26-مايو-2024
الاقتصاد السوري

انكماش معدلات النمو في الاقتصاد السوري

توقع البنك الدولي انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في سوريا بنسبة 1.5% في عام 2024. وذكر أنه في عام 2022 طال الفقر 69% من السكان. ووصل معدل الفقر المدقع إلى نسبة 27% ، مرتفعاً من مستوى ضئيل للغاية في عام 2009.

وأظهر تقريران جديدان للبنك الدولي صدرا يوم الجمعة أن "الصراع في سوريا المستمر منذ أكثر من 10 سنوات"، أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي بالفعل في عام 2023، كما أدى إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية. وأسفر استمرار النقص في التمويل ومحدودية المساعدات الإنسانية، إلى زيادة استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة.

شدد تقرير البنك الدولي أيضاً على أن التحويلات المالية تمثل شريان حياة بالغ الأهمية للأسر السورية، مع انكماش معدلات النمو واستمرار تدهور معدلات رفاه الأسر السورية

وتناول تقرير للبنك الدولي بعنوان: "المرصد الاقتصادي لسوريا، ربيع 2024: الصراع والأزمات وانهيار رفاه الأسر" السمات الرئيسية لسياسات الاقتصاد الكلي في سوريا، واضعًا إياها في سياق "الصراع الدائر داخل سوريا وفي المنطقة بأسرها". وعرض القسم الخاص من التقرير النتائج التي خلص إليها تقرير حول الفقر بعنوان "رفاه الأسر السورية بعد عقد من الصراع" والذي قدم تقييماً لبعض تداعيات الصراع في سوريا على مستويات الرفاه، وسلط الضوء على التغيرات في عدد من نواتج الرفاه بين فترة ما قبل الصراع (2000-2010)، وصيف عام 2022، عندما تم إجراء أحدث مسح في إطار برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية.

ونوّه البنك الدولي إلى استمرار الوضع الاقتصادي في سوريا في التدهور في عام 2023. وتراجع النشاط الاقتصادي، واستدل بذلك من انخفاض انبعاثات الأضواء الليلية، بنسبة 1.2% على أساس سنوي، وخاصة على طول الحدود الغربية لسوريا، وعزا ذلك جزئياً إلى ضعف النشاط التجاري.

كما استدل البنك الدولي في تقريره على بيانات إحراق الغاز ليلاً، والتي شهدت أيضاً انخفاضاً بنسبة 5.5% على أساس سنوي في إنتاج النفط، ويعود ذلك جزئياً إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الزلازل والصراعات على حد قوله.

وأشار البنك الدولي إلى أنه وعلى الرغم من التحسن الذي شهده الإنتاج الزراعي بسبب تحسن الأحوال الجوية في عام 2023، فقد أثر الصراع بشدة على قطاع الزراعة مع نزوح أعداد هائلة من المزارعين والأضرار الواسعة النطاق التي لحقت بالبنية التحتية وشبكات الري، مما أدى إلى انخفاض في المحاصيل.

وحسب البنك الدولي فقد أثرت الاضطرابات المرتبطة بالصراع تأثيراً شديداً على التجارة الخارجية. وأدى انهيار الإنتاج الصناعي والزراعي المحلي إلى زيادة اعتماد سوريا على الواردات. كما زاد الاعتماد على الواردات الغذائية مع "نشوب الصراع"، حيث انخفضت قيمة الليرة السورية انخفاضاً كبيراً بنسبة 141% مقابل الدولار الأمريكي في عام 2023، وفي الوقت نفسه تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تضخم أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 93%، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب خفض الدعم الذي تقدمه الحكومة. ومع تباطؤ الاقتصاد، لا تزال إيرادات المالية العامة تسجل تراجعاً.

 تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تضخم أسعار المستهلكين في سوريا عام 2023  ارتفع بنسبة 93%

وتوقع عدد ربيع 2024 من تقرير المرصد الاقتصادي لسوريا أن يستمر الانكماش الاقتصادي، الذي طال أمده، في عام 2024. ومع تعرض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لحالة غير مسبوقة من عدم اليقين حسب البنك الدولي، فمن المتوقع أن ينكمش بنسبة 1.5% في عام 2024، إضافة إلى التراجع الذي بلغ 1.2% في 2023. ومن المتوقع أن يبقى الاستهلاك الخاص في تراجع، مع استمرار تآكل القوة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار.

كما يتوقع البنك أن يستمر ضعف الاستثمار الخاص في ظل عدم استقرار الوضع الأمني والضبابية في المشهد الاقتصادي وعلى مستوى السياسات. ومن المتوقع أن يبقى التضخم مرتفعاً في عام 2024 بسبب الآثار الناجمة عن انخفاض قيمة العملة، فضلاً عن العجز المستمر في أرصدة العملات الأجنبية، واحتمال إجراء مزيد من الخفض في دعم الغذاء والوقود.

وحسب التقرير الذي عرضه البنك الدولي، فإنه في عام 2022، طال الفقر 69% من السكان، أي نحو 14.5 مليون سوري. وعلى الرغم من عدم وجود الفقر المدقع فعلياً قبل اندلاع "الصراع"، لكنه طال أكثر من واحد من كل أربعة سوريين في عام 2022، وزاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال فبراير/شباط 2023. وقد ساهمت عدة عوامل خارجية، لا سيما الأزمة المالية في لبنان عام 2019، وجائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، في زيادة تراجع رفاه الأسر السورية في السنوات الأخيرة.

ووفقا للتقرير، فإن للفقر في سوريا دلالة مكانية قوية. فأكثر من 50% من الفئات الأشد فقراً يعيشون في ثلاث محافظات فقط (حلب وحماة ودير الزور)، وتسجل المحافظات في الجزء الشمالي الشرقي من سوريا أعلى معدل لانتشار الفقر. أما الأسر التي تعيلها نساء والأسر النازحة داخلياً، فهي الأكثر عرضةً لمخاطر الفقر.

وشدد تقرير البنك الدولي أيضاً على أن التحويلات المالية تمثل شريان حياة بالغ الأهمية للأسر السورية. ويرتبط إرسال التحويلات من الخارج بانخفاض معدلات الفقر المدقع على نحو يقدر بـ 12 نقطة مئوية وانخفاض في معدلات الفقر يقدر بـ 8 نقاط مئوية.