يوم السنة الجديدة".

 وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أصل الكلمة وتفسيرها، وما تجتَمِع عليه الغالبيّةُ العظمى في بريطانيا، أنَّ الاسم جاء نسبة لصناديق الهدايا التي تتبادلها العائلات، والموظفون والأصدقاء في أعياد الميلاد "الكريسماس" ورأس السنة، حيث يَتِمّ جمع هذه الصناديق في اليوم التالي "يوم السادس والعشرين من الشهر الأخير"، لذلك سمّي هذا اليوم بيوم الصناديق BOXES.

بات لمباريات البوكسينغ داي إشعاع اجتماعي ويتم انتظاره من كل أنحاء العالم

 وفي هذا اليوم أيضًا يقوم المشجّعون بتبادل علب الهدايا فيما بينهم، ويحضرون بأعداد كبيرة إلى مدرّجات الملاعب، وهو ما يجعل نسبة مشاهدة المباريات في هذا اليوم مرتفعة للغاية كونه يوم عطلة. ومن عادات هذه المباريات أيضًا حضور العائلات والأصدقاء إلى المباريات على غير عادة، مرتدين الثياب الفولكلوريّة، والقبعات الحمراء كعادات شعبيّة في كرة القدم الإنجليزيّة، وهذا ما يجعل الدوري الممتاز مميَّزًا عن باقي الدوريّات في العالم.

 في أيّام "البوكسينغ داي" تتوقف جميع النشاطات في بريطانيا باستثناء مباريات كرة القدم، ولا تُلغى هذه المباريات إلّا في حالات شديدة الاستثنائيّة، كالأحوال الجويّة الصعبة، أو إضراب القطاع العام، وهو ما حصل مُنذُ سنوات، عندما طالب نادي آرسنال بتأجيلِ مباراتِهِ التي كانت مقرّرة في السادس والعشرين من الشهر الأخير بسبب إضراب عمّال الـ"مترو".

في عام 1960 تمّ تسجيل 66 هدفًا في عشر مباريات بيوم واحد

 ما يضفي جماليّة أكبر على مباريات "البوكسينغ داي" أنّ معظمها يكون "ديربي"، أيّ بين فريقي المدينة الواحدة، وهو ما يضفي حماسة وتشويق كبيرين، إضافة إلى عدد كبير من الأهداف، وهو ما يطلبه المشجعون والعشاق. وشهدت مباريات العام 1960 أكبر عدد من الأهداف بمعدل ستة وستين هدفًا في مباريات "البوكسينغ داي" العشر، وفي يوم واحدٍ أيضًا هو يوم السادس والعشرين من ديسمبر، وجاءت النتائج على الشكل التالي:

"خسارة المان يونايتد أمام بيرنلي 6-1 وخسارة تشيلسي أمام بلاكبول 5-1 وفوز فولهام على إبسيوتش تاون 10-1 وفوز ليفربول على ستوك سيتي 6-1 وفوز بلاكبيرن على ويستهام 8-2 وتعادل نوتنجهام فورست أمام شيفيلد يونايتد 3-3 وفوز ليستر على إيفرتون 2-0 وتعادل توتنهام مع ويست برومتش 4-4 وتعادل ولفرهامبتون مع أستون فيلا 3-3 وفوز شيفيلد ونزداي على بولتون 3-0".

ورغم جماليّة وعراقة مباريات "البوكسينغ داي" إلّا إنّها لا تلاقي استحسانًا من اللاعبين والمدربين غير الإنجليز، الذين يلعبون ويدربون في بريطانيا، وذلك لأنها تمنعهم من السفر وإحياء الأعياد مع عائلاتهم كما في كلّ العالم، ولكن كلّ الثورات الثقافيّة على هذا الدستور البريطاني باءت بالفشل، واستمرت مباريات "البوكسينغ داي" كثقافة إنجليزية راسخة غير قابلة للكسر، حتى أن اللاعب الإنجليزي الرائع دايفيد بيكهام علّق على هذه المباريات بعد رحيله إلى ريال مدريد في إسبانيا، وقال "عندما تركت إنجلترا وذهبت إلى مدريد أصبحت في كلّ عام أحيي العيد".

اقرأ/ي أيضًا:

هل انتهى العصر الذهبي لفتى إنجلترا الذهبي؟

عَجائِزُ الكُرة.. ملوك التَدريب