05-نوفمبر-2020

استقطاب حاد تشهده الانتخابات الأمريكية (Getty)

مع اقتراب فوز مرشح الحزب الديمقراطي، جو بايدن، والمناورات والمناورات المضادة بين الحملتين؛ إعلان دونالد ترامب فوزه المبكر، وإعلان حملة بايدن أن "محاولة ترمب لوقف فرز الأصوات فعل شائن وغير مسبوق"، يبدو أن هذا الاستقطاب بشأن الانتخابات الرئاسية تجاوز حدود الولايات الأمريكية.

يبدو أن الاستقطاب بين حملتي دونالد ترامب وجو بايدن في الانتخابات الرئاسية تجاوز حدود الولايات الأمريكية

إذا ما ألقينا نظرة إلى الوراء، إلى الأربع سنوات المنقضية من ولاية ترامب، نجدها قد أنهت زمنَ العلاقات السلسة للولايات المتحدة بنظيرها الاتحاد الأوروبي. وعلى طولها امتدّت الشقاقات حول قضايا جذرية، بداية من البريكسيت ووصولًا إلى إدارة أزمة جائحة كورونا، مرورًا باتفاق البيئة والاتفاق النووي، والشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسي ومحاولات ترامب للتدخّل في الشأن الداخلي لدول أعضاء في الاتحاد. مع واقع كهذا يصعب تخيّل وجود أدنى رغبة في بروكسيل لتكرار التجربة مع ولاية ثانية لترامب، بينما للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته أصدقاء أوفياء بالقارة العجوز، يكنون هم كذلك للاتحاد مشاعرَ سلبية.

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات وأعمال شغب في مدن أمريكية وتأهّب قوات الحرس الوطني لمواجهتها

بالنسبة لمارين لوبان، رئيسة حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرف، فـ "ترامب هو الأفضلُ لفرنسا". هكذا صرّحت في حوار لها على محطة CNews الفرنسية، مفتتحة كلامها بالحديث عن إيمانها الكبير بفوز ترامب وتفاؤلها بالنتائج الانتخابية الأولية التي حصل عليها،  تضيف لوبان: "ما أراه في ترامب هو عودة مفهوم الوطن، وكبح جماح العولمة المتوحشة". وأظن أن "زعيمًا سياسيًا يطالب بعودة الروح الوطنية، بعودة الحدود والسيادة الذاتية، هذا في نظري شخصٌ يتّسق مع سير التاريخ".

في إيطاليا أيضًا، نشر رئيس "الرابطة" اليميني المتطرّف، ماتيو سالفيني، صورة يعتمر فيها قبّعة حملة ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة من جديد!"، وكتب في تغريد صباح يوم الأربعاء: "فوزٌ ساحق لبايدن هكذا أخبرتنا الصحف.. وكما هي العادة لم يفهموا الوضع مرّة أخرى"، في إشارة إلى التقدم الذي حصّله المرشح الجمهوري خلال الساعات الأولى من فرز الأصوات. مضيفًا في مدحِ نظيره: "دونالد ترامب لديه الأفضلية الآن ومهما كانت النتائج فالمهم هو أنه قد عبّر عن مشاركة ديمقراطية عظيمة".

غيرَ بعيد عن إيطاليا، إلى جارتها الشرقية سلوفينيا، التي احتفى رئيس وزرائها، يانيز يانشا، بما  سماه نصرًا لحملة لترامب ونائبه مايك بينس، قائلًا: "من الواضح أن الأمريكيين اختاروا دونالد ترامب رئيسًا للأربع سنوات القادمة". متهمًا الإعلام بالتشويش والتضليل على هذا الفوز، خاتمًا تغريدته بتهنئة ترامب وحملته. هذا وفي وقت سابق، وفي حوار له مع وكالة رويترز، قدّم فيكتور أوربان، الزعيم اليميني المتطرف ورئيس الحكومة المجرية، دعمه لحملة ترامب الانتخابية، معبرًا عن يقينه بفوز المرشح الجمهوري بالقول: "عندي ثقة كبيرة في قراءتي الاستراتيجية.. بالنسبة لترامب فما تربطنا به هو قوة علاقاتنا الجيدة، وحساباتي صائبة، إذن أنا متأكّد من فوزه بالانتخابات".

أوربان وفي نفس الحديث لمّح إلى خفوت هذه العلاقات إذا ما تمّ انتخاب جو بايدن للرئاسة، وعلى ما يبدو فهي ليست مشكلة بلاده مع أمريكا وحدها إذا ما تحقق ذلك الاحتمال، بل مشكلتها مع باقي دول مجموعة فيشغراد. والتي انقسمت إلى نصفين حول هذه الانتخابات: فيما كلّ من المجر وبولندا، بحكومتيهما ذات التوجه اليميني المتطرف تدعمان ترامب، تقف كل من التشيك وسلوفاكيا بحكومتيهما اليمينية الليبرالية على الجانب الآخر من السباق الانتخابي الأمريكي.

ففي وارسو، ومنذ وصول حزب القانون والعدالة إلى سدة الحكم سنة 2017، أطلقت الحكومة مشروع "حصن ترامب" لتحديث الجيش بسلاح أمريكي، وشرعت في الدعوة إلى توسيع وإنشاء قواعدَ عسكرية أمريكية على أراضيها، لحماية البلاد من أي خطر روسي محتمل. هذا المشروع لم يتحقق إلى حد الآن،  لكن وبعدَ إعلان الرئيس الأمريكي سحب جنوده من ألمانيا، كانت بولندا أول من طلب استقبال هذه القوات على أرضها. إضافة إلى أن ترامب كان قد أعفى في وقت لاحق حاملي الجنسية البولندية من ضرورة الحصول على تأشيرة لدخول الأراضي الأمريكية. عكس براغ التي أمضت ولاية ترامب متخوّفة من فرض ضرائب أمريكية على صناعة السيارات بالبلاد.

"بايدن في البيت الأبيض يعني خفوت إشعاع القادة اليمينيين داخل مجموعة فيشغراد"، يورد مقال لموقع Balkan insight، مضيفًا أن الديمقراطيين في حال فوزهم سيمارسون ضغطًا على قادة المنطقة في ما يخص الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهذا قد يضايق كل من حكومات بولندا والمجر، عكس التشيك وسلوفاكيا اللذان يتبنيان هذه المبادئ، وبالتالي هذا قد يؤثرُ على مناخ العلاقات بين البلدان الأربعة.



اقرأ/ي أيضًا: 

6 نقاط فقط تفصل بايدن عن الفوز برئاسة البيت الأبيض.. كم يحتاج ترامب؟

بايدن يقتنص ويسكونسن ويواصل التقدم على ترامب في نتائج الانتخابات