16-نوفمبر-2015

أمام جامعة القاهرة في الجيزة(بلال وجدي/الأناضول)

من يدير انتخابات الطلاب في مصر؟

تؤكد تقارير صحفية في القاهرة أن انتخابات الطلبة تدور دون إشكالات، يصل عدد المتقدمين لكراسي الاتحادات 22 ألف طالب والإقبال ضخم رغم سوء الوضع الحقوقي وهبوط مستوى الحراك الطلابي، حسب تقارير "المرصد الطلابي" التابعة لمؤسسة "حرية الفكر والتعبير".  

اقرأ/ي أيضًا: انتخابات الطلبة في مصر.. المنفذ المتبقي؟

والسؤال لا يجد إجابة إلى الآن في صحف القاهرة، غير أنّ ربط ما جرى خلال الأيام الماضية من جانب "رعاية الشباب" بالجامعات والقيود الدقيقة، والمجحفة حسب وصف البعض، الموضوعة في اللائحة الجديدة، يقود إلى توصيف هذه الانتخابات بـ"انتخابات الموظفين" وهم من يديرون اللعبة الآن.

يمكن توصيف انتخابات الطلاب في مصر سنة 2015 بانتخابات الموظفين وهم من يديرون خيوطها

"رعاية الشباب" هو القسم الخاص بإدارة الأنشطة الطلابية في الجامعات المصرية وهو معروف بتنسيقه مع جهات أمنية، أبرزها "أمن الدولة"، "الأمن القومي" حاليًا، منذ أزمنة "تدجين الطلاب" في عهد مبارك. ومن أبرز الروايات المتداولة عنه أنه المسؤول عن تصعيد الطالب محمد بدران، الذي أصبح مقرّبًا من الرئيس السيسي بتدشينه حزب "مستقبل وطن"، لرئاسة اتحاد طلاب مصر، حين كان والده، مصطفى بدران، مديرًا لرعاية الشباب في جامعة "بنها". خيوط اللعبة متشابكة ومشتبكة وليست ضيقة إذًا، فالدولة لا تتدخل بالتوجيهات فقط، ولكن بالتمويل والدعم المعنوي واللوجيستي والدعائي أحيانًا.

عبد الكريم.. رئيس اتحاد طلاب مصر القادم

تتجه دوائر صنع القرار بالجامعات المصرية لصناعة "محمد بدران" جديد، حيث جرت في النهر مياه عفنة لوضع وجوه "غير مشبوهة" في صدارة المشهد. انتقلت فكرة "التربيطات" الانتخابية من الشارع السياسي إلى داخل أسوار الجامعة، بدت سرية، لكن عدّة مقابلات بين هشام أشرف، رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة السابق، وفاطمة السيد، رئيس اللجنة السياسية العليا بالاتحاد، المقرّبة من شخصيات بالرئاسة، وعضو جبهة "شباب بلدي" ومحمد عزت، آخر رؤساء اتحاد طلاب جامعة كفر الشيخ، مع "بدران"، لتصعيد الطالب محمد عبد الكريم، رئيس اتحاد طلاب جامعة سوهاج السابق، إلى رئاسة اتحاد طلاب مصر، حيث إنه يلقى قبولًا من جانب "الأمن"، نظرًا لتشكيله تحالفًا انتخابيَا ضد قائمة "الإخوان" في الانتخابات الماضية.

يضاف إلى سجل "عبد الكريم"، طالب السنة النهائية بكلية "الطب البيطري"، كونه عضوًا بائتلاف "صوت طلاب مصر"، المدعوم من الحكومة بشكل زاد من أرصدته، إلى جانب تمويله من "مستقبل وطن»".

"صوت مصر".. يا خوفي يا "بدران"

لن يترك "مستقبل وطن"، حزب "شباب السيسي"، الذي يتحصل على تمويل دوري من رجال أعمال مثل أحمد أبو هشيمة، ومحمد الأمين، وفرج عامر، الانتخابات الطلابية تمرّ من بين يديه دون حجز مقاعد تصل إلى رئيس اتحاد طلاب مصر، فالقاعدة الطلابية هي أمانه وحصنه الأول والأخير، خاصة إن مؤسسه رمز جامعي حصل على شعبيته من رئاسة اتحاد طلاب مصر، وخوضه معركة شرسة ضد "الإخوان" أهّلته، في نظر النظام الحالي، لتأسيس حزب، وتحصيل حصة "مناسبة" من كراسي البرلمان المقبل.

كانت أمام محمد بدران عدة إجراءات و"تربيطات" قبل دخول معركة الطلاب لكي ينافس على "أغلبية الكراسي". ضم "مستقبل وطن" جبهة "صوت طلاب مصر"، التي انطلقت من أروقة جهاز سيادي، إلى جانب قائمة "تحيا مصر"، التي أعلنت عن تنظيم رحلات إلى روسيا، كانون الثاني /يناير المقبل، لـ50 طالب لتنشيط السياحة الخارجية بعد حادث "الطائرة المنكوبة".

