30-أكتوبر-2015

الشقيقان بواتينج (بارتريك ستولراز/Getty)

ليس غريبًا أن تشهد مباريات كرة القدم تواجد شقيقين على أرضية ملعب واحد، حتى لو كان ذلك وجهًا لوجه. حصل ذلك كثيرًا من قبل، فعلها البرازيليان فابيو ورافاييل في صفوف فريق واحد تحت قيادة السير أليكس فيرجسون، ومثلهما الألمانيان بيندر لكن مع ناديين مختلفين (دورتموند وليفركوزن). وقبل هؤلاء كان الدور على الإخوة لاودروب ونيفيل ودي بور وغيرهم...

بالطبع، الحديث هنا على مستوى الأندية حصرًا. لكن عند الانتقال إلى المنتخبات، يصبح الأمر ظاهرة تستحق التوقف عندها. فعندما يلعب أخوان لمنتخبين مختلفين، لا يعود الأمر عاديًا أبدًا.

الإخوة بواتنج، غرباء وأكثر

بلا شك قصة الأخوين بواتنج تبقى الأبرز على مستوى تاريخ لقاءات الإخوة في المباريات الدولية. هناك في جوهانسبورج قبل أكثر من خمسة أعوام، انتصر جيروم الألماني على كيفن-برينس الغاني. الرحلة بدأت في برلين (الغربية آنذاك)، حيث ولد الأخوان وترعرعا، كل في ركن مختلف من العاصمة. عاش جيروم مع والديه في حي ميسور نسبيًا، فيما وجد كيفن برينس، والشقيق الثالث الأكبر جورج نفسيهما وحيدين مع والدتهما (زوجة بواتنج الأب الأولى) في أحد أفقر أحياء برلين، حيث لا مفر من التورط في عالم المخدرات والجرائم. المثير أن الأخ الأكبر جورج لطالما كان الأكثر موهبة ومهارة بين الثلاثة، لكن الأقدار ركلته بعيدًا عن الكرة لتحط به في عالم الـ "هيب هوب".

مشاكل بواتنج الأكبر مع البلد الذي علمه فنون الكرة لم تنتهِ

وعلى رغم العلاقة القوية التي ربطت جيروم بأخويه منذ الطفولة، إلا أن اللقاء في سوكر سيتي لم يكن حارًا كما كان يُفترض به أن يكون. في ذلك الحي البائس في برلين تعلّم كيفن كيف يكون متمردًا. تمرد على المدير الرياضي للمانشافت آنذاك ماتياس زامر، الذي أبعده عن المنتخب الفائز ببطولة أوروبا للشباب عام 2009 على أثر ليلة مجنونة في أحد الملاهي الليلية. هكذا، لم يبقَ لكيفن إلا خيار قبول الدعوة لتمثيل منتخب بلاده الأم، رغم مروره على جميع المراحل السنية للمانشافت. لكن مشاكل بواتنج الأكبر مع البلد الذي علمه فنون الكرة لم تنتهِ عند هذا الحد، إذ تحول وفي أقل من عام إلى العدو الأول للألمان بعد قضائه على مسيرة قائد المانشافت، مايكل بالاك. كسر كيفن، الذي كان لاعبًا في بورتسموث حينها، قدم نجم تشيلسي الألماني في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، ومعها كُسرت علاقته بجيروم التي لم تُجبَر تمامًا إلا بعد عودته إلى ألمانيا للعب في صفوف شالكه.

الشقيقان ألكانتارا... إرث مازينيو؟

بخلاف الأخوين بواتنج، لم يتواجه تياجو ورافينيا ألكانتارا على الصعيد الدولي قط. لا يزال الأمر مبكرًا لذلك ربما، فالاثنان لا يتجاوز مجموع مبارياتهما الدولية الثماني مباريات: ست لتياجو واثنتان لرافينيا. الشقيقان المولودان في إيطاليا لوالدين برازيليين، مرّا على جميع المراحل السنية للمنتخب الإسباني. كان من المفترض لهما أن يتصدرا الأسماء المرشحة لقيادة خط وسط لاروخا مستقبلًا خلفًا لتشافي وإينييستا، لولا أن رافينيا قرر عام 2012 سلوك طريق آخر. فضّل رافينيا تمثيل بلده الأم فيما مال قلب تياجو لبلاد الفلامينجو.

لم يتواجه تياجو ورافينيا ألكانتارا على الصعيد الدولي قط

وبعيدًا عن المستطيل الأخضر، علاقة أخوية متينة جدًا تربط ولدي النجم البرازيلي مازينيو الفائز بكأس العالم عام 1994. لم تتأثر هذه العلاقة على الإطلاق بانتقال الأخ الأكبر إلى بايرن ميونيخ الألماني عام 2013 للالتحاق بمدربه السابق بيب جوارديولا. تياجو الذي حقق كل الألقاب الممكنة مع برشلونة في موسم السداسية التاريخي، لم يحقق شيئًا مع المنتخب الإسباني حتى الآن. لكن الذنب ليس ذنبه، بل ذنب الإصابات التي ضبطت مواعيدها على توقيت الاستحقاقات الدولية، من يورو 2012 إلى كأس العالم 2014.

بدوره رافينيا، الذي لعب مباراته الدولية الأولى مع منتخب السيليساو الأول منذ أسابيع فقط، ينتظر قادم المواعيد حتى يثبت لوالده أنه يستحق ارتداء هذا القميص العظيم الذي شرّفه نجوم كرونالدو ورونالدينيو وكارلوس وغيرهم... بالطبع، لا يتمنى الوالد مواجهة بين الشقيقين مستقبلًا، لكن ذلك لن يغيّر حقيقة أن كلاً منهما ينتمي الآن كرويًا إلى بلد مختلف.

ماكس أكثر موهبة من كريستيان!

قلة من متابعي المستديرة تعرف أن لـ "بوبو" فييري شقيقا أصغر قيل يومًا أنه يفوقه موهبة. صدق أو لا تصدق، فروبيرتو فييري والد اللاعبَين (وهو لاعب دولي سابق بالمناسبة) قال مرة أن ابنه الأصغر ماسيميليانو بدا في الثامنة عشرة أكثر نضجًا وموهبة من شقيقه الأكبر في السن نفسه.

بالطبع، كلنا يعرف بقية الحكاية. صعد نجم كريستيان بسرعة البرق، وتحول شيئًا فشيئًا إلى واحد من أفضل المهاجمين في تاريخ الدوري الإيطالي. حقق النجاحات واقتنص الألقاب الفردية في معظم النوادي التي لعب لها، من يوفنتوس إلى أتليتيكو مدريد ولاتسيو وإنتر ميلانو... بينما كان "ماكس" ينتقل من السيدة العجوز على سبيل الإعارة من ناد إلى آخر، تارة إلى أنكونا وطورًا إلى فيرونا، وهو اليوم لاعب معتزل بعد أن استغنى نادي براتو عن خدماته عام 2012.

مهارات كريستيان التهديفية حجزت له مكانًا مضمونًا في تشكيلة الآتزوري

مهارات كريستيان التهديفية حجزت له مكانًا مضمونًا في تشكيلة الآتزوري، لكنه لم ينجح بتحقيق أي لقب دولي مع منتخب بلاده، إذ حرمته الإصابة من مشاركة زملائه فرحة الظفر بالكأس العالمية التي أقيمت في ألمانيا عام 2006. قبلها بعامين، كان ماسيميليانو، البالغ من العمر خمسة وعشرين عامًا حينها قد تلقى دعوته الأولى لتمثيل منتخب بلد المولد والنشأة، أستراليا، بعدما فقد الأمل بارتداء زي المنتخب الإيطالي. ماكس كان مهاجمًا أيضًا، لكن حتى أستراليا لم تصبر عليه كثيرًا، إذ استغنت هي الأخرى عن تمثيله بعد ست مباريات دولية فقط.

تطول اللائحة، من النجم الأسترالي تيم كاهيل وأخيه كريس الذي فضّل اللعب لمنتخب سامواه، فالفرنسي بول بوجبا وأخويه فلورنتين وماتياس اللذين اختارا تمثيل غينيا، فكاكاو البرازيلي الأصل الذي خان بلاده مع ألمانيا فيما ظل أخوه فلاديمير وفيًا للسيليساو، والبيستوليرو الأوروجواياني لويس سواريز وشقيقه الأكبر الذي لعب لمنتخب السلفادور... شاءت أقدار الكرة أن تباعد بين الإخوة، وهي كثيرًا ما فضّلت أحدهما على الآخر، فمنحته مجدها، بينما ظل الآخر يندب الحظ العاثر وقلة الموهبة.

اقرأ/ي أيضًا:
تشيلسي وتناقضاته.. اسمع تفرح جرّب تحزن!
الجيش الياباني في الدوري الألماني