02-أكتوبر-2021

امرأة من المايا في غواتيمالا تطالع صور لضحايا الإخفاء القسري (Getty)

أوقفت الحكومة في غواتيمالا عمليات البحث عن رفات أطفال من السكان الأصليين كان يعتقد أنهم قتلوا في مذبحة ودفنوا سرًا في إحدى الثكنات العسكرية السابقة خلال الحرب الأهلية في البلاد التي اندلعت خلال عقد الثمانينات، وقد علقت عمليات البحث إلى أجل غير مسمى بسبب انعدام اليقين في إيجاد أي أثر لرفاتهم حسب ما زعمت الشرطة المحلية. وفيما كان من المقرر أن تبدأ جهود استخراج الجثث في قرية تشيول، على بعد أكثر من 200 كيلومتر من عاصمة البلاد غواتيمالا، تم إيقاف المحاولات من قبل السلطات دون تقديم أي تفسيرات، بحسب ما أفادت وكالة رويترز.

قالت منظمة العفو الدولية أن غواتيمالا تتعرض للسحق بسبب حكم الإفلات من العقاب، فضلًا عن عدم المساواة الاجتماعية الشديدة، وتشهد أعلى مستويات جرائم العنف في أي مكان في أمريكا اللاتينية

وكان زعماء من السكان الأصليين قد بدأوا بالتوافد لحضور اجتماعات مع السلطات الغواتيمالية لمعرفة أسباب منعهم من قبل السلطات المحلية نبش الجثث في الموقع الذي يعتقد أن أطفالًا من مجتمع تشيول للسكان الأصليين ذبحوا في الحرب الأهلية ودفنوا فيه. وقال زعيم جمعية ضحايا أسوموفيدنك، دييغو ريفيرا، "لا يوجد موعد جديد لاستئناف عمليات استخراج الجثث بسبب الوضع الأمني"، وأضاف بالقول "إن عدم التنسيق بين السلطات يمنع أعمال الحفر من المضي قدمًا"، كما نقل تقرير رويترز.

اقرأ/ي أيضًا: أساتذة مصر المتعاقدون يغردون ضد قرار الوزارة بفتح باب التطوع

وبينما لم يتضح للسكان سبب معارضة عمليات استخراج الجثث، إلا أن أحد الناجين من المذبحة والذي كان في موقع الحفر، ويدعى أرنولفو أوكسلاج، أشار لوكالة رويترز بالقول "من بين أولئك الذين عارضوا البحث والحفر أفراد سابقون في القوات المسلحة للبلاد متهمون بارتكاب المجزرة"، لكن دون أن تتمكن وكالة رويترز من التحقق من صحة هذه المزاعم. ويقول شهود عيان بأن أفراد القوات المسلحة ألقوا القبض على مئات السكان واقتادوهم إلى الثكنة العسكرية، حيث فصلوا الأطفال عن ذويهم. وتابع أوكسلاج حديثه بالقول "حينها تعرض 116 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 2 و 15 عامًا للتعذيب، وتم إلقائهم آنذاك في بئر للمياه داخل المنشأة العسكرية حيث غرقوا".

لكن ومع ذلك، لا يوجد سجل رسمي لعدد الضحايا أو أي توضيح حول الدوافع وراء عمليات القتل، في حين اتهم الجيش الغواتيمالي بشن حملة إبادة جماعية ضد السكان الأصليين خلال الصراع الأهلي. ويذكر بأن المذبحة، وهي واحدة من العديد من المذابح التي استهدفت مجتمعات المايا خلال الحرب الأهلية، وقعت في 21 أيار/مايو من العام 1988 في مجتمع تشيول الأصلي الذي يقطن في الأماكن النائية، بحسب ما نقل موقع توداي أونلاين.

ويذكر أن تاريخ الحرب الأهلية في غواتيمالا يعود إلى عام 1945 حيث كانت تتعرض البلاد إلى انقلابات عسكرية متتالية وإلى معارك عسكرية بين الجيش وبين مجموعات يسارية وشهدت البلاد حروب عصابات متعددة. وبحلول الوقت الذي انتهت فيه الحرب بمعاهدة في عام 1996، كان قد قتل أكثر من 200 ألف شخص، وأدت الحرب لتشريد أكثر من نصف مليون شخص، وأسفرت عن تعرض العديد من الأشخاص للاغتصاب والتعذيب والإخفاء القسري وحصول عدة مجازر جماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان.

ومن بين الـ200 ألف قتيل، كانت غالبية الضحايا من السكان الأصليين الذين تم استهدافهم بضراوة من قبل المجموعات العسكرية، ووقعت إبادات جماعية بحقهم وصلت إلى حدود 105 إبادة جماعية ذهب ضحيتها مدنيين من شعب المايا في جميع أنحاء البلاد. ووفقًا للجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (IACHA)، فإن معدلات الفقر المدقع أعلى بثلاث مرات بين السكان الأصليين، وعلى الرغم من انتهاء الحرب الأهلية، فلا تزال معدلات الفقر والإقصاء والعنف أعلى ضد السكان الأصليين في غواتيمالا، بحسب ما ذكر تقرير لمنظمة The BORGEN PROJECT.

فيما تبقى مشكلة المساءلة وإصدار الأحكام على انتهاكات حقوق الإنسان قائمة. فبعد مرور أكثر من 20 عامًا على انتهاء الحرب، تم توجيه العديد من الاتهامات لعدد من الضباط العسكريين السابقين بارتكاب جرائم حرب، لكنهم ما زالوا ينتظرون مواعيد المحاكمة وإصدار الأحكام الرسمية على انتهاكات حقوق الإنسان مثل الاغتصاب والمذابح والإبادة الجماعية مثل تلك التي تعرض لها المدنيون في إكسيل وتشيول، غير أنها تتسم بالبطء الشديد.

وبحسب منظمة العفو الدولية - أمنستي، "فانتهاء النزاع المسلح في غواتيمالا الذي دام 36 عامًا، كان الهدف منه إقامة دولة تقوم على سيادة القانون، ولكن اليوم لا تزال غواتيمالا تتعرض للسحق بسبب حكم الإفلات من العقاب، فضلًا عن عدم المساواة الاجتماعية الشديدة، وتشهد أعلى مستويات جرائم العنف في أي مكان في أمريكا اللاتينية". وأضافت أمنستي "التطهير الاجتماعي والقتل على يد قوات الأمن الحكومية والخاصة، واستهداف أطفال الشوارع، والمثليين، والعاملين في مجال الجنس، وأعضاء عصابات الشباب، وغيرهم، كل ذلك يتم عبر دعم الدولة الضمني للمنظمات السرية المسلحة بشكل غير قانوني المرتبطة بعملاء الدولة والجريمة المنظمة، فمنذ عام 2001 حصل حوالي 2500 جريمة وحشية في البلاد".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

اتهامات لموظفين في المنظمات الإغاثية بالاعتداء الجنسي على النساء في الكونغو

تنديد واسع عبر منصات التواصل في البحرين بزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي