16-يوليو-2021

مشهد عام من بيروت (Getty)

في الوقت الذي تحتل فيه أخبار طوابير البنزين، انقطاع الدواء والكهرباء، غلاء أسعار اللحوم والخضّر  وتدهور القدرة الشرائية للبنانيين، الحيز الأكبر من اهتمامات الإعلام والصحافة في لبنان، قررت مجموعة من الناشطات إطلاق صرخة حول ارتفاع أسعار الفوط الصحية بشكل جنوني، يفوق قدرات الفتيات والسيدات ذوات الدخل المحدود، وقد قمن  بالإضاءة على هذه القضية الأساسية والملحّة، بسبب التعتيم الإعلامي حولها، الناجم عن التحفظّات الاجتماعية، وعدم جرأة الكثيرين على الخوض في الموضوع، بالإضافة لغياب الوعي لدى كثيرين حول أهميتها، إذ يعتبرونها أمرًا ثانويًا في ظل المعاناة اليومية للبنانيين.

وصلت صعوبة الحالة المعيشية في لبنان إلى حد التعثر في الوصول إلى الأساسيات الغذائية والصحية المستحقة، مثل الفوط الصحية للنساء مثلًا، الأمر الذي أدى إلى ظهور حملة واسعة وموجة تعليقات ومطالبات بهذا الخصوص 

وقد استخدمت الناشطات بشكل أساسي وسم #نشفتولنا_دمنا، وعبّرن من خلاله عن الحال الذي وصلت إليه المرأة في لبنان، وتراجع قدرتها على شراء أمور التزيين والملابس وما إلى ذلك، ليصل الأمر اليوم إلى الفوط الصحية، التي زاد سعرها أكثر من سبعة أضعاف خلال الأزمة. 

الناشطة السياسية والحقوقية المختصة بحقوق الإنسان فكتوريا زوين، نقلت عن إحدى الفتيات في لبنان، تأكيدها انّها تضطر للغياب عن المدرسة لبعض الأيام، بسبب عدم قدرة أهلها على شراء الفوط الصحية لها، وأن والدتها تعلّمها اليوم كيفية استخدام القماش عوضًا عن الفوط.  وأشارت زوين أيضًا إلى أن عددًا من النساء قرّرن تقليل كميات الفوط الصحية المستخدمة، واستخدام الفوطة نفسها لفترة أطول، بينما نشرت المحامية والحقوقية لينا زهيم صورة لدراسة تشير إلى أن ثلاثة أرباع الفتيات في لبنان يجدن صعوبة في الوصول لمستلزمات الدورة الشهرية بسبب ارتفاع أسعارها، وأشارت إلى أن حصول الفتيات على الفوط هو حق إنساني بامتياز. 

الناشطة والصحفية تالا رمضان قالت إن 36 % من الفتيات في لبنان، يعانين من مضاعفات صحية، لأنهن لا يحصلن على الفوط ومواد التعقيم اللازمة خلال الدورة الشهرية، بسبب الأزمة المالية والمعيشية، وضمن السياق نفسه، اعتبرت الناشطة شادية أن عملية التنظيف المناسبة خلال فترة الحيض ليست ترفًا أو رفاهية، بل هي حق أساسي لكل امرأة.  

 وللتأكيد على الصعوبات التي تواجهها الفتيات في التعبير عن مخاوفهن بشأن الدورة الشهرية، أو الحديث عن ارتفاع أسعارها، نشرت الناشطة دلال عبر الصمد دراسة تشير إلى أن 77 % من الفتيات في لبنان، لا يشعرن بالراحة عندما يناقشن قضية الدورة الشهرية مع والدهن، أو أحد أصدقائهن. من جهتها، قالت الناشطة تندريلا أن الأمم لا يمكنها أن تتطوّر في حال لم تعطَ النساءُ فيها حقوقهن، وأشارت إلى أن الفوط الصحية هي حقوق وليست امتيازات. 

أما الناشطة فاتن فقالت إنها تستخدم أقل عدد من الفوط الصحية اليوم، بسبب الوضع الاقتصادي وعدم قدرتها على شراء نفس العدد الذي اعتادت عليه، وأشارت إلى أنها تضطر لاستخدام الفوطة نفسها لساعات طويلة. 

ولم تقتصر أزمة الفوط الصحية على الفتيات اللبنانيات، بل عانت منها الفتيات الأجنبيات العاملات أو المقيمات في لبنان، بالإضافة إلى النازحات السوريات واللاجئات الفلسطينيات. الناشطة مليكة هاشم نقلت عن إحدى الفتيات الإثيوبيات العاملات في لبنان، تأكيدها إنها لا تستطيع اليوم شراء الفوط الصحية ولا الطعام، وأنّها تقضي معظم وقتها في النوم كي لا تفكّر بشعور الجوع طوال الوقت. 

كما لم تقتصر حملة #نشفتوا_دمنا على النساء، فقد عبر عدد من الناشطين الذكور تضامنهم مع الحملة، ومطالبتهم لمعالجة أزمة ارتفاع أسعار الفوط بشكل يفوق القدرة الشرائية لدى النساء، فذكّر الناشط راغب ملّي بقرار حكومة اسكتلندا في العام الماضي، بجعل الفوط الصحية مجانية للنساء، في الوقت الذي تحارب النساء في لبنان اليوم فقط لجعل سعر الفوط في متناولهن. وقال الناشط علي الجباوي إن ثلث النساء في لبنان معرضات اليوم للخطر في فترة الدورة الشهرية بسبب الفقر، في الوقت الذي يعشن في مجتمع أبوي لا يزال يعتبر الأمور التي تخصّ صحة النساء من المحرّمات.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تحرش جنسي وانتهاكات فادحة بحق العاملات في حقول الفاكهة جنوب إسبانيا

غضب عبر السوشيال ميديا في مصر بسبب قرارات تدمير أشجار المعادي