20-أكتوبر-2019

ملصق المهرجان

ألترا صوت – فريق التحرير

بعد غيابٍ امتدّ لأربع سنوات، انطلقت مساء الخميس الفائت، 17 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، النسخة الثامنة من "أشغال داخلية 8 منتدى عن الممارسات الثقافية" في العاصمة اللبنانية بيروت. المنتدى الثقافي الذي أطلقته جمعية "أشكال ألوان" بالتعاون مع مؤسّسات وجمعيات أخرى سنة 2000؛ استطاع من خلال تعدّد اختصاصاته أن يحجز لنفسه، سريعًا، مكانًا بين قائمة أنشطة بيروت الطويلة. ولكنّ ذلك لم يكن كافيًا ليتحوّل الحدث إلى موعدٍ ثابتٍ ضمن روزنامة أنشطة وفعاليّات المدينة الثقافية. إذ يحضر عامًا ويغيب عامًا آخر، ولا بأس في امتداد غيابه لأربع سنواتٍ كاملة، تمامًا كما حدث بعد النسخة السابقة التي أُقيمت سنة 2015، وغاب المنتدى بعدها ليعود منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2019 الحالي.

تزامنت النسخة الثامنة من "أشغال داخلية" مع احتجاجاتٍ شعبية واسعة تجتاح لبنان

في النسخة الثامنة التي تتزامن مع احتجاجاتٍ شعبية واسعة تجتاح لبنان، تضع جمعية أشكال ألوان مدينة بيروت على موعدٍ مع برنامجٍ ثقافيٍّ مُتكامل يمتدّ حتّى الـ 27 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري. على مدار 10 أيام، سوف يستضيف المنتدى فنّانين وناشطين وكتّاب لبنانيون وعرب وأجانب، يشكّلون، معًا، ومن خلال مجموعة عروضٍ تطرحُ أفكارهم، فسحة لتبادل نظراتٍ متنوّعة ومختلفة تّجاه الواقع السياسي والاجتماعي الحالي في لبنان والمنطقة العربية والعالم أجمع. ومن خلال برنامج النسخة الحالية، نُلاحظ أنّ "أشغال داخلية"، وكما يريد له القيّمون عليه أن يكون، لا ينفصل أو ينحاز عمّا يدور حوله، محلّيًا وعربيًا وعالميًا. ولا يتوانى أو يتردّد أيضًا في تناوله، مُتجنِّبًا فصل الفن عن السياسة، وحريصًا على جمعهما برفقة الواقع بجوانبه الاجتماعية.

اقرأ/ي أيضًا: بيان ضد استخدام أنقاض المدن كإستديوهات للتصوير

هكذا، نقرأ في تعريف الدورة الحالية للمنتدى أنّ نسخته هذه تربط بين ما تسمّيه "النهاية المرتقبة للحرب السورية"، وتوصيات خبراء دوليين بتوجيه استثمارات القطاع الخاص صوب جهود إعادة إعمار القطاعين الصناعي والمدني في بلدٍ لا تزال غارقة أساسًا في أتون الحرب. يقول بيان المنتدى إنّ ما سبق يفتح الباب على "للمزايدة والتزاحم بالمناكب على الاستثمار في ذلك المستقبل"، ممّا يجعل من الأمر "مُختبرًا لتوسعة اقتصاد السوق إلى أقصى حدوده، في تبرّؤ عنيف من أي أمل ممكن لبناء عالم مغاير"، في ضوء "سياسات التقشّف النيوليبرالية، واستفحال صيرورات التمويل، وتسارُع وتيرة تدهور البيئة، وفورة حركات اليمين المتطرّف المتعصّب للهوية". يطرح ما سبق ذكره، وبطبيعة الحال، تساؤلات ملحّة، منها: "كيف لنا أن نحمي المُخيّلة المتحرّرة الراديكالية من خطر الخطابات القاهرة واقتصاد التدمير وإعادة الإعمار؟ وأين لنا أن نجد ما يغذّي دوائر التضامن والاستقلال في هذا الليل العقيم؟".

