10-يونيو-2017

من فريق العمل مع مخرجه (فيسبوك)

قبل شهر تقريبًا من موعد الموسم الرمضاني للدراما العربية، قدمت الصحافة العربية موادّ مختلفة عن الأعمال الدرامية التي ستعرض على مر الـ30 يومًا كان الاحتفاء النصيب الأوفر لمعظمها، إلا أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي اختاروا خطًا مختلفًا بحديثهم عن العمل الفانتازي التاريخي "أوركيديا" من كتابة السيناريست المعروف عدنان العودة، وإخراج حاتم علي، الرجل الشهير باختياره للأعمال الإشكالية، ويبدو أن هذه الصفة أرخت بظلالها على مسرى عمله الأخير من عدة جوانب مختلفة.

تجلت خلافات فريق "أوركيديا" بشكل واضح خاصة مع الجدل المتواصل حول التعديلات التي أدخلت على السيناريو من قبل المستشار الدرامي

تناول الصحافة العربية لكواليس "أوركيديا" حضر متنوعًا، كإسقاط أزياء الممثلين، والمكياج على شخصيات المسلسل الأشهر عالميًا "Game of Thrones/ صراع العروش"، وأن القصة في مضمونها مقتبسة عن النسخة الغربية أعلاه، ما دفع بكاتب العمل لنفي ذلك عدة مرات، إن كان عبر صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك"، أو في تصريحات صحفية، فضلًا عن تغني الصحافة بأنه الأعلى كلفًة إنتاجية على المستوى العربي لهذا العام، وأن العمل جمع لأول مرة بين جميع الفنانين السوريين بعد فراق دام خمسة أعوام تقريبًا.

اقرأ/ي أيضًا: 25 عملًا دراميًا سوريًا للموسم الرمضاني.. تعرّف عليها

لكن ما أثاره كاتب مسلسل أوركيديا، عدنان العودة، قبل أقل من 15 يومًا على الأرجح عندما تحدث عن خلاف مع صاحب "ثلاثية الأندلس" المخرج علي ناجم عن التعديلات التي أدخلت على السيناريو الأصلي من قبل أياد أبو الشامات بصفته مستشارًا دراميًا، يحضر في مقدمة أخبار "أوركيديا" بالأخص بعد أن ألحقه قبل أيام بمنشور على "فيسبوك" يتساءل في فحواه عمن كتب "أوركيديا"، في إشارة للتعديلات المدرجة، عارضًا قراءة النص الأصلي على من يرغب في ذلك، قبل أن يمحي تغريداته.

تغريدة العودة

ما سبق كان تلخيصًا سريعًا لكلام الصحافة، وخلافات فريق العمل فيما بينهم، أما بالنسبة للقصة فهي تحاكي اغتصاب ملك "آشوريا" الجنابي (سامر المصري) لمملكة "أوركيديا" بعد قتل ملكها الأكثم بن عدي، ولجوء أولاده إلى ملك "سامارا" أنمار (جمال سليمان)، في عصر يرجعنا للمرحلة السلجوقية، التي اختير أن تدور الأحداث خلالها، ويظهر ذلك بشكل واضح على الأزياء والديكور، وأكده عدنان العودة في تصريح سابق. لكنه مقابل ذلك يذكرنا بالمسلسل التركي الشهير "قيامة أرطغرل"، أما منازل العامة فكان ينقصها الدخان في فضائها الخارجي حتى نظن أننا أمام نسخة جديدة من مسلسل "كان يا مكان".

صحيح أن الحلقات المعروضة حتى اليوم من مسلسل أوركيديا لم تظهر تقاربًا مع "صراع العروش" رغم مقارنة رواد "فيسبوك" شخصيات "أوركيديا" بالنسخة الغربية، على أن القصة عينها لم تخرج في أساسها من دائرة المؤامرة على الحكم، وكان للنسوة حظ منها في مملكة "سامارا". أما الأزياء فكانت متكلفة أكثر من اللازم ليبقى سبب هذا التكلف مجهولًا، بالأغلب يرضينا جوابًا أن الميزانية الضخمة كانت سخية جدًا مع مصممي الأزياء على حساب المؤثرات البصرية التي لم تكن مقنعة إطلاقًا.

أما موسيقى مقدمة شارة "أوركيديا" بتأليف إياد الريماوي يمكننا الجزم أنها النسخة الشرقية عن مقدمة الشارة الغربية، وهو على الأغلب التشابه الوحيد إلى جانب أزياء الشخصيات مع "صراع العروش"، ويمكن لمن يرغب الذهاب إلى "يوتيوب" للبحث عن شارة العملين بهدف المقارنة.

