25-يناير-2016

تتعدد حالات خطف الطلاب من لجان الامتحانات في مصر(أ.ف.ب)

تعددت الأشكال، والنتيجة واحدة: الاعتقال، هذا ما رفعته وزارة الداخلية المصرية، شعارًا لها منذ الانقلاب العسكري. لكن منذ تولي اللواء مجدي عبد الغفار وزارة الداخلية، بدأت الأجهزة الأمنية في ابتكار أشكال جديدة من التنكيل بمعارضي النظام، فبدأت بالتصفيات المباشرة، والقتل داخل مقار الاحتجاز نتيجة التعذيب أو الإهمال الصحي، والتحرش واغتصاب الموقوفين، حسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، ومؤخرًا بدأت الوزارة، في اعتماد آلية القبض على الطلاب، من مقار لجان امتحاناتهم في محافظات ومدن مختلفة، ومراحل عُمرية ودراسية مختلفة.

بدأت الأجهزة الأمنية المصرية في ابتكار أشكال جديدة من التنكيل بمعارضي النظام، فكانت التصفيات المباشرة، والتعذيب والتحرش والاغتصاب وغير ذلك

"غير موجود بالمنزل"..

لم يكُن عمرو البراشي، الطالب بالصف الثاني الثانوي في مدينة دمياط الجديدة، يعلم أن السلطات ستعيد اعتقاله مرة أخرى، بعدما تم الإفراج عنه في وقتٍ سابق، إثر اعتقالٍ لفترة تجاوزت السبعة أشهر. توجّهت الأجهزة الأمنية بمدينة دمياط الجديدة إلى منزله ليلًا، لكن أهل عمرو أخبروا الأمن أن ابنهم غير موجود بالمنزل.

في اليوم التالي، أعلنت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات إلقاء قوات الأمن القبض على عمرو، الذي يبلغ من العُمر 16 عامًا، من أمام المدرسة أثناء خروجه من لجنة الامتحان. التنسيقية، قالت إنه جرى اعتقال عمرو سابقًا، في العشرين من كانون الثاني/يناير العام الماضي، وتم إخلاء سبيله على ذمة القضية نهاية تموز/يوليو 2015.

شاهد عيان، ذكر لـ"الترا صوت"، أن بعض الطلاب حاولوا تخليص عمرو من أيدي الشرطة، فتم تهديدهم بالاعتقال حال اعتراضهم، وإطلاق النار عليهم. وبحسب شقيقة عمرو، فإن "والده جرى اعتقاله أيضًا في تشرين الأول/أكتوبر 2014، وخضع للمحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات".

ويواجه عمرو، تهم التخابر مع دول أجنبية، وتدمير منشآت عسكرية والتدريب على جميع أنواع الأسلحة والعمل على قلب نظام الحكم والتخطيط والتدبير لفعاليات في ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهي التهمة التي تم اعتقاله من أجلها العام الماضي، وأقبعته سجينًا طيلة سبعة أشهر. شقيقة عمرو، ناشدت مؤسسات حقوق الإنسان المعنية بالطفل، للإفراج عنه قبل أن يواجه أحكامًا وصفتها بـ"الظالمة"، حيث أن هناك سوابق كثيرة لاعتقال أطفال تم الحكم عليهم دون أي معايير إنسانية.

مروة عرفة، منسقة ملف الأطفال المعتقلين، قالت إن "أحكامًا بالسجن لمدة 15 سنة صدرت بحق أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 عامًا، وهناك اتهامات لأطفال بقتل 22 شخصًا وتتم محاكمتهم أمام محكمة الجنايات، وهناك من أحيلت أوراقهم إلى المفتي للإعدام ثم خفف الحكم إلى عشر سنوات بعد أن اكتشفت المحكمة أن الطفل لا يتجاوز 15 عامًا".

