23-أكتوبر-2017

المزيد من توتر العلاقات بين المغرب والجزائر (فاروق بعطيش/أ.ف.ب)

مرة أخرى يتجدد التصعيد بين المغرب والجزائر، على خلفية تصريحات لوزير الشؤون الخارجية الجزائرية، عبد القادر مساهل، اتهم فيها الرباط مباشرة "بتبييض أموال الحشيش في إفريقيا"، ما فجّر أزمة دبلوماسية بين البلدين المتجاورين، لا تزال تداعياتها متواصلة حتى الساعة.

يتجدد التصعيد بين المغرب والجزائر، على خلفية تصريحات مساهل التي اتهم فيها الرباط بتبييض أموال الحشيش مما فجر أزمة دبلوماسية

اقرأ/ي أيضًا: وزارة خاصة للشؤون الأفريقية في المغرب.. على ماذا تراهن الرباط؟

المغرب يستدعي سفير الجزائر

وكان الوزير الجزائري عبد القادر مساهل قد قال، في كلمة له ضمن فعاليات منتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية في عاصمة بلاده، إن "الجزائر ليست المغرب، فهذا الأخير لا يقوم باستثمارات في إفريقيا، بل إن بنوكه تقوم بتبييض أموال الحشيش، وهذا الكلام أخبرني به العديد من زعماء البلدان الأفريقية" مضيفا أن "الخطوط الملكية المغربية لا تقوم فقط بنقل المسافرين عبر رحلاتها إلى دول إفريقية"، على حد تعبيره.

لكن الرباط لم تتأخر في الرد على هذه التصريحات الهجومية، فسرعان ما أعلنت الخارجية المغربية استدعاء القائم بأعمال السفارة الجزائرية في الرباط للتشاور، احتجاجًا على ما وصفتها بـ"التصريحات الصبيانية والشديدة الخطورة المتعلقة بسياسات المملكة المغربية في أفريقيا".

وقالت الخارجية المغربية في بلاغها الرسمي، "إن هذه التصريحات التي لا تستند لأي أساس، ليس من شأنها المساس لا بمصداقية، ولا بنجاح تعاون المملكة المغربية مع الدول الإفريقية الشقيقة، فضلاً عن أن المملكة المغربية تقوم بمبادرات فعالة ومجهودات كبيرة في مجال محاربة الاتجار بالمخدرات، بما فيها القرقوبي القادم من الجزائر".

واتهمت الرباط بدورها الجزائر بمحاولة تبرير الإخفاقات وإخفاء المشاكل الحقيقية، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تمس شرائح عريضة من الساكنة الجزائرية وخاصة الشباب، من خلال "ترويج هذه المزاعم الكاذبة"، وأردفت في بيانها أن الانخراط لفائدة إفريقيا لا يمكن اختزاله في مجرد مسألة موارد مالية، وإلا لحققت الجزائر بإيراداتها النفطية نجاحًا بهذا الصدد، بل إن "الأمر يتعلق برؤية واضحة وفاعلة، تؤمن بالمستقبل المشترك مع الدول والشعوب الشقيقة في إفريقيا".

كما سارعت ثلاث جهات مغربية معنية باتهامات الوزير الجزائري عبد القادر مساهل، وهي الخطوط الملكية المغربية والتجمع المهني لأبناك المغرب والاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى إصدار بيانات رسمية، تشجب فيها ادعاءات رئيس الدبلوماسية الجزائرية وتبرئ ذمتها.

ولم يصدر إلى الآن أي بيان رسمي عن الجزائر تقدم فيه اعتذارًا عن الاتهامات التي كالتها للمغرب، مثلما لم تظهر أي توضيحات أو تجاوبًا مع انزعاج الرباط، هذا وليست هذه المرة الأولى التي توظف فيها الجزائر قضية المخدرات كاستراتيجية للتشهير بالمغرب إقليميًا ودوليًا.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات السياسية بين المغرب والجزائر تعرف توترًا شديدًا منذ عقود من الزمن، ولا سيما بعد إغلاق الحدود الفاصلة بينهما بشكل تام سنة 1994، ومن حينها تطفو بين الفينة والأخرى أزمة دبلوماسية تكرس الشرخ العميق في العلاقات الثنائية للبلدين.

لم يصدر إلى الآن أي بيان رسمي عن الجزائر تقدم فيه اعتذارًا للمغرب، مثلما لم تظهر أي تجاوب مع انزعاج الرباط

اقرأ/ي أيضًا: ماذا وراء زيارة ملك المغرب لدول شرق أفريقيا؟

سجال إعلامي بين المغرب والجزائر

لم تقتصر الأزمة الجديدة بين الجزائر والرباط على الصعيد السياسي فقط، بل انتقلت أيضًا إلى المعترك الإعلامي وعلى الشبكات الاجتماعية، حيث تشهد حاليًا الساحة الإعلامية حملات هجومية متبادلة بين البلدين الشقيقين، تزيد من تصعيد الأزمة.

وفي هذا الصدد، شنت قناة "العيون" المغربية الجهوية هجومًا لاذعًا ضد وزير خارجية الجزائر، عبد القادر مساهل، ردًا على تصريحاته السابقة، حيث اتهمت في نشرتها المسائية الوزير "بممارسة اللواط والدعارة في أحياء بالجزائر"، في سابقة في الإعلام السمعي البصري الرسمي بالمغرب.

وفي المقابل وصفت قناة "الشروق" الجزائرية استدعاء السفير الجزائري بالخطوة "المتدنية وغير المقبولة" من قبل الرباط، مضيفة أن تصريحات الوزير عبد القادر مساهل "ليست تهجمية وإنما تصريحات عادية، ذكّرت بوجهة نظر الهيئات الأممية التي تعترف أن المغرب منتج ومصدر للمخدرات"، على حد قولها.

تتزامن الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب مع الجولة الإقليمية للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء

وعن خلفيات تصريحات الوزير الجزائري عبد القادر مساهل، التي اتهم فيها الرباط بتبييض أموال الحشيش في إفريقيا، كتب عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، وهي هيئة رسمية، مقالًا له يقول فيه، إن "تصريحات الوزير الجزائري تعبّر بالدرجة الأولى عن عمق الأزمة الاقتصادية والسياسية في بلاده، خاصة بعد انخفاض إيرادات النفط" وذلك بغاية تصدير مشاكل الجزائر الداخلية إلى الخارج و"تحويل أنظار مواطنيه بشكل فج ومكشوف عن المشاكل الحقيقية". ومن جهة أخرى يذكر بوصوف، أن هذه التصريحات تنم عن رغبة الدبلوماسية الجزائرية في "ضرب التوجه الإفريقي الذي ينتهجه الملك محمد السادس، بعد أن بدأ يعطي أكله على أكثر من صعيد".

بينما استغرب مصدر دبلوماسي، نقلاً عن جريدة "الخبر" الجزائرية، تفاعل المغرب الحاد تجاه تصريح عبد القادر مساهل، واصفًا الأمر بـ"محاولة الرباط ركوب مثل هذه التصريحات، التي كانت مجرد تعليق على تساؤلات طرحها رجال أعمال جزائريون في المنتدى، من أجل تحقيق مكاسب وهمية"، مردفًا أن استخدام الخارجية المغربية في بيانها عبارات "مشينة وساقطة" في حق الجزائر، "هو إدانة لأصحابه، وهو دليل على أن كلام وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل أصابهم بالرعب"، لكنه استبعد في نفس الوقت أن تتجه الخارجية الجزائرية نحو التصعيد.

وجاءت هذه الأزمة الدبلوماسية بين البلدين المغاربيين المتجاورين في وقت يتزامن مع الجولة الإقليمية التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وكذا مع التحضيرات لقمة الاتحاد الأوروبي وإفريقيا المزمع تنظيمها في آخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 بأبيدجان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تونس والسعي وراء أفريقيا "المنسية"

أفريقيا.. ملاذ الموريتانيين الأخير من البطالة