03-سبتمبر-2021

لوحة لـ ماريك اورسا/ بولندا

المدخل:

كلّ النساء سواكِ أنتِ

 زبدْ

ليس لهنّ ذاكرةٌ معي

ولا لغةٌ

وأنتِ وحدك للأبد

 

1

تحبّني امرأة ما بطريقة عمليّةْ

كحفيف الشجرْ

كوقع النّدى

ذات قُبْلة في مساءٍ طويلْ

كأنّ علينا أن نقصّ أجنحة القصيدةِ

كلّما هبَّ الحنينُ ونادانا الغيابْ

 

2

سيّدة هادئة تحبّ الشّعرَ

تجدل شَعْرها لغةً للأغاني

تكتب في دفترها سطرًا من أماني العمر

سيّدة هادئة تبدأ يومها بالشمسِ والحبّ

تفكّك الظّلّ إلى لغتين بعيدتين في المعنى؛

ظاهرةٍ تعرّف الأشجار قامتها

وأخرى تولد بين غصنين في أعالي الشجرةْ

سيّدة هادئة كالكمنجات تهمس في الضوءِ فينحني

واضحة كموسيقى

وغامضةٌ كنشوة فارهةْ

سيّدة تولد كلّ يوم من جديدْ

من دمعةٍ أو فرحةٍ أو قصّة في الحكايا الغامضةْ

تتابع غزْل بُرْدة لهذا الكونِ

يشعر بالأمان

سيّدة من هذا العالم

صوفيّة

دُهريّة

طينيّة مجبولة بيد اللهِ من عطر ونورْ

 

3

هيَ امرأة تنام عنّي طويلًا وتنسى شقوتي والحرفْ

وتلهو مع مفاتنها

وتكتب بعدها جملًا غريبةْ

ينغِّم صوتها أوهام غيري

هيَ امرأة تسلّ جنون شقوتها ولم تحفل بأحلامي

تدثّر نفسها بدفء غطائها الشتوي

وتشرع عندما تصحو ترقّصني على وجعي

وتضحكْ

وتشتمني بعنفْ

هيَ امرأة تحاول أن تروّضني فتتعبْ

أو أروّضها فأُغلبْ

وتسرف في هجائي

وتخرسني

تقلّمني أظافرُها بطلاء طيفْ

 

4

أبعدوا عنّي السجائر والكحولَ في هذا الصباح

لي امرأة هناكَ

تشعّ نورًا كلّما نطقت تقاطر الشهدُ في لغة الشجرْ

على لغتي كما يبغي التماع الماءْ

أبعدوا عنّي الكلام المستبدَّ

وحرّروا جسدي من غريب الاستعارةِ

واضحًا كنت وأبقى واضحًا

من دون أيّ كناية ومجاز معنى

أليس لي امرأة هناكَ؟

لعلّني أبدأ مثل كلّ الناس يومي

 

5

عشقتُ امرأة أخرى وَهْنًا من اللّيلْ

رأيتكِ بيننا

سخرتِ من لون عينيها

ومنّي

وتركتِ لي على شفتيَّ رسم "الواو"

مشيتُ أنتعلُ الطّريقْ

وقلب قلبي "حذائي"

وتلوتِ ما بيني وبين الوقتِ بعض قصائدي

ومشيتِ فيّ إليّ فيضًا من ضياءِ

 

6

تراودني امرأة لأنثر في سماء الحبّ متعتنا

أطايبَ ثمرتينْ

وأشرب قدح خمر من مسامتها

وأكتب كلّ يوم ما حلمت به على نهدينْ

تراودني امرأة في جلستيها الأخريَيْنْ

وتمدّ قامتها وتأخذني إلى شيء من القبل الخفيفةْ

تعود أسئلتي الشهيّة "كيفَ، متى، وأينْ"

شفة على شفة وأشعر بالعطشِ المحمّلِ آهتينْ

 

7

هي امرأة تراودني عن الوقت المتاحْ

ولم تتركْ ليَ الهامشْ

تغسّل نفسها في آخر مشتهى بيني وبين الماء في الوردةْ

تمصّ عجينة الأشياءْ

وتخلق ياسمينًا بين عينيها وتفتح كل بابْ

يهنّئها الندى وإشارة أخرى لتلك الناصية

تراودني امرأة لأكتبها

وتنسى أنّها ولدت على ثغر القَصيدةْ

تراودني امرأةٌ عن لحظة أخرى وأنا أفتّشها في اللحظة الباقية

فلا تنسيْ لقاءً آخرًا في الغدْ

 

8

هيَ امرأةٌ تحبّ الشتاءَ اغتسالَ المطرْ

وتمشي فراشة ناعمة الخطوات مع خيط السحابْ

تحبّ سماع الأغنيات الهادئة

وإيقاع الحفيف مع الشجرْ

تجدّد نفسها بغيمة هاطلةٍ، جامحةٍ مثل فرسْ

تشعر أنّ الله فيها قطرة متدلّيةٌ

تجوب الشوارع لينجب فيها الغيمُ وصلته القادمة

وترسم في المدى شارتها اللولبيّةَ

تتهادى مثل نغمة متتالية

في معارجها القصيّة مثل نور ملكْ

تخفّف حرّ صيف متهدّل يزعجها

كأنّ هذا الشتاء لها وحدها دون سرب حمام وغيومْ

تقدّ لي حرفين من شغفٍ ومن شرفٍ ومن شبقِ الشفقْ

من شروق الشين في فاءِ الفلكْ

لغة حميميّة الدفء وصلًا ورضىً

امرأة المدينة هذا اليوم سرّ الله في هذي المدينةْ

شاديةٌ وشافية وشاهدة وشامة غرّاء في وجه الألقْ

تعتنق الومقَ المتصبّب منها

كلّما احتدّت محاني الماءِ ضوّعها العبقْ

 

8

ليس لي قلب هنا

في الصّدر وردة وعصفور يغنّي

والشِّعر تعويذةٌ، أيقونةٌ، أقنومُ حبّ لذاك الإلهْ

ليس لي ماءٌ على شجري سوى القطرات

في البحر أشرعة وغرقى وأمواج تصلّي

وعشّاق وصدر فتاةٍ ناعم تَحَدَّرُ بين شقّيه المياهْ

ليس لي قمر هناك في الأعلى

في الرّيح أغنيتي

للمدّ صورة غيمتي

وأبواب السَّماء المُشْرَعةْ

لتدخل الأشياء سرًّا في الحياةْ

ليس لي صوت هنا ولا صوت هناكْ

غير انعكاس الضَّوْء في لغتي

وعينا امرأة تحبُّ صداقتي وورد هديّتي

وتدرج فوق أطرافي كطير قطاةْ

ليس لي إلّا أنايَ تدخل في أنايْ

وتنتظر المدينة علّها تأتي

وتحمل امرأةً على المرآةْ

ليس لي غيرُ هاتيكَ الفتاهْ

ليس لي غيرُ هاتيكَ الفتاهْ

 

9

يا امرأة الصورة فيضي واسكنيني

واستبيحي كلّ ما يأتيك منّي واجرعيني

واستجيري في الصباح الحلو بالمعنى اليقيني

أيّهذا الظلّ لا تعتم رؤاك على ظنوني

كم سيكبر من جنونك موجُ أمواجي ليكسرني جنوني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وحدها الطيور من تعلم

تينيسي ويليامز: كزوج من الدمى أوقعها طفل يشعر بالملل

دلالات: