17-يونيو-2016

في مصر، كانت المرأة منذ انطلاق "ثورة 25 يناير" في طليعة الصفوف الثورية كاسرة لحاجز الخوف

المرأة العربية كالزهرة قد تسقى بمياه غير نقية لدرجة كافية، وربما يحوم حولها بعض النحل لامتصاص رحيقها، لكنها رغم كل شيء ستظل زهرة بكل ما تحتويه الكلمة من معاني جمالية. ورغم المظالم العديدة التي تتعرض لها من تهميش وانتقاص لحريتها وأهليتها وتقييدها بالعرف المجتمعي وتسلط التشريعات غير العادلة في بعض الأحيان؛ لم تستسلم المرأة لتلك القيود وحالات المنع، بل كانت في جميع البلدان العربية تناضل من أجل حقوقها وتدافع عن مستقبل أفضل لوطنها وميادين ثورات الربيع العربي خير شاهد على ذلك.

كانت المرأة العربية تناضل من أجل حقوقها وتدافع عن مستقبل أفضل لوطنها، وميادين ثورات الربيع العربي خير شاهد على ذلك

في مصر على سبيل المثال، كانت المرأة منذ انطلاق "ثورة 25 يناير" في طليعة الصفوف الثورية كاسرة لحاجز الخوف، ورغم ذلك لم ينعكس نشاطها بشكل ملموس في الساحة السياسية، وقد يكون السبب مضادات الثورة التي تعمل بشكل مستمر على تعطيل أهداف الثورة المصرية.

لكن المرأة، على المستوى الاجتماعي أقله، استطاعت التحرر من بعض أنواع الكبت مثل الحجاب الإجباري، التي كانت تفرضه بعض العائلات على بناتها. وفي جميع الدول العربية لم تخش المرأة سياسات الترهيب والتخويف التي تمارسها الأنظمة الحاكمة، أو أحاديث أصحاب العمائم، فاستمرت في معاركها النضالية دون الالتفات لهم.

اقرأ/ي أيضًا: سوريا.. من عصر الطاغية إلى عصر الطغاة

وبالنسبة لي الدافع لكتابة هذا المقال حادثتان وقعتا في السعودية بتاريخ 6 حزيران/يونيو الجاري، الحادثة الأولى شخص عشريني بعفيف يطلق طلقات نارية على شقيقته ما أدى إلى وفاتها، والحادثة الثانية، أو بمعنى أصح الجريمة الثانية، كانت بمنطقة نجران، وهي وفاة امرأة نتيجة ضرب أشقائها لها. 

هذه الحوادث الإجرامية تؤكد تعرض المرأة لظلم مزدوج من السلطوية الحاكمة والعنف المجتمعي الذكوري، وتزامن مع وقوع الحادثتين ظهور مطالب نسائية متصاعدة بالسعودية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بداية من تدشين هشتاغ "#إلغاء_ولاية_الأمر_مطلب_إنساني" وصولًا إلى هشتاغ "#قيادة_المرأه_تحول_وطني".

من المستغرب أن نجد أشخاصًا ما زالوا يكررون مقولة أن عمل المرأة يقتصر على المهام داخل المنزل

اقرأ/ي أيضًا: مثقفو الواجهة في الجزائر.. ضوء مغشوش

يبدو أن السعودية في هذه الفترة هي صوت المرأة بها الأكثر احتجاجًا، الذي يظهر مع إعلان الرفض لقرارات السلطة الصادرة بشأن استثمار 13 مليار ريال سعودي في شركة أوبر، وتم اعتبار هذا القرار فيه انتهازية وتربح على حساب المرأة التي لا يحق لها قيادة السيارات، ومن جانبها كتبت الكاتبة السعودية الدكتورة هتون الفاسي أن المعاناة لا تقتصر على عدم القيادة ولكنها تمتد إلى الإرهاق المادي المستمر لجيب المرأة المخروم في حد ذاته والمحدود.

وتوضح الباحثة القطرية إسراء المفتاح "أن المرأة لا يبرز مكانها في الفضاء الخاص مقارنة بنظيرها الرجل هو افتراض مضلل، خاصة وأنه تاريخيًا كان العام والخاص متداخلين ولا يمكن حصر فضاء لنوع اجتماعي واحد  حساب الآخر"، ويبقى من المستغرب أن نجد أشخاصًا ما زالوا يكررون مقولة أن عمل المرأة تاريخيًا أو ثقافيًا أو دينيًا يقتصر على المهام داخل المنزل فقط، وليس الهدف من هذه المقولة التقليل من أهمية عمل المرأة في المنزل، ولكن التأكيد على وجود مجالات ومساحات أخرى يمكن للمرأة أن تخوض غمارها إن هي اختارت ذلك، وأن تلك الخيارات ليست بدخيلة على مجتمعاتنا كما يصورها البعض.

اقرأ/ي أيضًا:

رغم ذلك أحبّ دمشق

ماذا تعلمنا من جيل الحرب اللبنانية؟