17-يناير-2024
الأنفاق في قطاع غزة

(Getty) فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في إغراق الأنفاق بالمياه

قدرت مصادر استخباراتية إسرائيلية أن شبكة الأنفاق في قطاع غزة تتراوح ما بين 560 و725 كيلومترًا، وبحسب مصادر إعلامية فإن قيادة الجيش الإسرائيلي صدمت بطول وعمق ونوعية شبكة الأنفاق.

في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، قال المسؤولون والجنود الإسرائيليون الذين دخلوا إلى الأنفاق، وكذلك المسؤولون الأمريكيون، إن نطاق وعمق ونوعية الأنفاق التي بنتها حماس قد أدهشتهم.

وأظهرت إحدى مقاطع الفيديو نفقًا واسعًا قابلًا لقيادة سيارة داخله، وامتد آخر إلى ما يقرب مساحة ثلاثة ملاعب لكرة القدم، بحسب ما تقوله الصحيفة الأمريكية. في حين وجد الجيش الإسرائيلي درجًا حلزونيًا يؤدي إلى نفق بعمق سبعة طوابق تقريبًا.

بالنسبة للجيش الإسرائيلي، تعد الأنفاق كابوسًا تحت الأرض، وهي جوهر قدرة حماس على البقاء على قيد الحياة. لذا يرتبط كل هدف استراتيجي لإسرائيل في غزة الآن بتدميرها

ويعتقد الجيش الإسرائيلي الآن أن هناك مزيدًا من الأنفاق تحت غزة. ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي، تم تقييم شبكة الأنفاق، أنها تمتد على نحو 250 ميلًا. ويقدر كبار المسؤولين في وزارة الأمن الإسرائيلية، الذين تحدثوا لـ"نيويورك تايمز"، أن شبكة الأنفاق حاليًا تتراوح ما بين 350 و450 ميلًا، وهي أرقام غير عادية لمنطقة يبلغ أطول عرض لها 25 ميلًا فقط. كما قيم أن هناك ما يقرب من 5700 فتحة منفصلة تؤدي إلى الأنفاق.

وتقول الصحيفة الأمريكية إنه لا يمكن التحقق من الأرقام بشكل مستقل، وهناك تقديرات متفاوتة من قبل المسؤولين الإسرائيليين لنطاق شبكة الأنفاق، استنادًا إلى معلومات استخباراتية مختلفة. لكن الجهود الهائلة التي بذلتها حماس لإنشاء هذه الشبكة ليست موضع خلاف، بالإضافة لإخفاقات الجيش الإسرائيلي الاستخباراتية، في التقليل من شأن مدى وأهمية الشبكة لبقاء المقاومة.

ففي اجتماع عقد في كانون الثاني/يناير 2023، قال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير إن "الأنفاق لن تكون حتى عاملًا في أي حرب مستقبلية مع حماس بسبب القوة العسكرية الإسرائيلية"، وفقًا لمحضر مناقشات استعرضتها "نيويورك تايمز".

getty

وأوضح الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الذي عمل في الشرق الأوسط، آرون غرينستون: أن "حماس استخدمت الوقت والموارد على مدى السنوات الـ15 الماضية لتحويل غزة إلى قلعة".

وتوضح الصحيفة الأمريكية: "بالنسبة للجيش الإسرائيلي، تعد الأنفاق كابوسًا تحت الأرض، وهي جوهر قدرة حماس على البقاء على قيد الحياة. لذا يرتبط كل هدف استراتيجي لإسرائيل في غزة الآن بتدمير هذه الأنفاق".

وقالت الخبيرة في حرب الأنفاق في جامعة رايخمان الإسرائيلية، دافني ريتشموند باراك: "إذا كنت ترغب في تدمير قيادة حماس وترسانتها فعليك تدمير الأنفاق"، وأضافت: "لقد أصبحت متصلة بكل جزء من المهام العسكرية".

