17-مايو-2016

البحث عن دوبلير جديد للدولة في الجامعات(Getty)

في مصر، بدأ موسم تسليم الرايات. في الجامعات، الوجوه القديمة إلى زوال. لا بقاء لطلاب الإدارة، الاسم العابر للعصور الذي يطلق على التابعين لوزارة التعليم العالي بالقاهرة. الدولة تريد صناعة طلاب جدد، حتى الذين جاؤوا من عهود قديمة، وقدَّموا فروض الولاء والطاعة يتلقون حاليًا "خطابات استغناء". هذا الدور، خلال فترة انتخابات اتحاد الطلاب الأخيرة، المعطّلة نتائجها حتى الآن بأمر أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي، أدَّاه ائتلاف "صوت طلاب مصر"، الذي فشل في الحصول على أصوات تؤهله لكرسي رئيس اتحاد طلاب مصر.

بعد حرق ورقة "بدران"، بدا "صوت طلاب مصر" ورقة محروقة أيضًا وقررت الدولة لعب ورقة "طلاب تحيا مصر"

اقرأ/ي أيضًا: قوانين السيسي لجامعات مصر.. "للخلف در"

يعلق عمرو الحلو، رئيس اتحاد طلاب مصر المنحلّ: "ما يسمّى في مصر بالأجهزة السيادية جعل طلاب الدولة مسوخًا تنفذ ما تمليه عليهم الوزارة فقط". ويضيف: "ليس غريبًا أن يكون شعار "صوت طلاب مصر" حاليًا أنهم حلقة وصل بين الطلبة والوزارة لحل المشاكل وتأهيل الطلاب لسوق العمل، فاتجاه الدولة الآن ليس على أجندته الحقوق والحريات، يراد من الطلاب أن يكونوا طلابًا غارقين في المراجعة والدرس فقط". ويكشف الحلو سرًا عن الائتلاف: "كانت له صلة بشكل مباشر أو غير مباشر بحزب مستقبل وطن، الذي كان يرأسه محمد بدران".

بعد حرق ورقة "بدران"، الذي تم نفيه إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال دراساته بعد ظهوره المريب، والمقرَّب، من عبد الفتاح السيسي، بدا "صوت طلاب مصر" ورقة محروقة أيضًا. ويشير الحلو إلى أن الوزارة بعد حرق "ائتلاف الدولة"، تبحث الآن عن طلاب آخرين لتجنيدهم: "قرَّرت اللعب بورقة جديدة، وسرطان آخر تنشره بين الطلاب".

ويصرَّح باسمه: "طلاب تحيا مصر". لكن من هم طلاب "تحيا مصر"؟ السؤال يقود إلى التفتيش في التاريخ القريب للمعارك السياسية بين قيادات طلاب مصر. كان محمد بدران رئيسًا لاتحاد طلاب جامعة بنها، ومن هنا أصبح رئيسًا لـ"طلاب مصر"، ومحمد عزت رئيسًا لاتحاد طلاب كفر الشيخ. بدت معركة ساخنة بينهما انتهت إلى صالح "بدران"، الذي اختير للعب دور كبير خلال فترة حكم محمد مرسي، الأمر الذي دفعه إلى رفض قبول "آي باد مصري"، هدية الرئيس المعزول للطلاب.

منذ اليوم الأول، والدعم الذي رفع "بدران" إلى السماء معروف، وهو جهاز "أمن الدولة" ثم أصبح المسؤول الأول عنه رئاسة الجمهورية بعد إطلاق حركة "مستقبل وطن"، المدعومة من رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة، وتحوَّلت إلى حزب نافس في انتخابات البرلمان الماضية.

على الجانب الآخر، كان رجل الأعمال محمد الأمين، مالك قنوات "سي بي سي" يموّل "عزت" لإنشاء كيان طلابي موازٍ، ربما يكون من نصيبه جزء من "التورتة"، سمحت له الدولة بالتواجد، فوفقًا لرؤية "الحلو" إن ظهور "جبهة مصر بلدي" لم يكن مؤذيًا لأحد، وظلّ "عزت" لاعبًا ثانويًا. بتمويل "الأمين"، بدأ "عزت" يطلق رحلات تعاون طلابي مجانية إلى روسيا، وأعلن في إحدى الرحلات أنه مستمر في تسفير الطلاب إلى "موسكو" للحصول على خبرات جديدة لجذب حشود ومؤيدين أكبر.

ظهر "تحيا مصر"، الاسم الرسمي لأي مبادرة رئاسية حاليًا، منافسًا كائتلاف في الوسط الطلابي، وبدا ممولًا ومدعومًا بشكل مهول

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. الطلاب يأخذون حصتهم من السجون

ولكي يحصل على "وجاهة رسمية"، أعلن أيضًا أنه منسق ائتلاف "حب مصر"، التابع للدولة، في المحليات. بعد خسارة "صوت طلاب مصر" الانتخابات، أصبح ورقة "محروقة" لدى كل الأجهزة التي قدَّمت له الدعم مقابل "ممثل طلابي أليف". ظهر "تحيا مصر"، الاسم الرسمي لأي مبادرة رئاسية حاليًا، منافسًا كائتلاف في الوسط الطلابي، وبدا ممولًا ومدعومًا بشكل مهول، يعلن عن نفسه بقوة على الفضائيات، يستأجر قاعات بفنادق كبرى لعمل فعاليات، يدفع مقابل الدعاية، سواء على فيسبوك أو في الجامعات، يقدم جوائز للطلاب، ويضمّ وجوه جديدة.

وفقًا لتصور أغلب متابعي "طلاب تحيا مصر"، فإنه يجهز نفسه لمهمة أكبر، وهي الاستحواذ على "اتحاد الطلاب" المقبل. لكن ما التشابه بينه وبين جبهة "عزت" المدعومة من رجل الأعمال محمد الأمين؟

عاد "تحيا مصر" بشعار الرحلات الطلابية إلى روسيا، الشريك السياسي الجديد للقاهرة. يربط نائب رئيس اتحاد طلاب مصر "المُعطَّل" بين وجهة السفر في الحالتين، ويقول: "قد يكون هناك ارتباط قوي بين (تحيا مصر) و(جبهة مصر بلدي)، خاصة أنهما الوحيدان اللذان أعلنا عن زيارات روسيا".

لا تزال لدى الطالب محمد عزت رغبة في أن يكون محمد بدران الثاني. ويروي "الحلو" شهادته: "عرفت مؤسس كيان "تحيا مصر" معرفة سطحية، كان يكلمني عن نجاحه بكل ثقة، وهو إما ساذج أو يظن أني ساذج كفاية لتصديق ما يقوله، وفجأة بعد فشله الذريع، وجد طريقه، دعمًا غير محدود، منسقين للكيان الذي يمثله في كل الجامعات، الوزارة تقول على موقعها إنه (الممثل الرسمي للطلاب)، ويحمل شعارات الحكومة ذاتها (تأهيل الطلاب لسوق العمل، وخدمة الزملاء).. وكأن الوزارة عندها رؤية واحدة وبرنامج واحد تورِّثه لكل شخص يلعب دور كومبارس الدولة في الجامعة".

اقرأ/ي أيضًا:

تخفيض سنوات دراسة الهندسة.. حقيقة مصرية تائهة!

حروب "جبهة إنقاذ" اتحاد طلاب مصر.. القصة الكاملة