21-ديسمبر-2023
المرحلة التالية من الحرب على غزة

التقديرات في إسرائيل تتحدث عن مرحلة جديدة من العدوان تمهيدًا للعدوان الطويل (Getty)

يتواصل الحديث في إسرائيل والولايات المتحدة، عن انتقال الجيش الإسرائيلي، إلى مرحلة جديدة من العدوان على قطاع غزة، وتتمثل المعالم الأساسية، من هذه المرحلة بكونها "أقل حدة"، وتتجه نحو "التركيز على عمليات محدودة"، دون أي حديث عن إنهاء قريب للحرب، وسط حديث متزايد عن أن هذه الفترة قد تكون طويلة. فيما تبرز الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، التي تهدد بالانسحاب منها في حال التوجه نحو مرحلة أقل حدة.

وفي استباق للحملة السياسية، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إن الجيش الإسرائيلي يقاتل حماس "في كل مكان" في قطاع غزة. مضيفًا: "من يعتقد أننا سنتوقف فهو منفصل عن الواقع.. نقاتل حماس بنيران عنيفة، في كل مكان، بما في ذلك اليوم"، وفق قوله.

وهدد وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، بانسحابه من الحكومة الإسرائيلية، في حال "تقليص الحرب" أو "الانتقال إلى مرحلة أقل حدة"، قائلًا: "إذا كان هناك من ينوي إيقاف الجيش الإسرائيلي قبل هزيمة حماس وإعادة جميع المختطفين، ليأخذ بالاعتبار أن عوتسما يهوديت ليس معه".

يهدد إيتمار بن غفير الحكومة الإسرائيلية، حال التوجه إلى مرحلة أقل حدة في العدوان على قطاع غزة

وأضاف المتطرف بن غفير: "فكرة تقليص الحرب في غزة هي فشل لإدارة الحرب في الحكومة المحدودة. ويجب حلها على الفور. وحان الوقت لإعادة زمام الأمور إلى الحكومة الموسعة".

وقالت مصادر مقربة من وزير الأمن القومي، إن نتنياهو يواجه الآن مفترق طرق: "أمام نتنياهو خياران. إما تقليص الحرب والبقاء مع غانتس، أو يواصل هجومًا قويًا مع بن غفير".

ودخل المتطرف الآخر ووزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، على خط التهديدات لرئيس الحكومة الإسرائيلية، وذلك بعد الحديث عن تقليص العدوان، بالإضافة إلى رفضه عزله من اتخاذ القرارات، بما في ذلك الخلاف على موعد الانتخابات المحلية في إسرائيل، وميزانية الدولة.

على خلفية الحديث عن محادثات حول صفقة تبادل، كتب سموتريش على حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "على مجلس الوزراء الحربي أن يرسل رئيس الموساد لإحباط قادة حماس أينما تواجدوا. لا للحديث والتفاوض معهم".

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى أن تل أبيب تنسق بشكلٍ كامل مع الولايات المتحدة في هذا الملف، خاصةً مع تقديم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لخطة عسكرية للانتقال للمرحلة الثالثة من العدوان على قطاع غزة.

الاقتراب من المرحلة التالية

وفي السياق نفسه، كتب المحلل الأبرز في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنيع، إن نتنياهو قال "سوف تستمر الحرب حتى يتم القضاء على حماس - حتى النصر".

وعلق على ذلك، بالقول: "من الناحية التاريخية قد يكون على حق: فالحرب بين إسرائيل والمنظمات قد تستمر لسنوات، وربما حتى لأجيال... أقترح التعامل مع التصريحات الرنانة بحذر. الحديث عن حروب المستقبل يهدف إلى إخفاء كآبة الحاضر. ربما تكون خان يونس المحطة الأخيرة فيما يسميه الجيش ’المرحلة الصعبة’ من الحرب".

ويضيف، "الحديث عن توسيع العمليات البرية للجيش الإسرائيلي تظهر أمرين. الأول، أن شمال قطاع غزة لم يتم تطهيره بعد: يخرج عناصر التنظيمات أحيانًا من الأنفاق والمباني والمقاتلين؛ والثاني، أن الجيش يشم رائحة النهاية، ويحاول تحقيق المزيد من الإنجازات قبل إعلان وقف إطلاق النار، هذه الأيام يمكن أن تسمى ترتيبات نهائية في غزة، والهدف هو تسهيل تواجد الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في المرحلة المقبلة".

ويتحدث برنيع، عن أن الموعد المتوقف لذلك، هو منتصف الشهر المقبل. مشيرًا إلى أنه سيتم تسريح العديد من جنود الجيش، بالإضافة إلى إقامة شريط أمني، بعرض كيلومتر واحد.

