الترا صوت – فريق التحرير

أُغلقت مساء يوم الخميس 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، صفحة المفاوضات الشاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد أكثر من عشرة أشهر من التوتر، فشل فيها الطرفان في التوصل إلى اتفاقٍ بشأن علاقاتهما التجارية المستقبلية ما بعد خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية، نتيجة بعض الخلافات المتعلقة بتدابير الحماية وكيفية تسوية النزاعات، بالإضافة إلى وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية، قبل أن تحل هذه النقاط خلال الأيام الماضية، لتطوى بذلك صفحة أحد أهم التحولات في تاريخ المملكة المتحدة.

أُغلقت مساء يوم الخميس 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، صفحة المفاوضات الشاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد أكثر من عشرة أشهر من التوتر

ردود الأفعال المحلية.. ترحيب ودعوات لاستفتاء جديد على استقلال اسكتلندا

تناقلت وسائل الإعلام البريطانية والعالمية خلال اليوميين الماضيين، أنباء تفيد باقتراب الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من التوصل إلى الاتفاق حول مستقبل العلاقات التجارية بينهما لمرحلة ما بعد "بريكست"، وهو ما أكده رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عبر تغريدة نشرها على حسابه في تويتر قال فيها: "تم الاتفاق".

اقرأ/ي أيضًا: بروكسل تفرض الشفافية على فيسبوك كي لا يتكرر سيناريو بريكسيت.. ما القصة؟

وقال جونسون في مؤتمر صحافي إن الاتفاق سيخضع خلال الأيام القليلة القادمة للتدقيق، على أن تدرس خلال هذه الفترة احتمالية طرحه للتصويت في مجلس العموم البريطاني في الـ 30 من الشهر الجاري. وأكد جونسون خلال حديثه على أن التفاهمات المبرمة حول الاتفاق والبنود التي نص عليها، ستصب في مصلحة الطرفين، مشيرًا إلى أن بلاده ستبقى حليف أوروبا وسوقها الأول.

بدوره، أعلن زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، كير ستارمر، أن حزبه سيتجه للتصويت لصالح التفاهمات التجارية المبرمة بين حكومة جونسون والاتحاد الأوروبي، والتي يرى أنها تصب في المصلحة الوطنية في ظل غياب البديل، ولكنها، في المقابل، ليست التفاهمات التي وعدت بها الحكومة، واصفًا الاتفاق الذي توصل إليه الطرفين بـ: "الهزيل".

في المقابل، رأت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستورجن، في تغريدةٍ لها أن "بريكست يتحقق عكس إرادة شعب اسكتلندا"، مشددةً على أنه "لا يمكن لأي اتفاق على الإطلاق أن يعوض ما أخذه بريكست منا". وأضافت: "الوقت حان لنرسم مستقبلنا الخاص كدولة أوروبية مستقلة"، مجددةً مطالبها بعقد استفتاء جديد على الاستقلال، في الوقت الذي ترفض فيه لندن السماح بإجرائه.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في رئاسة الوزراء البريطانية قوله: "أُبرم الاتفاق.. استعدنا السيطرة على أموالنا وحدودنا وقوانيننا وتجارتنا ومياه الصيد". وأضاف: "الاتفاق نبأ رائع للأسر والشركات في شتى أرجاء المملكة المتحدة. وقعنا أول اتفاق تجارة حرة يُبرم معة الاتحاد الأوروبي دون أي رسوم أو حصص".

واعتبر المصدر أن الاتفاق تحقق "في زمن قياسي، وفي ظل ظروف صعبة للغاية، وهو اتفاق يحمي تكامل سوقنا والداخلية وموقع إيرلندا الشمالية فيها"، مشيرًا إلى أنه "يضمن خروج بريطانيا من فلك الاتحاد الأوروبي وألا تكون ملزمة بقواعده". وتابع: "لا دور لمحكمة العدل الأوروبية، وتحققت جميع خطوطنا الحمراء في ما يتعلق باستعادة السيادة".

ردود الأفعال الأوروبية.. بريكست أصبح خلفنا

من جانبها أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون ديز لاين، وضع الاتحاد الأوروبي ولندن اللمسات الأخيرة على الاتفاق الذي وصفته بالمتوازن، والمنصف لكلا الطرفين، مؤكدةً في حديثها خلال مؤتمر صحفي أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات "صعبة جدًا. الكثير كان على المحك للكثير جدًا من الناس، لذا كان اتفاقًا تعين علينا بالتأكيد المحاربة من أجله".

