12-سبتمبر-2016

من الوثنية الجديدة إحياء الأصنام في شكل جديد، فيسبوك مثلًا

كلما التقيتُ علي بلميلود، صعلوك الجزائر العاصمة، كلما فتح لي أفقًا إنسانيًا جديدًا، يُعينني على أن أتوغل أكثرَ في تذوّق الحياة، بعيدًا عن السطحية والسوداوية والابتذال. فهذا الفتى لا يكفّ عن مفاجأتي بفلسفته التي أملاها عليه تشرّدُه في الأزقة والزوايا ذات الخفايا، ولا يجد حرجًا في الجهر بها، في بيئةٍ جزائريةٍ يصفها بـ"قاعة انتظار جهنّم".

تارةً، يُعطيك انطباعًا بأنه لا يؤمن بإله معيّن، وأخرى يذوب في إيمانه، فيجعلك تذوب في التسبيح. "هل جرّبتَ فاكهة التسبيح مثلي، من غير أن يراك أحدٌ، أو تكون في يدك سبحة تفضحك؟". قلتُ: لم أرك يومًا تسبّح ربَّك، أو تعلن إيمانك به في صفحتك على "فيسبوك"، فراح يطلق ما يلي دفعةً واحدة، قبل أن يختفي في أزقة العاصمة: 

صنم
كلما حثتني نفسي على أن أضع دعاء في صفحتي، تذكرت أن علاقتي بربي مباشرة، ومن الوثنية الجديدة إحياء الأصنام في شكل جديد، فيسبوك مثلًا.

مفارقة
لماذا أظهر ما يجب أن أخفيه في فيسبوك، علاقتي بالخالق، وأخفي ما يجب أن أظهره، علاقتي بالخلق؟

وقاحة
أستحي أن أتمنّى للفيسبوكيين جمعة مباركة، وأنا لم أقدّم لهم شيئًا ينفعهم في بقية الأيام.

خسران
في اللحظة التي أضع فيها منشورًا/ صورة/ ملصقة، لأعبّر عن إيماني، أو أدفع عني تهمة تتعلّق بعقيدتي، ألصقها بي حرّاس النوايا، يكون إيماني بربي قد تحوّل من قناعة إلى قناع.

احترام 1
من تجليات إيماني بربي، ألا آخذ دورَه في الحكم على غيري، فمن يدريني أنهم، في تلك اللحظة التي أنفي عنهم الصلاح، يكونون في عين رضاه؟

احترام 2
لم يحدث أن اقتحمتُ بيتَ أحد، ورحت أشجب ما أتحفظ عليه من أفعاله، فلماذا أفعلها في "فيسبوك"؟

خلوة
لا أجد الجرأة، وأنا في حضرة شخصية كبيرة، على أن أخرج هاتفي وأصوّر نفسي في بيته، فمن أين تأتيني الجرأة على أن أفعلها في بيت الرب؟

جرأة
في اللحظة التي أخرج هاتفي، لأصوّر فيها إنسانًا في زي/ وضع أراه مستهجنًا، قصد فضحه في فيسبوك، أكون قد جرّدتُ ربي من صفة "الستّار".

نزاهة
لا يمكن أن أكون صادقًا مع ربي، لحظة إعجابي بمنشور أحدهم فعلًا، حتى أنني أتمنّى لو كان لي، من غير أن أضغط على خانة الإعجاب حسدًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أفضّل الموت في زاوية عمياء

تلك السيارة الزرقاء