وكيل معهد بدرجة مُخبر

الأمر ذاته، حدث مع الطالب مصطفى خالد، الطالب بالصف الثاني الثانوي بالأزهر الشريف، حيث جرى خطفه من داخل لجنة امتحانه بأبو النمرس بالجيزة. وبحسب شهود عيان، فإنه شوهدت قبل يوم من اعتقال مصطفى، قوة من مباحث قسم أبو النمرس، بالمعهد الأزهري للطالب، وقد طلبوا من شيخ المعهد ووكيله، قائمة بأسماء مجموعةٍ من الطلاب، تبيّن فيما بعد أن مصطفى كان أحدهم.

وأثناء أدائه الامتحان ذهب وكيل المعهد إلى مصطفى، وأخذه خارج المبنى، ليقوم بتسليمه إلى شخصين، قيل إنهم تابعون للأمن، اصطحبوه إلى قسم شرطة أبو النمرس. وبسؤال الوكيل عما فعل كان رده أن هؤلاء من المباحث، وهم من طلبوا منه ذلك.

تتعدد حالات خطف الطلاب من لجان الامتحانات في مصر وفي معظم الأحيان يساهم مسؤولون من المعاهد في ذلك

"عشر ساعات من التعذيب المتواصل ما بين تعذيب جسدي ونفسي ومنع من الأكل"، هكذا بدأت شقيقة مصطفى حديثها إلينا، عما حدث له بعد اقتياده إلى أمن الدولة بمركز أبو النمرس، قبل أن يتم نقله إلى مقر أمن الدولة بمدينة الشيخ زايد، وهناك "بدأت مرحلة جديدة من التعذيب، أحد أشكاله، أن تمت تغمية عينيه، وربط يديه وقدميه مدة خمس أيام كاملة، دون نوم أو طعام"، حسب رواية شقيقة مصطفى.

مصطفى، والذي يبلغ من العمر 16 عامًا، تم عرضه على نيابة أمن الدولة مرتين، وجِّهت له، تهمة الاشتراك في عملية الهجوم على فندق الأهرامات بالجيزة، والانتماء إلى جماعة إرهابية، وتخريب المنشآت العامة والخاصّة، كما أن النيابة ترفض إطلاع والد مصطفى، وهو يعمل محامي، على المحاضر، كما ترفض حضور أي محامين للتحقيقات. سألنا شقيقة مصطفى عن إذا كانت تتوقع أن يتم الإفراج عنه، فقالت: "نتمنّى، ثم تابعت، نتمنّى فقط ألا يتم الحكم عليه وهو داخل السجن، لأنه طفل".

"التعاون مع الأمن وطنية"

"التعامل مع الأمن وطنية"، هذا ما أكدته الدكتورة بثينة كشك، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الجيزة، وأنها تتعاون مع ‫الأمن‬ لتسليم أي مدرسين سياسيين معارضين، أو أي مدرس يتحدّث مع الطلاب في مراحل التعليم المختلفة عن السياسة. وأنه تم إغلاق أكثر من مدرسة، أصحابها لديهم انتماءات سياسية معارضة للدولة، وأن المدرسة التي يثبت أن أصحابها ينتمون لأي أحزاب أو جماعات سياسية، تعمل المديرية على إبلاغنا فورًا ويتم "تسليمه" إلى الشرطة، وأنها لن تسمح ببث "السموم" في عقول الطلاب داخل حرم المدارس والفصول.

لكن من المفارقة في تصريحات المسؤولة، أنها قالت في نفس المقابلة، إن "مديرية التربية والتعليم بمحافظة الجيزة وقّعت بروتوكول تعاون مع القوات المسلحة وجهاز الشرطة والأزهر والأوقاف، لعمل ندوات من أجل "توعية" الطلاب بالآراء الصحيحة". هذه المسؤولة أيضًا، هي التي انتشرت لها في وقتٍ سابق، صور تظهر أنها قامت بحرق مجموعة من الكتب داخل فناء إحدى المدارس بالجيزة، بدعوى أنها كُتب تحرض على العنف.

اقرأ/ي أيضًا: 

الفصل التعسفي.. سلاح السلطة في وجه طلاب مصر

جامعة القاهرة.. طقوس الصلوات السرية