15-فبراير-2022

لوحة لـ نذير نبعة/ سوريا

صوتٌ فوق السؤال

 

لو أن إينانا كانت هنا

لرأت

كيفَ أني أبتسمُ وأرفضُ في آنٍ واحد

لعرفت

أن الشجرةَ التي تلدُ

ثلاثَ شمعاتٍ

تحترقُ قبلهنّ بالأحلام

والتي تلدُ شمعتانِ

تحترقُ قبلهما بالأحلام أيضًا

والتي تلدُ شمعةً واحدةً

تحرقُ ذاكرتها

وتنسى

مثلُ الهواءِ الذي لا يحملُ سوى اللحظة

 

لرأت ثانيةً

ولا حاجةَ للعين

أن البلدان التي تنامُ

من شدة غفلتها

يتلاشى فيها الصحو

وينضجُ في جوفها يومٌ بارد

 

يا ناسجَ الظلِ

من كرٍّ وفرّ ومعنى يدور

لا تبحث عن المعبد

فأنا صلاتُكَ التي هرّبتْ الخشوع

من بين جدران المعابد جميعها

رسمتُ راياتكَ البيض

على كل الحروبِ

كي تهدأ معالمُ الصُدف

فإينانا لم تعُد هنا

وثمَّ وجهُ الله

حيثما المعنى يكون

وثمَّ وجهُ الله

حيثُ قلبي

وألفُ آلهةٍ على طريقٍ من الفراغ

يتساقطونَ

في مثل هذا الوقت

يولَدونَ

بوجهٍ واحدٍ يشبهُ إينانا

 

امرأةٌ مثلها

 

يا ماءً

يجرفُ سكونَ نهري

يجري فيّ سريعًا

لن تكفينا موجةٌ واحدة

فأنا أبعدُ من الآن قليلًا

أقربُ للشمسِ من مدينتها

ونحنُ كما نبدو

صورة بالألوان

تخدعُ زمنَ الاشياء الثابتة

تسرقُ حركتها

لصوص لحظةٍ أو أقل

أنبياءٌ بلا دين

 

وهذه حياتي

بثوبها القصير

تمتلئُ مني بحرًا

أمتلكُ فيها من الضوء

ما يكفيني للمشي بمفردي

في أزقةٍ مظلمة

فتُنير

أمتلكُ فيها قصتي

بفصولِ صيفها

بأشواكها

بأحلامها التي تتدلى كالعناقيد

فوقَ رأسي

ولا أقطفها

لأحتفظَ بأقدامي التي تركض

 

وعميقًا جدًا في صوت الماء

شوارعَ تصحو من غفوتها

أسماءً تنمو وتغادر

فيعودُ لعهدهِ جلدي

يُحاكي شكلَ الغرقِ

بلغةٍ بيضاءَ

تحرقُ فيَّ الضوء أحيانًا

تُضرمُ النار

تتسلل فوقَ رصيفي

تتأملني بعدها

كيفَ أني لا أنطفئ

كيف أني أُربي قلقَ العالم

أسقيهِ أسئلتي

لئلا أهربَ من قولِ لا

حتى لا أضيع

كأي فيلمٍ

لم نصل فيهِ للمشهد الأخير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

آلن غينسبرغ: رأيتُ أفضلَ العقولِ في جيلي وقد دمرها الجنونُ

هكذا آتيكم