وأضافت: "أعتقد أيضا أن هذا الاتفاق يصب في مصلحة المملكة المتحدة"، وأنه "سيرسي أسسًا متينة لبداية جديدة مع صديق قديم. وهو يسمح لنا أخيرًا بأن نضع الخروج البريطاني وراء ظهورنا، وأن تواصل أوروبا مسيرتها".

البرلمان الأوروبي رحب بدوره بالاتفاق التجاري لمرحلة ما بعد بريكست، ولكن رئيسه ديفي سالولي أكد أنه "سيواصل عمله (...) قبل أن يقرر ما إذا كان سيعطي العام المقبل موافقته أم لا". وأضاف: "يأسف البرلمان لأن مدة المفاوضات وطبيعة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اللحظات الأخيرة لا تسمحان بمراقبة برلمانية حقيقية قبل نهاية العام. (...) سيواصل البرلمان عمله داخل اللجان المختصة وفي جلسات عامة" لأجل اتخاذ قرار بشأنه بداية 2021.

وأكد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون أن وحدة وحزم الاتحاد الأوروبي، أثمرا النجاح في التوصل إلى اتفاق لما بعد بريكست. وقال في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر: "الاتفاق مع المملكة المتحدة ضروري لحماية مواطنينا وصيادينا ومنتجينا. سنعمل على ضمان ذلك".

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، رحب بدوره بالاتفاق بين بروكسل ولندن، وأكد في الوقت نفسه عبر تغريدة له في تويتر، أن المفاوضات على حرية حركة البضائع والأشخاص بين جبل طارق وإسبانيا ما بعد خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية، ستتواصل خلال الأيام القادمة بعيدًا عن الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها واثقة بأن الاتفاق الذي توصلت إليه لندن وبروكسل كان نتيجة جيدة. وأكدت في بيانٍ لها: "سنكون قادرين بسرعة على تحديد ما إذا كانت ألمانيا ستدعم نتيجة المفاوضات اليوم"، مضيفةً: "أنا واثقة أننا حققنا نتيجة جيدة".

ما بعد "بريكست"

اعتبر مسؤولون بريطانيون أن الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، قبل سبعة أيام من موعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي ومنظماته، سيكون مربحًا للاقتصاد البريطاني، خصوصًا وأنه جنّب العملة البريطانية ما دأبت الصحف المحلية والعالمية، منذ مطلع العام الحالي، على وصفه بـ "المجزرة" التي كانت ستطالها في حال مغادرة لندن الكتلة الأوروبية دون اتفاق تجاري، وهو ما انعكس سلبًا على الجنيه الإسترليني الذي انخفض من 1,48 دولار أمريكي، إلى أقل من 1,35 منذ الإعلان عن نتائج استفتاء الخروج من الاتحاد عام 2016، قبل أن يعود ويسجل ارتفاعًا خفيفًا خلال الساعات الأولى التي تلت الإعلان عن الاتفاق، ليصل إلى 1,38 دولار، وسط توقعات باستمرار ارتفاعه خلال الأيام القادمة.

وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام البريطانية والعالمية، تفيد المعطيات الأولية بشأن الاتفاق بأن دول الاتحاد تخلت عن 25% من حصتها في الصيد في المياه البريطانية خلال السنوات الخمس ونصف المقبلة، على أن تشهد المرحلة المقبلة مفاوضات بشأن الوصول إلى المياه البريطانية على أساس سنوي بعد انقضاء الفترة الانتقالية. فيما أشارت مصادر من الحكومة الفرنسية أن بريطانيا قدمت تنازلات هائلة، لا سيما في مجال صيد السمك.

اعتبر مسؤولون بريطانيون أن الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، قبل سبعة أيام من موعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي ومنظماته، سيكون مربحًا للاقتصاد البريطاني

وتعد الصفقة التي أُبرمت بين الطرفين بعد مفاوضاتٍ شاقة، بمثابة مكسب لبريطانيا من ناحية ظروف بنائها لفضائها التجاري الجديد، بعد الخروج رسميًا من الكتلة الأوروبية بداية العام الجاري، عدا عن أنه يضمن استقرار الأسواق البريطانية خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا في ظل التقديرات التي تفيد بأن حجم التجارة بين بريطانيا والاتحاد يقدر بنحو ترليون دولار.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بريطانيو الاتحاد الأوروبي.. احتجاج متأخر ضد البريكسيت