05-نوفمبر-2015

ضحك الألمان لأنهم وصلوا إلى النهائي (مايك كينغ/Getty)

إنه المونديال الأجمل في التاريخ على الاطلاق. هكذا وصف قيصر الكرة الألمانية فرانتز بكنباور مونديال مكسيكو 1986. يكفي أن موديال المكسيك ضم أسماء كمارادونا وزيكو وبلاتيني وسقراط ولاودروب ورومينغه وجان ماري بفاف الحارس البلجيكي الشهير والقناص الانكليزي غاري لينكر وهوغو سانشيز المهاجم المكسيكي الفذ، واللائحة تطول. ألف قصة وقصة لمونديال النجوم هذا. إحدى تلك القصص هي للمنتخب الالماني الذي وصل إلى نهائي قيل فيه الكثير.

وصل المانشافت إلى النهائي في 1986 بطريقة وصفت بالصدفة

لا يُذكر هذا المونديال دون أن يُحكى عن الزلزال الذي ضرب مكسيكو قبل سنة من انطلاقة الحدث الرياضي العالمي. أوقع الزلزال آلاف القتلى وألحق ضررًا بالغًا في المنشآت. تداعى المجتمع الدولي والفيفا لمساعدة المكسيك على النهوض واستضافة المونديال وهذا ما حصل. ألمانيا كانت تشهد زلزالًا من نوع اخر، اذ تم استدعاء القيصر بكنباور إثر خروجها من الدور الأول في يورو 1984 على يد اسبانيا. أيقن الجميع حينها أن حقبة نجوم بطل اليورو 1980 شارفت على الانتهاء.

عمل بكنباور على قاعدة المواجهة بمن حضر. كان أمام بكنباور مجموعة من النجوم الذين تعدوا الثلاثين عاماً. حتى أنه اضطر لاستدعاء ديتمار هونيس 34 عامًا في الهجوم، حيث جلس الشاب فولر احتياطيا حينها. نجم المنتخب الألماني رومينغه كان في الـ31 والمهاجم الآخر الوفس يبلغ 30 سنة من العمر. في الدفاع كان بريغل قد بلغ 31 عامًا و ماتياس هيرغيت 31 وماغات لاعب الوسط في الـ32 والعملاق اوغنتالر 30 عامًا. لكن "عجائز بكنباور" بلغوا النهائيات رغم الخسارة التي تلقوها على أرضهم في التصفيات من البرتغال 1-0.

كتب حارس ألمانيا حينها هارالد توني شوماخر عن الظروف التي واجهت المنتخب الألماني في المونديال. ذكر شوماخر أن درجة الحرارة جعلت بعض اللاعبين يعانون حتى في التدريبات. لم تنزل الحرارة في مكسيكو عن الثلاثين درجة مئوية طوال فترة إقامة المونديال و بلغت 37 و40 أحيانًا.. عدة مشاكل عانى منها الألمان خلال التحضيرات من الإقامة وحتى العراك بين اللاعبين. اضطر القيصر للتدخل بحزم حينها لإيقاف التعليقات المشينة بحق بعضهم البعض.

إقرأ/ي أيضًا: عندما ربحت إيطاليا كأس العالم

مشوار ألمانيا لم يكن نموذجيًا. في المرحلة الأولى تعادل المنتخب أمام الأرغواي وسجّل فوزًا صعبًا على اسكتلندا 2-1 وهزيمة على يد المنتخب الدانماركي القوي حينها 2-0. تأهلت المانيا بـ3 نقاط فقط إلى الدور الثاني وبصعوبة، لتواجه المغرب كأول فريق عربي يصل للدور الثاني في تاريخ النهائيات. انتظر الألمان 88 دقيقة ليدكوا شباك الحارس العملاق الزاكي بادو بضربة حرة مباشرة من لوتر ماتهويس وبهفوة من مدافعي الحائط البشري.

التقدم البطيء رافق المانشافت في مونديال مجنون. تواجه الألمان مع أهل الارض في ربع النهائي. المباراة المجنونة والمثيرة والمليئة بالقسوة والخشونة أثمرت عن طرد لاعب من المكسيك خلال الوقت الإضافي. النتيجة ظلت سلبية حتى وصلت المباراة إلى ركلات الجزاء. تسيد هارالد شوماخر الملعب فصد 3 ضربات متتالية للمكسيك. قبضة شوماخر أوصلت المنتخب المنهك إلى المربع الذهبي لمواجهة فرنسا. منتخب الديوك كان قد تخطى البرازيل في إحدى أجمل مباريات مسابقة كأس العالم تاريخيًا، بضربات الجزاء أيضًا. كان هدف بريمه في الدقيقة الـ8 من عمر المباراة كخشبة الخلاص لمنتخب المانيا، فوقفوا مدافعين أغلب فترات المباراة برعاية قبضة شوماخر مجددًا، الذي تألق بشكل غير مسبوق. هجوم فرنسا ترك المساحات خلفه في الدقائق الاخيرة الأمر الذي استفاد منه الشاب حينها رودي فولر لإضافة هدف ثانٍ.

دقت ساعة الحقيقة. وصل المانشافت إلى النهائي بطريقة وصفت بالصدفة. منتخب تجاوز نجومه الـ30، يلعب بعقلية كلاسيكية يواجه ساحرًا من نوع آخر اسمه مارادونا. مارادونا الذي لا يكرر في تاريخ الكرة، كان نجم المونديال بل المونديال كله. 2-0 تقدمت الارجنتين بعد ساعة من اللعب. حان وقت القيصر: أخرج بكنباور ماغات من منتصف الملعب ثم الوفس ودعم هجومه برودي فولر وديتمار هونيس بالإضافة إلى رومينغه. أثمرت تبديلات بكنباور عن هدفين متتالين، قبل 10 دقائق من نهاية المباراة. لكن مارادونا مرر كرة ذهبية إلى بورتشاغا الذي أنهى أحلام الألمان.

سيذكر العالم مطولًا ضحكة وفرح مارادونا بلقب يستحقه. وضحكة خاسر سيصبح بطلًا بعد 4 أعوام من نهائي وصله بالصدفة.

كل شيء على منصة التتويج كان مثاليًا. إمبراطور الكرة مارادونا يستلم ما يستحقه. يرفع الفتى الأرجنتيني الكأس عاليًا، الآلاف يهللون لبطل العالم الخرافي بكل معنى الكلمة. لاعب أحرز وحده أعظم مسابقة كروية. بالمقابل كان لاعبو المانيا يفترشون أرض الملعب، بيد أن اللقطة التي لا تحصل عادة في مباريات كهذه حدثت فعلًا. كان الوجوم يطغى على وجوه اللاعبين والمدرب. دقائق فقط وضحك ماتياس هيرغيت، فضحك بريغل بعده وكرت السبحة ليغرق لاعبو ألمانيا بضحك مطول. لقطة الضحك هذه كانت مكملة لغرابة المونديال المجنون. كان الألمان ببساطة يضحكون لوصولهم إلى نهائي لم يعتقد أكثر المتفائلين أن يصلوا إليه. سيذكر العالم مطولًا ضحكة وفرح مارادونا بلقب يستحقه. وضحكة خاسر سيصبح بطلًا بعد 4 أعوام من نهائي وصله بالصدفة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

  دييغو مارادونا ومايك تايسون.. مفلسان!

فيلم بيليه.. أن تنتصر كرة القدم لمن هم تحت