وختم مقاله، بالقول: "كانت الأهداف التي وضعها المستوى السياسي أمام الجيش بعيدة المنال. لقد كان واضحًا للجميع منذ اليوم الأول: التصفية والإبادة والدمار، هي أمنيات متوقعة عندما يتعلق الأمر بالضربة التي تلقيناها في 7 أكتوبر. لكن التمني ليس خطة عسكرية، وليس استراتيجية. إن التوقعات المفرطة تثير خيبة الأمل".

من جانبه، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، يوم أمس الأربعاء، إن المخاوف من نشوب حرب إقليمية أوسع في الشرق الأوسط من المحتمل أن تهدأ بمجرد أن تنقل إسرائيل مهمتها العسكرية في غزة إلى عمليات قتالية أقل حدة.

وردًا على سؤال عما إذا كان قرار إسرائيل بالتحول من "العمليات عالية الكثافة إلى مهام أكثر استهدافًا تعتمد على الاستخبارات"، كما حثت إدارة بايدن مرارًا في الأيام الأخيرة، يمكن أن يقلل من خطر نشوب صراع أوسع مع إيران ووكلائها الإقليميين، أجاب أوستن وأشار إلى أنه من شأنه أن يساعد. وقال أوستن: "إذا حدث ذلك، فعندما يحدث ذلك، فمن المنطقي أن نرى بعضًا من ذلك، وسوف نرى بعض الانخفاض في النشاط".

قرار بناءً على طلب واشنطن

وفي السياق نفسه، تحدث المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، يوم أمس، عن أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يتجه إلى "وتيرة أقل حدة" بناءً على طلب الولايات المتحدة.

وقال هارئيل: "هناك فهم متزايد بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل بأن الحرب في غزة سوف تنتقل إلى مرحلتها التالية خلال الشهر المقبل. توصية واشنطن هي أن يشمل التغيير إنشاء منطقة عازلة على حدود غزة (وربما أيضًا بين النصفين الشمالي والجنوبي للجيب)، وتخفيض بعض قوات الاحتياط والتحول إلى غارات على مستوى الفرقة في القطاع". مضيفًا: "تجري الآن مناورات برية بطيئة من قبل أربع فرق داخل غزة".

ويشير هارئيل إلى أن المداولات "تتركز في إسرائيل على مسألة متى سيكون الوقت المناسب لتنفيذ التغيير، في منتصف شهر كانون الثاني/يناير أو في نهايته. ومع ذلك، لا تزال هناك عقبة سياسية كبيرة أمام الانتقال إلى المرحلة التالية، وهي خوف بنيامين نتنياهو من انهيار ائتلافه تحت ضغط اليمين الغاضب".

وعن الدعم الأمريكي، قال المعلق العسكري: "إنهم يقدمون دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا هائلاً وأظهروا صبرًا مدهشًا في مواجهة الاستفزازات المتكررة من قبل نتنياهو وبعض الشخصيات اليمينية المتطرفة في حكومته. ولكنهم منزعجون أيضًا من القتل الجماعي للمدنيين في غزة. وكما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي، فإنهم يتوقعون من إسرائيل أن تحد من الغارات الجوية من أجل تقليل عدد القتلى المدنيين".

كتب المحلل الأبرز في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنيع، ربما تكون خان يونس المحطة الأخيرة فيما يسميه الجيش ’المرحلة الصعبة’ من الحرب

إلى جانب النقاش الأمريكي، تحدث هارئيل عن عائق آخر، وهو خدمة قوات الاحتياط في جيش الاحتلال، التي باتت طويلة، وهي تنعكس عليهم وعلى الاقتصاد الإسرائيلي.

وعن توسيع العدوان الإسرائيلي، أوضح هارئيل: "ليس لدى الولايات المتحدة أي تحفظات بشأن رغبة إسرائيل في توسيع هجوم خان يونس، فيما قال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الثلاثاء، إن هدفه الرئيسي هو ضرب قيادة حماس. وتسير العملية في خان يونس ببطء وحذر".

وعن الحديث عن اغتيال السنوار وقادة حركة حماس، أشار إلى أن توقعات المؤسسة الأمنية منخفضة قليلًا، إذ قال رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي للكابنيت الإسرائيلي: إن "الأمريكيين استغرقوا 10 سنوات بعد 11 سبتمبر للعثور على أسامة بن لادن وقتله،. أمّا قتل زعيم حماس يحيى السنوار سيستغرق وقتًا أقل"، ويوضح هارئيل: "المعنى الضمني هو أن العملية قد تأخذ طابعًا مختلفًا قبل أن تحقق أهدافها".