07-مارس-2020

لا تزال التعقيدات تحيط بعملية التفاوض حول بريكست (Getty)

بدأت المفاوضات المرتقبة ما بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من أجل  التفاوض حول العلاقة المستقبلية بين البريطانيين والأوروبيين، والتي استمرت  حتى يوم الخميس الموافق 5 آذار/مارس الجاري. حيث جرت اللقاءات  التمهيدية يوم الاثنين بين كبير مفاوضي الاتحاد ميشيل بارنييه ونظيره البريطاني ديفيد فروست، في اجتماع استمر  لمدة ساعة واحدة، على الرغم  من أن  هناك الكثير من المواضيع  المطروحة على طاولة المفاوضات.

في ظل الأجواء المتوتره فإن الجنيه يفقد أكثر من 1 بالمئة مقابل اليورو، الأمر الذي يؤكد بأنه في حالة الفشل والوصول إلى "لا صفقة" ستكون الخيارات والتبعات الاقتصادية شديدة الوطأة على الطرفين

وتجري المناقشات في أحد عشر مجموعة مختلفة، تحت عناوين: التجارة، النقل، الطاقة، التعاون القضائي، على وجه الخصوص. ولكن نظرًا لأن وقت المناقشة قصير نسبيًا، فإن الاتحاد الأوروبي حدد أولوياته في  ثلاث  نقاط أساسية، وهي شروط المنافسة في اتفاقية التجارة الحرة بين لندن وبروكسل، وآلية  حل النزاعات التجارية المحتملة؛ وموضوع الصيد البحري في المياه المشتركة.

اقرأ/ي أيضًا: هواجس التفكك.. هل تدفع المملكة المتحدة وحدتها ثمنًا للـ"بريكست"؟

ودون أدنى شك، ورغم أن الاتحاد الأوروبي قد صرح عن استراتيجيته التي سوف يعتمدها في التفاوض مع المملكة المتحدة، إلا أن المسألة الأولى والتي سوف تسيطر على جميع المواضيع المطروحة هي عدم السماح للندن بأن تتحول إلى "سنغافورة على نهر التايمز" (ملاذ ضريبي على أبواب أوروبا)، ويبدو ذلك من خلال التدقيق في فريق الخبراء الذين  اختارهم كبير المفاوضين  ميشيل بارنييه.

الاتحاد الأوروبي على أهبة الاستعداد

لم يضيع الاتحاد الأوروبي الوقت، ففي الأول من شهر شباط/فبراير، وبعد بدء نفاذ بريكست في 31 يناير/كانون الثاني، عقد ميشيل بارنييه مؤتمرًا لتقديم استراتيجيته التفاوضية، و تم  التصديق عليها في 25 من الشهر الفائت، وبحلول 27 شباط/فبراير صرح ميشيل بارنييه بأنهم "على استعداد لاقتراح اتفاقية تجارية تعتبر الأكثر طموحًا مع  المملكة المتحدة"، ولكنه  شدد على أنه  "لا يمكن للمملكة المتحدة أن تتوقع وصولًا عالي الجودة إلى السوق الموحدة، إذا لم تكن مستعدة لقبول ضمانات بأن المنافسة ستبقى مفتوحة ونزيهة".

وفي هذا السياق يواصل الاتحاد الأوروبي التذكير بالقوة غير العادية لسوقه، مع الأخذ بالاعتبار بأن 42 بالمئة من صادرات المملكة المتحدة تتجه إلى دول الاتحاد، والتي توفر 56 بالمئة من وارداتها.

في الوقت الحالي، لا يزال التماسك الجيد هو نقطة قوة الاتحاد الأوروبي، حتى لو كانت استراتيجية لندن هي كسر الكتلة الأوروبية من خلال الإصرار من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على رفض  تمديد الفترة الانتقالية التي من المقرر أن تنتهي نهاية العام.

في لندن.. فريق مستعد لخوض المعركة

بعد أقل من شهر من مغادرة البريطانيين للاتحاد الأوروبي، وافقت حكومة بوريس جونسون على استراتيجية التفاوض، مما مهد  الطريق لعقد أول اجتماع رسمي في الثاني من الشهر الجاري. ويعتمد النهج البريطاني على الرغبة في استعادة الاستقلال الاقتصادي والسياسي، والذي يستند إلى اتفاقيات التجارة الحرة. وعلى الجانب البريطاني، يتولى قيادة الفريق المسؤول عن التفاوض مع الأوروبيين ديفيد فروست، "السيد Brexit" كما يُطلق عليه، وهو السفير السابق في الدنمارك الذي يعرف بروكسل وفرنسا جيدًا، فقد قاد المفاوضات في بروكسل لاتفاق الانسحاب في كانون الثاني/يناير، وسوف يتفاوض مباشرة مع نظيره الأوروبي، ميشيل بارنييه.

تأمل لندن في إبرام اتفاقية تجارة حرة مماثلة لتلك التي تفاوض عليها الاتحاد الأوروبي مع كندا (دخلت حيز التنفيذ في كانون الأول/سبتمبر 2017) أو اليابان (دخلت حيز التنفيذ في شباط/فبراير 2019). ولكن الجانب البريطاني  حذر من أن الحكومة البريطانية لن تسمح للاتحاد الأوروبي بفرض قواعده المتعلقة بالبيئة أو قانون العمل. ويجب أن تتم المفاوضات مرة كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع حتى الصيف على الأقل. وسوف يتم عقدها بالتناوب في بروكسل ولندن وفق رؤية رئيس الوزراء البريطاني، الذي يأمل  بالتوصل إلى اتفاق بحلول نهاية العام، من أجل الوصول إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة بالسرعة القصوى والتي قد تصل قيمتها إلى 3.4 مليار جنيه إسترليني (حوالي 4 مليار يورو).

اقرأ/ي أيضًا: بريكست ما بعد فوز جونسون.. وضوح الشعبوية يفوز وغموض اليسار يخسر

خطوط حمراء

بالنظر إلى المهلة القصيرة جدًا، وتحت ضغط من فرنسا على وجه الخصوص، فإن هناك جملة من الأمور التي تبدو كعقبات مستعصية أمام فريقي التفاوض، حيث يصر فريق  الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على "شروط الوصول المتبادل" إلى مناطق الصيد المشتركة، لكن لندن تعتزم استعادة السيطرة الكاملة على مياهها الإقليمية، معتبرة ذلك أمرًا سياديًا غير قابل للمساومة. كما يطالب الأوروبيون من محكمة العدل الأوروبية أن تلعب دورًا في آلية تسوية المنازعات بين لندن وبروكسل، لكن البريطانيين يقابلون ذلك  بالرفض القاطع.

المسألة الأولى والتي سوف تسيطر على جميع المواضيع المطروحة هي عدم السماح للندن بأن تتحول إلى "سنغافورة على نهر التايمز"، أي ملاذ ضريبي على أبواب أوروبا

وفي ظل هذه الأجواء المتوتره فإن الجنيه يفقد أكثر من 1 بالمئة مقابل اليورو، الأمر الذي يؤكد بأنه في حالة الفشل والوصول إلى "لا صفقة" ستكون الخيارات والتبعات الاقتصادية شديدة الوطأة على الطرفين في حال استمرت لعبة عض الأصابع.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بريكست والإنترنت والفردانية.. القصة الكاملة لانهيار توماس كوك