علامات تعجب واستفهام تحيط بـ"تحيا مصر"، الذي حصل على لقب "عصافير الجامعة" بعد تردّد تحليلات ترقى إلى حد المعلومة المؤكدة عن دعمه من جانب "أمن الدولة"، خاصة وأن المبلغ المطلوب لتمويل رحلات 50 طالب إلى روسيا لا يمكن أن تتحمّله قائمة طلابية. وضمن محمد بدران "الحسنيين" من الأجهزة السيادية التي تدير انتخابات اتحاد الطلاب في مصر في قائمته التي تعتبرها الحكومة "قائمة الدولة"، لأنها تابعة لحزب "السيسي" المقرّب.

المطرودون من رحمة "رعاية الشباب"

الدولة لن تتحمل طالبًا كان عضوًا في "مصر القوية" أو حزب "الدستور" داخل اتحادات طلاب الجامعة. فقبل أيام، تم رفض أوراق ترشح 27 طالبًا في هندسة بنها، و30 طالبًا في صيدلة القاهرة، و30 طالبًا في هندسة شبين الكوم، و6 طلاب في هندسة الفيوم، و3 صيدلة الزقازيق، و20 آداب أسيوط، و30 طالبًا في آداب بنها حتى وصل العدد إلى 143 طالبًا وطالبة.

أين تقع مكاتب "رعاية الشباب" من المشهد الآن؟

تضع مكاتب "رعاية الشباب" "الكوابيس والدبابيس" في طريق الطلاب المرشّحين تنفيذًا للائحة الطلابية. وقد بدا للائحة دورٌ مختلف تمامًا عن ما يجب أن تكون عليه، فهي لا تنظم دخول الطلاب الانتخابات، إنما تنظم خروجهم منها على الأرجح.

لا تتدخل الدولة في انتخابات الطلاب في مصر بالتوجيهات فقط، ولكن بالتمويل والدعم المعنوي واللوجيستي والدعائي أحيانًا

ابتدعت اللائحة شرط "النشاط الطلابي الملحوظ" للترشح في الانتخابات، وتم رفض أوراق مرشحي حركة طلاب "مصر القوية"، استنادًا إلى هذا الشرط الذي يعني أن المرشح لابد أن يكون صاحب نشاط داخل الجامعة، سواء كان نشاطًا علميًا أو فنيًا أو ثقافيًا.

هذا الشرط ليس غريبًا، الغريب أن كل المرفوضين كانوا أعضاء أسر طلابية ومشاركين في «نماذج محاكاة» ومبادرات وأنشطة طلابية، لكن السرّ في الرفض هو أنّ ورقة مسرّبة من أمن الجامعة إلى مكاتب "رعاية الشباب" تحتوي على أسماء ووجوه "مرفوضة دون إبداء أسباب"، حسبما أوضحت "مصر القوية" على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". طلاب "مصر القوية" و"الدستور" ضحايا اللائحة المطاطة، وشروط الدولة "الغريبة" لقبول أعضاء اتحاد طلاب جدد.

اتحاد طلاب "الرئيس" يترشح

بعد خروج "الإخوان" و"6 أبريل" من السباق تنفيذًا للائحة الطلابية، ولحق بهم الآن طلاب "الدستور" و"مصر القوية" في الانتخابات، التي يعلن الرابح فيها أوائل كانون الأول/ ديسمبر المقبل، الرهان المتبقي سيكون على المستقلين.

أغلب المرشحين للفوز بالمقاعد الخاوية مستقلون، ليسوا تابعين لحركات أو أحزاب أو ائتلافات، حيث أن قرارات "رعاية الشباب" بطرد أغلب المرشحين "المسيسين"، وفَصْل بعضهم، لا تزال ساخنة على مكاتب رؤساء الجامعات، وتفضي إلى نتيجة واحدة وهي أن الترتيبات لتصعيد "صوت طلاب مصر" جارية على أشدها بعد تفريغ المجال العام داخل الجامعة من "الحركات الطلابية المعارضة". والترتيب القادم أمام ائتلاف "صوت طلاب مصر"، لصاحبه محمد بدران، بعد إجراء الانتخابات، سيكون المعركة لجذب المستقلين "أعضاء اتحاد طلاب الجامعات" إلى القائمة لضم باقي القيادات الطلابية إلى حظيرة الدولة.

أسلوب نظام "مبارك" يتكرَّر بعنف

"المانشيت" المناسب الآن للصحف المصرية عن الانتخابات هو «اتحاد طلاب مصر يترشّح»، فالأسماء الناجية من مجازر «الاستبعاد» محددة سلفًا، والأسماء الناجحة في الانتخابات الطلابية معروفة ومكتوبة بحبر حكومي على ورق رسمي مختوم من جانب شخصيات "عليا" قرَّرت كل شيء مبكرًا جدًا، ولم تترك للطلاب حرية اختيار ممثليهم. كل شيء يجري في القاهرة، وفي الجامعة تحديدًا، لا يحدث بالصدفة، فالصدفة قد تسيّر انفجار طائرة في الجو، وغرق الإسكندرية على الأرض، لكن لا تحكم انتخابات طلاب "السيسي".

اقرأ/ي أيضًا: 

جامعة الأزهر.. "عزبة" عبد الحي عزب!

طلبة مصر أمام القضاء!

الحراك الطلابي في مصر..هل انتهى؟