الحديث عن المُخيّلة يأتي في سياق الحديث عن المجتمعات الإنسانية التي لطالما واجهت شروط الزمان والمكان القاهرة، وتصدّت لها من خلال تشييد "عوالم متخيّلة ووضعت نماذج متصوّرة لمستقبلها ورسمت خططًا لإمكانات وجود وفعل مغايرين". وبالتالي، يجيء استحضار المخيّلة انطلاقًا من اعتبارها أنماطًا للمعرفة. أمّا الهدف، فهو: " كسر حلقات الهلاك والتهالك والإنهاك المُقفَلة، والانخراط في إعادة السحر للعلاقات المجتمعية والتصنيفات الطبيعية التي تصوغ – معًا – عالمنا".

على برنامج المنتدى المعروف كـ"محطّة ثقافية متعدّدة المجالات"، تحضر مجموعة معارض جماعية، ومشاريع فنّية، وقراءات وعروض موسيقية وسينمائية ومسرحية وفيديو ارت، بالإضافة إلى عددٍ من العروض الراقصة، وفسحة لاستعراض الإصدارات الحديثة، عدا عن ندواتٍ ومحاضراتٍ تجمع بين الفنّ والثقافة. القيّمون على "اشغال داخلية" وزّعوا فعاليّات نسخته هذه على فضاءات ثقافية متعدّدة، كـ "غاليري أجيال"، و"ذا بالروم بليتز"، و"أشكال ألوان"، و"مسرح المدينة"، و"مسرح مونو"، و"مركز بيروت للفن"، و"دوار الشمس".

أكّدت جمعية "أشكال ألوان"، عبر صفحتها في الفيسبوك، إغلاق جميع معارضها على أن تفتح أبوابها قريبًا، على خلفية الاحتجاجات في لبنان

افتُتحت التظاهرة الثقافية عند الثالثة من مساء الخميس 17 من الجاري، بمعرضين فنّيّن تحت عنوان "دراسات في الحركة" لغيدا حشيشو، و"شميت وأنت وأنا" لعمر مسمار. تلا الافتتاح مجموعة معارض فنّية فردية وجماعية، ليكون افتتاح "أشغال داخلية" من حصّة الفنّ التشكيلي، باستثناء عرض موسيقي بعنوان "خُنّار" لدينا عبد الواحد، اختُتِمت به أولى أمسيات الحدث. الجمعة، 18 من الجاري قدّمت "أشغال داخلية" برنامجًا تضمّن عددًا من المعارض (سوف أعود، وسأكون بالملايين)، و(متاحف اللوفر/ أو رفس الموتى) لوليد رعد الذي جمع الفن وعروض الـ PowerPoint وعروض الفيديو التي قدّمت قصصًا من الحرب العالمية الأولى.

اقرأ/ي أيضًا: مهرجان أمارجي في هامبورغ.. اشتغالات ثقافية عربية من أوروبا

أمس، السبت 19 تشرين الأول، كان مُخطّطًا أن تبدأ فعاليات المنتدى عند الساعة الحادية عشر صباحًا، وتمتدّ حتّى العاشرة مساءً، متضمّنةً عروض أدائية ومحاضرات ومُحاورات أهمّها محاورة بين الفنّان الجزائري قادر عطية والنسوية الفرنسية فرانسواز فيرجيه حول "سياسات التملّص في مجتمعات التحكّم والمراقبة"، ولكنّ "أشكال ألوان" كانت قد أعلنت صباح الأمس تعليق جميع فعاليات المنتدى ليوم السبت، وكذلك يوم الأحد، 20 تشرين الأول/ أكتوبر، حتّى إشعار آخر. كما أكّدت الجمعية عبر صفحتها في الفيسبوك إغلاق جميع معارضها، على أن تفتح أبوابها قريبًا، دون تحديد موعد. ويعود السبب إلى الاحتجاجات الشعبية الضخمة في لبنان ضدّ سياسات الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أعمال المفكر العراقي الراحل كامل الشياع في المتن من جديد

"زينب" معرض يوسف عوض.. سيرة بصرية لأيّ وكلّ امرأة