29-أبريل-2021

صورة تعبيرية (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

أفادت وكالة رويترز، نقلًا عن صحيفة الفاينانشيال تايمز، بأن الصين تستعد للإبلاغ عن أول انخفاض في النمو السكاني لديها منذ 5 عقود في أعقاب إحصاء يجرى مرة كل عقد من قبل المكتب الوطني للإحصاء. الإحصاء الذي أجري في العام الماضي وكان من المقرر صدوره في بداية هذا الشهر، غير أن أسبابًا حالت دون ذلك، منها اعتبار الدوائر الحكومية في الصين أن عدد السكان مسألة حساسة للغاية وتتطلب التوصل إلى توافق في الآراء داخل القيادة الصينية بشأن البيانات وآثارها. ولم يتم تقديم أي تفسير للتأخير في إعلان نتيجة الإحصاء، على الرغم من أن المكتب الوطني للإحصاء أفاد بالحاجة للمزيد من الأعمال التحضيرية قبل عرض التقرير.

يعتمد اقتصاد الصين اليوم بشكل محوري على وفرة اليد العاملة الشابة والرخيصة، ما يجعل من المسألة الديموغرافية من بين أولويات خطط الحزب الشيوعي الصيني 

في المقابل، كانت وسائل الإعلام الحكومية في الصين تمارس "التعتيم" بشكل متزايد فيما خص المسألة، مشيرة إلى أن عدد السكان قد يبدأ في الانكماش في السنوات القليلة المقبلة. وسيؤدي انخفاض عدد السكان إلى زيادة الضغط على بكين لاتخاذ تدابير لتشجيع الأزواج على إنجاب المزيد من الأطفال وتجنب حدوث انخفاض لا رجعة فيه. وكذلك ستكون هناك انعكاسات كبيرة للمسألة حيث سيؤدي انخفاض معدلات المواليد الجدد إلى سيطرة النسب العمرية الكبيرة، أو ما يعرف بسن الشيخوخة في المجتمع وإلى زيادة الضغط على كبار السن في أماكن العمل وسيؤدي ذلك إلى نتائج مضرة بالإنتاجية، بحسب ما نقلت  صحيفة Asian Herald.

اقرأ/ي أيضًا: قانون فرنسي جديد لـ"مكافحة الإرهاب" يشدد الرقابة على الإنترنت

وقال كبير الاقتصاديين في شركة Pinpoint Asset Management، تشيوي يانج، لموقع قناة CNBC "إذا أكدت الصين مثل هذا التراجع، فستكون المسألة كبيرة التأثير"، وأضاف "من المرجح أن تخفف الصين من سياسة تحديد النسل تمامًا، وأن تقوم بتخفيض سن التقاعد".

ونقلت شبكة RTE نيوز عن معهد كابيتال إيكونوميكس للإحصاء ما مفاده "تشير توقعاتنا باستخدام أرقام ما قبل الإحصاء إلى أن القوة العاملة الصينية ستنخفض بنسبة 0.5% سنويًا بحلول عام 2030، مع تأثير مماثل على الناتج المحلي الإجمالي"، وأضافت "إن تباطؤ النمو سيجعل اللحاق بالولايات المتحدة أكثر صعوبة اقتصاديًا، وقد يكون هناك تأثير غير ملموس على مكانة الصين العالمية أيضًا". وبحسب تقرير RTE ففي حين أن وتيرة الشيخوخة تتسارع في الصين، فإن سكان الولايات المتحدة يظهرون تغيرات إيجابية، حيث سيرتفع عددهم بنسبة 15% في عام 2050 مقارنة بعام 2019، بينما سينخفض عدد سكان الصين بنسبة 2.2%. يأتي ذلك وسط تحذيرات داخلية من أن الصين يجب أن تدرك أن وضعها الديموغرافي تغير، أو في طريقه نحو التغيير، مما سيكون له نتائج وانعكاسات سلبية تتعلق بدورها ومكانتها العالمية، وقد حذر بنك الصين الشعبي من هذه المسألة بالقول "ندرك أن التعليم والتقدم التكنولوجي لا يمكن لهما التعويض عن الانخفاض في عدد السكان".

وبناء على التوقعات التي قدمتها الأمم المتحدة، فمن المرجح أن يصل عدد سكان الصين إلى ذروته في عام 2027، غير أن نتائج الإحصاء المعاكسة للتوقعات جاءت في وقت أبكر بكثير مما توقعه صناع السياسات حول العالم. ففي عام 2016، ألغت الصين سياسة الطفل الواحد التي استمرت عقودًا على أمل زيادة عدد الأطفال، وتم استبدال الإجراء بسياسة الطفلين لكل عائلة. حينها كانت الحكومة الصينية تهدف لزيادة عدد سكانها من 1.34 مليار في عام 2010 إلى حوالي 1.42 مليار نسمة بحلول عام 2020، بحسب ما أشار موقع داكا تريبيون، غير أن معدل الإنجاب ظل يتراجع بفعل عوامل كثيرة، منها ما يرجع بشكل جزئي إلى أن الأزواج في المدن، وخاصة أولئك الذين ولدوا بعد عام 1990، يقدرون استقلالهم وأعمالهم المهنية أكثر من إنشاء الأسرة. ويضاف إلى ذلك ارتفاع أعداد الولادات في المدن والاكتظاظ الحاصل وارتفاع تكاليف المعيشة في المدن الكبرى، كلها أسباب حالت بين الأزواج وبين اتخاذ قرار الإنجاب.

كما أشارت دراسة world population review إلى أن التوقعات الحالية تشير إلى بلوغ تعداد السكان في الصين ذروته عام 2030 مع تقلص قوة العمل بفعل الشيخوخة، حيث أن 240 مليون نسمة تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. وتعاني الصين كذلك من مشاكل ديموغرافية عديدة، منها الفروقات بين الجنسين بسبب الإجهاض بسبب جنس الجنين، ما أدى إلى وجود 120 فتى مقابل  كل 100 فتاة، وكذلك فإن نسبة العزوبية ستتضاعف في عام 2030 مما سيؤثر على النمو السكاني بفعل العزوف عن الزواج. كل ذلك يجعل الصين تبدل سياساتها التي اتبعتها طيلة العقود الماضية فيما خص مكافآت عدم الإنجاب والزواج وتقديمات السكن وغيرها خوفًا مما قد يلحق من ضرر بخططها للتنمية الاقتصادية في المستقبل، فالاقتصاد الصيني قائم على القوى العاملة الوفيرة والرخيصة بشكل محوري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دخول مصر في الموجة الثالثة من كورونا وانتقادات لتعامل السلطات مع الجائحة

قضية حظر السعودية للزراعات اللبنانية تتفاعل وتوقيف سمير صفير في ظروف غامضة