29-أغسطس-2017

جورج ستيفانيسكو/ رومانيا

هنا في الأعلى،

 حيث يختبئ الضباب

 الشارد من صفحة السماء

 وذرات الغبار الفارّة

 من ممسحة إحداهن

 وبعض بقايا

 قصائد العشاق الساكنة

 في كتب هجرها قرّاؤها،

 هنا حيث درجة الحرارة

 مئة تحت الصفر،

 حيث لا شمعة تتنفس

 ولا عطر يُلبس

 ولا أنشودة تُهمس،

 أرتمي في سكون

 كورقة شجر ذرتها ريح

 إلى مكان قصي

 فاخرست حفيفها،

 كنملة

 باغتها الشتاء

 وقد فاتها ركب الجماعة،

 فبقيت وحيدة في العراء،

 مرّت بها كتيبة جنود على أهبة حرب،

 هزّت الأرض من تحتها

 ولم ترد المشيئة قتلها،

 فقط انقلبت على ظهرها

 وأطرافها معلّقة بحبال الهواء الملساء،

 فانزلقت روحها

 في نفق الموت

 ولا زال قلبها بالألم يخفق.

*

 

أتكثّف على ذاتي،

 أقف أمام المرآة

 في مواجهة مرعبة،

 فأرى رسمًا هلاميًا

 أبيض اللون

 مجهول الماهية

 شبحًا أنثوي السمات

 أظنني أعرفه.

*

 

تتنفس الريح

في ثقب يخترق علّيتي،

فأتمايل كالموج،

بانسيابية شبح،

أتخلّل الجدران

وأعود،

لا أشعر بشيء.

فقط

أتسرّب..

أتسربل..

أتهاوى..

*

 

أمرّ على أشياء تبدو مألوفة..

 قنينة عطر نفق أكثر من نصفها،

 كرسي خشبي مترنّح،

 سرير وثير،

 زهرة أوركيد ذابلة،

 حرير ملون،

 نافذة مغلقة،

 شال كشمير،

 جدار،

 وإطار،

 إطار أبنوسي استوقفني به شيء،

 ومن حيث لا أدرى

 بلّلني شيء آخر

 لم أعرف للوهلة الأولى ما هو.

 ماء.. مطر.. ربما دمع؟

نعم

الآن أتذكر:

الدمع سائل تفيض به الأرواح،

دونما عزيمة أو نيّة،

ينبع من جوف عيون،

يدفعه وجع.

*

 

من أنت يا ساكن الإطار الفاخر؟

لم بلّلتني بالدموع؟

لم بلّلتني؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

تلك القُبلات لم تكن عن حب لذا اطمئن في موتك

بين الرغوة والماء