أكثر الانتقادات الموجهة لـ"أوركيديا" كانت الأزياء الفضفاضة التي عقدت من حركة معظم الشخصيات وساعدت على إبطاء حركتهم

ويبقى المُلفت في "أوركيديا" أن القصة المكتوبة بمتخيل للزمان والمكان اختارت المرحلة السلجوقية، وهناك تعتيم تام حتى الحلقة الـ13 على الحياة الدينية، رغم أنه، حتى للعرب البائدة، أديان وآلهة يعبدونها. كما أن مسلسل أوركيديا كان كثير الالتزام من جانب المشاهد الحميمية حتى أن التلامس بين الأزواج في العمل كان غائبًا، ما يجعلنا موضع تساؤل إن كان ذلك جاء بطلب من القناة صاحبة حقوق العرض أم من شركة الإنتاج، أو أن أسبابًا أخرى نجهل فهمها، غير أنه كان جميلًا لو وجدنا نوعًا من هذه الحميمية المقبولة لدى المتفرج.

اقرأ/ي أيضًا: دراما رمضان المصرية.. فضائح الأسبوع الأول

وفي عودة للإشارة السابقة المرتبطة بدسائس النسوة وكيدهنّ، دخل مسلسل "أوركيديا" في متاهة نسج يارا صبري (الفارعة) زوجة ملك "سامارا" في صراع على إزاحة إيميه صياح (رملة بنت الأكثم) بعد أن يقع زوجها في شباك عشقها، على أنه من المعروف أن الملوك كان يحل لهم كل شيء، وإلا لماذا كان لديهم كل هذه الجواري أو أن الأسفار المدونة تضحك علينا!

أكثر الانتقادات الموجهة لـ"أوركيديا" كانت الأزياء الفضفاضة في مقدمتها التي عقدت من حركة معظم الشخصيات بالقدر المطلوب، وساعدت على إبطاء حركتهم، مثل إيقاع النص الذي وصل بالمتفرج أحيانًا كثيرة حد الملل، ولربما هذا العامل كان سببًا رئيسيًا في عدم انشغال رواد المواقع الاجتماعية بمسلسل أوركيديا، ساعده غياب العنصر الدرامي المشوق الذي لم يبلغ ذروته حتى باختطاف الأميرة رملة، لذا لم نجد التفاعل المطلوب مع العمل بعد عرضه، مواكبًا لأخبار الكواليس لمرحلة ما قبل العرض.

على صعيد أداء الشخصيات في مسلسل أوركيديا فإنها مثل النص لم تكن مقنعة. على سبيل المثال يمكننا الاستعانة بشخصية عابد فهد الذي يجسد دور (سيف العز) ولا يسعنا القول إلا أنها شخصية متطورة في حركات الجسد والانفعالات عن شخصية (المقدم رؤوف) في عمل "الولادة من الخاصرة"، حركات اليد ضمنها لا تشبه أفعال رجل على باب استلام منصب الحاكم. وبما أن الحديث عن شخصيات "أوركيديا" فلا يمكن أن نفوّت التنويه لمشهد اكتشاف قيس الشيخ النجيب (نامق) من زوجته أثناء خيانته لها مع إحدى جواريها، كان من أسوأ مشاهد النواح والبكاء والخيانة التي عرضت خلال هذا العام، مثل بكاء سلافة معمار (زوجة ملك آشوريا) على الطفل الذي مات محمومًا إلا أن المفارقة أن زوجات الملوك كنّ يبكينّ بإغلاق عيونهنّ دون أن يذرفن الدموع على ما أظن.

وبالمثل أيضًا عندنا مشاهد الهجوم الذي تعرضت له عربة حاكم "أوركيديا"، نلخصه بأنه حضرت السيوف وغابت الفرسان، ومعه مشهد تدريب رجال "أوركيديا" على القتال، أما مشهد رقص الجواري أمام ملك "آشوريا" الذي أراد أن يطيّب عن نفسه مشاغل الحكم فكان خجولًا، ولدينا تنويه أن الملوك في "أوركيديا" نادرًا ما يكون لهم شهوات مع الجواري، والنساء العامة همهم الوحيد الحكم لا أكثر.

قد يظن أحد أن هذا المقال متحامل على مسلسل "أوركيديا"، إلا أنه لا يمكن السكوت عن عمل قيل إن ميزانيته تقدر بأكثر من خمسة ملايين دولار أمريكي. ألا يستحق عمل بهذه الضخامة أن يقدم نقلة جديدة في تاريخ الفانتازيا التاريخية دراميًا بعد أن انتظره عدد كبير من متابعي الدراما الرمضانية على أمل أن يحظوا بعمل مختلف؟ هذا السؤال.. وغيره عديد الأسئلة تبقى بعهدة القائمين على مسلسل أوركيديا.. لكن عليهم أولًا إعلان فشل هذه التجربة.. وبعدها يأتي مقام الحديث عن مسببات ذلك.

 

اقرأ/ي أيضًا:

10 أشياء ستشاهدها في دراما رمضان المصرية

إعلان زين.. تزييف الحقيقة يثير غضب السوريين