واستثمرت حماس بكثافة في الأنفاق لأنها لا تملك الموارد أو الأرقام اللازمة لمحاربة الجيش الإسرائيلي في حرب تقليدية. وأظهرت إحدى الوثائق  التي نشرت عام 2022 أن حماس خصصت مليون دولار من ميزانيتها على الأنفاق، وورش العمل تحت الأرض، ونفقات أخرى في خان يونس، وفق مزاعم "نيويورك تايمز".

وقدر مسؤولو المخابرات الإسرائيلية مؤخرًا أن هناك حوالي 100 ميل من الأنفاق تحت خان يونس، أكبر مدن جنوب غزة، حيث تخوض القوات الإسرائيلية الآن قتالًا عنيفًا داخلها.

بالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير عام 2015 إلى أن حماس أنفقت أكثر من 3 ملايين دولار على الأنفاق في جميع أنحاء قطاع غزة.

getty

وتحدث مسؤول إسرائيلي كبير عن أن جيش الاحتلال ربما يحتاج إلى عام لتحديد موقع نفق واحد، لكن الحملة البرية الآن قدمت مجموعة من المعلومات حول شبكة غزة تحت الأرض.

وأشار المسؤول إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي فحص أجهزة الكمبيوتر التي يستخدمها نشطاء حماس، ممن يتولون مهمة بناء الأنفاق، للعثور على الممرات تحت الأرض.

ومع هذه المعلومات الاستخباراتية في ساحة المعركة، كان القتال في غزة حول الأنفاق مرهقًا للجيش الإسرائيلي. ولم يكشف عن عدد القتلى والجرحى، فيما يتعلق بحرب الأنفاق.

واعترف أحد الضباط من جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه أشرف على تدمير حوالي 50 نفقًا في بيت حانون، وأن جميع الأنفاق كانت مفخخة. وقال الضابط الذي عمل في سلاح الهندسة إن وحدته عثرت على قنابل مخبأة في الجدران، وجهازًا متفجرًا ضخمًا تم توصيله بأسلاك ليتم تشغيله عن بعد.

وأضاف الضابط الذي كان جندي احتياط وتم تسريحه منذ ذلك الحين، أن الجهاز تم تجهيزه في مصنع وكان عليه رقم تسلسلي، وتابع: " لو انفجرت القنبلة لكانت قد قتلت كل شخص في النفق وخارجه مباشرة".

وأصدرت حركة حماس مقطع فيديو في تشرين الثاني/نوفمبر، يوضح كيف جذبت مجموعة من 5 جنود إسرائيليين إلى مدخل نفق في بيت حانون، ثم استخدمت قنبلة على الجانب لقتل الجنود.

وتشير ريتشموند باراك إلى أن حماس أخذت هذا التكتيك من الثوار السوريين، الذين قتلوا العشرات من جنود النظام السوري في هجوم على نفق عام 2014 في مدينة حلب.

وفي 8 كانون الثاني/يناير، أخذ الجيش الإسرائيلي مجموعة صحيفة لرؤية 3 فتحات أنفاق في وسط غزة، واحد داخل مبنى من طابق واحد في مزرعة على مشارف مخيم البريج، والثاني داخل مصنع للفولاذ على قرب مخيم المغازي، والثالث داخل سقيفة بالقرب من مصنع للصلب.

getty

وكانت فتحة النفق في مصنع الصلب هي الأعمق والأكثر تطورًا، وبعمق حوالي 30 ياردة، وتم تزويدها بمصعد. وقال الجنود، إنه تم استخدامه لنقل أجزاء الذخائر التي تم تصنيعها في مصنع الصلب. ولم يسمح الجنود للصحفيين بالدخول إلى الأنفاق، مستشهدين بخطر الانفجارات، لكنهم قالوا إن حماس ستحمل أجزاء الذخائر إلى النفق لنقلها إلى جزء آخر من شبكة الأنفاق، حيث سيتم تجهيزها بالمتفجرات.

وأشار التقرير إلى فشل محاولات جيش الاحتلال الإسرائيلي لتدمير الأنفاق من خلال إغراقها بالمياه، فيما تتحدث التقديرات عن الحاجة إلى أعوام من أجل التغلب على منظومة الأنفاق.