31-أكتوبر-2018

كان وصول سهلى زودي لرئاسة أثيوبيا تكليلًا لنضال المرأة الأفريقية (Getty)

لم يعد طموح المرأة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة قاصرًا على انتزاع مبدأ التمييز الإيجابي دستوريًا، وإنما أصبحت تقاتل في خندقٍ واحد مع الرجال للوصول إلى أعلى المناصب السيادية، بما فيها منصب رئيس الدولة.

لعل انتخاب سهلى ورق زودي رئيسة لأثيوبيا كأول سيدة في بلادها تتقلد هذا المنصب الشرفي، يُعد سابقة نادرة في محيط تحكمت النزعة الذكورية داخله في كامل تقاليد الحكم والإدارة

ولعل انتخاب سهلى ورق زودي رئيسة لأثيوبيا الأسبوع الماضي كأول سيدة في بلادها تتقلد هذا المنصب الشرفي، يُعد سابقة نادرة في محيط تحكمت النزعة الذكورية داخله في كامل تقاليد الحكم والإدارة، ما يعني أن سهلى زودي التحقت بمجموعة تنمو سريعًا في القارة الأفريقية، وتبشر بالمزيد من الإنجازات النسوية، جنبًا إلى جنب مع بعض النماذج المُلهمة، مثل إلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا السابقة وكاثرين سامبا بانزا الرئيسة المؤقتة لأفريقيا الوسطى، وأمينة غريب التي تولت رئاسة موريشيوس في العام 2015.

منافسة مفتوحة في أثيوبيا

وانتهجت الحكومة الأثيوبية مؤخرًا سياسة إصلاحية حصلت فيها النساء على مواقع وزارية مهمة مناصفة مع الرجال، بما في ذلك منصب وزير الدفاع الذي تقلدته عائشة محمد موسى، أول امرأة مسلمة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد، ونتيجة لذلك حظيت المرأة الأثيوبية بنصف الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد، بعشرة مناصب شملت وزارة الدفاع ووزارة السلام ورئاسة البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: ملف خاص: قمع النساء عربيًا.. منهج تمييزي متجذر

وبالرغم من أن منصب الرئيس الأثيوبي لا يعدو كونه منصبًا فخريًا إلا أن رمزيته من الأهمية بمكان، ويمتاز ببعد سيادي، إذ يُعتبر صمام أمان الحكم الفدرالي، وهذا غالبًا ما حدا بالسيدة سهلى ورق زودي أن تحتشد بفيض المشاعر الإنسانية لحظة انتخابها، قائلة: "أنا اليوم أقف لأشكر والدي وأقول له بأنني وصلت إلى هذا المنصب وحققت رؤيتك، وأقول لكل امرأة ولكل أب وأم لإناث بأننا تساوينا ولم يعد بيننا فرق اليوم".

المرأة الحديدية

كما لو أن عجلة الزمن تعود للوراء إلى حين كانت النساء محور السُلطة والحكم في الممالك القديمة، قدمت ليبيريا نموذجًا باهرًا كما وصفه البعض، حيث تولت إلين جونسون سيرليف رئاسة ليبيريا في العام 2006، وأصبحت أول امرأة تحكم دولة إفريقية، وقد لقّبت بالمرأة الحديدية.

تولت إلين جونسون الحكم وهي في الـ77 من عمرها، وهى خبيرةٌ اقتصادية كانت من ضمن قائمة أقوى النساء في العالم التي نشرتها مجلة "فوربس" عام 2014، وحاولت خلال فترة قيادتها للبلاد القضاء على كافة أشكال الفساد والعنف. وقد أدركت أن قدرها وضعها في أكثر من تحدٍ، كونها السيدة الأولى التي وصلت إلى السُلطة في قارة تعاني نساؤها من القهر والتمييز، بجانب رئاستها لدولة ليبيريا التي تكونت على إرث العبودية المرير، ولم تنج من ويلات الحروب الأهلية الطاحنة. وقد حصلت جونسون على "جائزة مو إبراهيم" للإنجاز في القيادة الأفريقية لعام 2017، كما تزينت بقلادة نوبل للسلام 2011، قبل أن تسلم السلطة بعد ولاية ثانية إلى جورج ويا أشهر لاعب كرة قدم في أفريقيا.

موريشيوس وأفريقيا الوسطى

ربما كان الوضع السياسي للمرأة هو الأفضل في شرق أفريقيا من غربها، أما الجزر الأفريقية فكان نصيبها امرأة وضعها حظها في أعلى منصب في دولة موريشيوس، وهو رئاسة البلاد. إذ إن أمينة غريب العالمة الكيميائية لم تكن ترغب في ذلك، لكن مؤهلاتها وضعتها في ذلك المنصب الرفيع عام 2015. وعلى ذات الطريق مضت كاثرين سامبا بانزا الرئيسة المؤقتة لأفريقيا الوسطى، أو رئيسة المرحلة الانتقالية في 2014، وهي محامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، تمثل نموذجًا للقارة الأفريقية، لأنها ولدت في تشاد، من أب كاميروني وأم من أفريقيا الوسطى، ودرست القانون في فرنسا، وتعتبر فترتها زاهية بالمقارنة مع العقود السابقة لحكام أفريقيا الوسطى، سيما وأنها كانت الأوفر حظًا ضمن ثمانية مرشحين من قبل المجلس الوطني الانتقالي، وكسبت أصواتًا شبابية ونسوية رغم حيادها الحزبي.

تولت إلين جونسون الحكم وهي في الـ77 من عمرها، وهى خبيرةٌ اقتصادية كانت من ضمن قائمة أقوى النساء في العالم التي نشرتها مجلة "فوربس" عام 2014، وحاولت خلال فترة قيادتها للبلاد القضاء على كافة أشكال الفساد والعنف

سيدات الاتحاد الأفريقي

وفي السياق نفسه فقد كان الاتحاد الأفريقي منطقة خصبة لإعداد جيل من النساء لأجل القيام بالمهام المنوطة بهن، ويأتي على رأس نساء الاتحاد الأفريقي دلاميني زوما، وهي سياسية ومناضلة سابقة ضد نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، تعدّ من بين أقوى النساء والأكثر نفوذًا في بلدها، تولت منصب رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي عام 2012، وغادرته عام 2017. أما التنزانية غيرترود ايبينغوي مونغيلا، فقد أصبحت أول سيدة أفريقية على الإطلاق تتولى أحد أهم المناصب المستحدثة بالاتحاد الأفريقي، هو رئيس البرلمان الأفريقي الموحد، ولم تجد غيرترود مونغيلا صعوبة في الفوز بهذا المنصب حيث حصلت على 166 من أصل 201 من الأصوات، فيما صوت 21 مندوبًا ضدها وامتنع عضو واحد عن التصويت. 

اقرأ/ي أيضًا: المرأة العربية كزهرة!

في هذا السياق، أكد صلاح حماد مدير إدارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية بالمفوضية السياسية للاتحاد الافريقي أن على قمة المفوضية خمس نساء وخمسة رجال، بما في ذلك السيدة زوما، الرئيسة السابقة للمفوضية التي كانت أول امرأة تتولي رئاسة منظمة قارية، أي قبل الاتحاد الأوروبي والآسيوي ومنظمة الدول الأمريكية.

 وقال صلاح حماد لـ"ألترا صوت" إن افريقيا شهدت رئاسة عدد من النساء لدول أفريقية، على غرار "اليزابيث دومتين رئيسة وزراء أفريقيا الوسطي السابقة، وكارمن بيريرا الرئيسة المؤقتة السابقة لغينيا بيساو، وسيلفي كينغي الرئيسة المؤقتة السابقة لبروندي، والسيدة إلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا السابقة، وجويس باندا الرئيسة السابقة لملاوي"، بجانب كاثرين سامبا بانزا الرئيسة المؤقتة لأفريقيا الوسطي، ثم الإنجاز الأفريقي الذي تمثل في فوز وزيرة خارجية رواندا لويس موشينكوابي بمنصب أمين عام منظمة الفرانكفونية، إضافة إلى تقلد سهل زودي منصب رئيسة أثيوبيا، معتبرًا أن هذه النماذج تعني أن "للمرأة الأفريقية المقدرة علي إدارة دفة الحكم في بلدان القارة بحكمة ودراية". لافتًا إلى أن الإنجازات النسوية الأخيرة تعني أن حاضر ومستقبل المرأة الأفريقية زاهر في كل المجالات، وفي مجال السياسية علي وجه الخصوص.

أما الملاحظة الجديرة بالالتقاط فهي أن الدول العربية الأفريقية لم تشهد حالات صعود نساء لسدة الحكم في التاريخ الحديث، وكانت حظوظ النساء العربيات هى الأسوأ تقريبًا في المناصب الرفيعة، في مصر وليبيا والجزائر وتونس والسودان وموريتانيا، باستثناءات قليلة، حيث أصبحت فاطمة عبد المحمود أول امرأة سودانية تقود حزبًا سياسيًا، هو الاتحاد الاشتراكي، كما أنها ترشحت لرئاسة السودان في انتخابات العام 2010 ضد الرئيس عمر البشير وخسرتها من الجولة الأولى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أفكار مسبقة وتعابير مفخخة.. وجه آخر لإهانة المرأة

ما يجب أن يقال في يوم المرأة