05-فبراير-2019

مما كان انعكاسًا لآثار الحرب في اليمن، ارتفاع معدلات الطلاق (أ.ف.ب)

لم تكتف الحرب التي تشهدها اليمن منذ أربع سنوات بتدمير البنية التحتية للبلاد وحسب، بل دمرت كذلك العلاقات الأسرية، وقضت على الروابط الاجتماعية بين أفراد القبيلة الواحدة. 

مما كان انعكاسًا لآثار الحرب في اليمن ارتفاع معدلات الطلاق حتى انتشرت مظاهر الطلاق السريع الذي يعقب زواجًا لا يدوم شهورًا

ومما كان انعكاسًا لآثار الحرب في اليمن، ارتفاع معدلات الطلاق في بلد محافظ، حتى انتشرت مظاهر الطلاق السريع الذي يعقب زواجًا لا يستمر إلا لشهور قليلة.

اقرأ/ي أيضًا: نساء اليمن.. حين يغيب الإنصاف يحضر السحر!

كيف تسببت الحرب في ارتفاع معدلات الطلاق؟

تحدد الأعراف والعادات والتقاليد في اليمن، أن تتزوج المرأة من الرجل دون أن يرى أيًا منهما الآخر. ربما اختلف الوضع في السنوات الأخيرة بعض الشيء، إلا أن ذلك هو العرف السائد.

ومع ذلك العرف، لم يكن الطلاق بالنسب التي يعرفها اليمن في السنوات القليلة الأخيرة، فيما يبدو انعكاسًا واضحًا لأثر الحرب اجتماعيًا.

تقول زينب علي، وهي امرأة يمنية طلبت الطلاق من زوجها رغم أنه "كان نِعم الزوج. رجل متعلم، وكان يعمل محاسبًا في إحدى الشركات"، غير أن الانهيار الاقتصادي الذي أعقب الحرب أدى إلى إغلاق الشركة التي كان يعمل بها، ما جعله عاطلًا عن العمل.

الطلاق في اليمن
 انتشرت في اليمن مظاهر الطلاق السريع الذي يعقب زواجًا لا يدوم شهورًا

"غيّر ذلك من سلوكه. أصبح مكتئبًا طوال الوقت، وغاضبًا، حتى أنه كان يتعرض لي بالضرب في نوبات من الانفعال والحزن"، تقول زينب، مضيفةً أن ذلك الأثر النفسي اكتمل بأن تعطل العمل اللاحق الذي اشتغل فيه، وهو قيادة سيارة أجرة، على أمل أن يعين ذلك في إعالة أسرته.

واضطر زوجها إلى التوقف عن العمل بسيارته بسبب انعدام وجود المشتقات النفطية في الأسواق في أكثر الأحيان. دمرت الحرب الحياة الزوجية لزينب علي، وأثرت في أعماق شخصية زوجها. تقول زينب: "اضطررت إلى فراقه، بعد أن فقدت الأمل في تحسن حالته النفسية".

الهرب أو القتال

في المساعي الأخيرة للحفاظ على الأسرة من الانهيار، يُقدم رجال يمنيون إلى الهجرة غير النظامية إلى السعودية بحثًا عن لقمة العيش. وآخرون يُدفعون إلى ساحات القتال إلى جانبٍ أيّ من الأطراف المتقاتلة، في مقابل مال يكفي أسرهم.

من هؤلاء صادق الحيمي، المقاتل في صفوف الحوثيين. كان صادق ميكانيكي سيارات، لكن محله أغلق بعد اندلاع الحرب. "تراكمت الديون عليّ، وكان لا بد أن أجد طريقًا للبقاء على قيد الحياة أنا وأسرتي"، يقول الحيمي.

انضم الحيمي إلى صفوف الحوثيين "ليس حبًا في القتال، وإنما اضطرار"، على قوله، وهو يُشدد على أن موته في المعارك أفضل لديه من انهيار أسرته، طالما أن قتاله وإن كان بالموت، سيغنيهم بما يحتاجون إليه من مال!

"العشرات من الرجال اضطروا للالتحاق بجبهات القتال مع الأطراف المختلفة. وكثير منهم دفعوا حياتهم ثمنًا، من أجل تحقيق حياة أسرية سعيدة بالتوفير مصدر دخل"، تقول الناشطة المدنية سماح الشغدري.

50% زيادة في معدلات الطلاق

وفقًا لسماح الشغدري، فإن معدلات الطلاق في اليمن، ارتفعت خلال الأشهر الماضية لأكثر من 50%. وتُرجع الشغدري ذلك إلى "تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في اليمن. ذلك يدفع إلى التفكك الأسري حتمًا".

الطلاق في اليمن
ارتفاع نسب الفقر بل المجاعة، دفع بالكثير من الأزواج إلى ترك زوجاتهم

وتوضح الشغدري في حديثها لـ"ألترا صوت" إلى أنه "أصبح الفقر هو العامل الأساسي للتفريق بين الزوجين. عندما تبدأ الحالة المادية تسوء، تبدأ المشاكل والنزاعات، ثم تتفاقم يومًا بعد آخر، وقد يصل الأمر للانفصال".

وتقول سماح الشغدري إن "انقطاع المرتبات وتفشي البطالة وارتفاع نسب الفقر بل المجاعة، دفع بالكثير من الأزواج إلى ترك زوجاتهم، أو العكس".

"المال قد لا يجلب السعادة لكن الفقر يجلب الحزن"

تتفق الناشطة الإعلامية بشرى النظاري مع سماح الشغدري في كون الفقر وتفشي البطالة، قد دفع لزيادة معدلات الطلاق، وتزيد بقولها: "المال قد لا يجلب السعادة، لكن الفقر يجلب الحزن وانعدام الاستقرار".

لم يكن اليمن بلدًا غنيًا قبل الحرب، لكنه الآن بات مدمرًا تمامًا، وكل فرصة لأكل العيش في البلاد إما قضي عليها، أو أنها مهددة طوال الوقت. يؤثر ذلك جذريًا في المجتمع اليمني، فتظهر آثاره في مثل ارتفاع معدلات الطلاق والتفكك الأسري.

انقطاع المرتبات وتفشي البطالة وارتفاع نسب الفقر بل المجاعة، دفع بالكثير من الأزواج إلى ترك زوجاتهم، أو العكس

ومع الوضع في الاعتبار كون اليمن بلدًا محافظًا، ويربط الزواج والطلاق بأعراف وعادات وتقاليد، تجعل لهما حالة خاصة محاطة بالقدسية؛ فيصبح من الجليّ حجم الأثر التدميري الذي تركته الحرب في عمق المجتمع اليمني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وحش الطلاق في العراق.. 10 حالات كل ساعة!

الطلاق في مصر.. حالة كل 6 دقائق!