18-يناير-2016

مبنى الجامعة الإسلامية بغزة بعد قصفه من قوات الاحتلال سنة 2014(مصطفى حسونة/الأناضول)

رغم العلم المسبق لدى الفلسطينيين، بأن الجامعة الإسلامية بغزة، أحد أكبر الجامعات بقطاع غزة، تعاني من أزمة مالية منذ عامين، إلا أن قرار إغلاقها الأسبوع الماضي وتعليق الدوام الإداري والأكاديمي فاجأ الكثيرين.

تعاني الجامعة الإسلامية بغزة من أزمة مالية منذ عامين وهذا ما دفع نقابة العاملين فيها لاتخاذ خطوة تعليق العمل، والذي ألغي لاحقًا

لقد وصل العجز المالي لدى الجامعة إلى قرابة 40 مليون دينار أردني (ما يُعادل 56 مليون دولار أمريكي)، هذا العجز أثر على قدرة الجامعة دفع أجور موظفيها والعاملين فيها، إذ تُمثل أجور الموظفين في الجامعة قرابة 80% من ميزانيتها، وهذا ما دفع نقابة العاملين فيها لاتخاذ خطوة تعليق العمل، والذي ألغي لاحقًا. ورغم الاتفاق على مجموعة من المقترحات للخروج من هذه الأزمة أو تخفيفها، بين إدارة الجامعة ونقابة العاملين فيها، إلا أن الأزمة لم تنته كليًا مما يهدد المستقبل التعليمي لنحو 20 ألف طالب وطالبة يدرسون في الجامعة.

وللوقوف على أسباب الأزمة توجه "ألترا صوت" إلى مدير العلاقات العامة بالجامعة الإسلامية الدكتور مشير عامر، ليُرجع الأسباب إلى الوضع الفلسطيني العام الذي يصفه بأنه "مأزوم" نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ تسع سنوات، ويضيف: "الجامعة الإسلامية كمؤسسة كبيرة من الطبيعي أن تتأثر بالوضع الذي يمر به القطاع، فهي كغيرها من المؤسسات التعليمية في غزة تعاني من ظروف الحصار والعدوان والضغوطات من الاحتلال".

أما السبب الآخر للأزمة المالية في الجامعة الإسلامية فهو حرمانها من مخصصات وزارة التعليم العالي التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله، فمنذ أحداث الانقسام، منعت الوزارة مخصصات مالية للجامعة كونها تُحسب على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وهنا يوضح دكتور عامر: "وزارة التعليم العالي لم تقدم للجامعة الاستحقاقات والمخصصات المالية التي تدفعها للجامعات الأخرى وعندما استأنفت الدفع كان المبلغ قليلًا جدًا، وهو يعادل 600 ألف دولار سنويًا، وهو مبلغ ملزمة به تجاهنا كأي مؤسسة تعليمية تعترف بها وزارة التعليم العالي برام الله".

أما السبب المباشر الذي أدى إلى اتخاذ قرار الغلق السابق، فيوضح مدير العلاقات العامة بالجامعة الإسلامية أن "ما حصل كان نتيجة خلاف نقابي بين إدارة الجامعة ونقابة العاملين حول مجموع الاقتراحات الذي تقدمت به إدارة الجامعة لتخفيف الأزمة المالية، مضيفًا: "نقابة العاملين قامت بإجراء تعليق للعمل الإداري والأكاديمي، من أجل الوصول لحل في جو من الهدوء وبالتالي اتخذت هذا القرار ثم استأنف الدوام مع بداية الانفراج في الأزمة".

اتخذت الجامعة حزمة من القرارات ومنها أنه تقرر أن يساهم جميع العاملين فيها بنسبة 10% من رواتبهم، من أجل تخفيف هذه الأزمة، "فذلك جزء من التخطيط الاستراتيجي لأي مؤسسة ضخمة توجد في وضع مأزوم وتريد أن تحافظ على مسيرتها واستقرارها الأكاديمي والإداري والمالي"، حسب الدكتور مشير عامر. أما ثاني هذه القرارات فهو زيادة الأعباء الأكاديمية على الأكاديميين في الجامعة وخفض سن التقاعد إلى 60 عامًا، إضافة إلى بعض القرارات الأقل أهمية.

تقييم الوضع

يشدد رئيس مجلس الأمناء بالجامعة الإسلامية الدكتور نصر الدين المزيني على أن "الأزمة التي تمر بها الجامعة الإسلامية ليست بمعزل عن وضع قطاع غزة والمؤسسات العامة فيه"، التي تعاني بسبب الحصار، ويضيف لـ"الترا صوت": "الجامعة كجزء من هذا النسيج الاجتماعي تأثرت بهذا الحصار المستمر منذ أكثر من تسع سنوات، فالطلبة في الجامعة لا يتمكنون من دفع الرسوم الجامعية التي توازي تكلفة التعليم التي تتحملها الجامعة، والرسوم الجامعية تشكل جزءًا هامًا من الميزانية".

كما يشير الدكتور المزيني إلى أن الجامعة كجزء من الكادر التعليمي يتبع وزارة التربية والتعليم ولها نقابة عاملين تخضع لاتحاد نقابات العاملين في الجامعات الفلسطينية، وهو اتحاد يعتمد نفس الكادر الموحد الذي يتناسب مع مستوى الدخل في الضفة الغربية الأعلى بكثير من قطاع غزة. ويوضح رئيس مجلس الأمناء: "هذا الوضع أوجد فجوة كبيرة بسبب ارتفاع أجور الموظفين في الجامعات مقابل دخل متدني للجامعة من رسوم الطلبة، وفرض ذلك علينا إعادة تقييم للوضع مع نقابة العاملين في الجامعة بهدف تخفيف بعض الأعباء لحل الأزمة".

لحل الأزمة المالية للجامعة الإسلامية في غزة اتفقت إدارة الجامعة ونقابة العاملين فيها على تخفيف الأعباء المالية للكادر التعليمي

ويتطرق د.المزيني إلى المخصصات المالية المفترض أن تُحصل من الحكومة الفلسطينية برام الله، ويوضح بشأنها: "المفترض أن تغطي هذه المخصصات تكاليف الجامعة من مصاريف، لكن الحكومة الفلسطينية بسبب العجز المالي لا تساهم بقدر مطلوب، وقد توقف الدعم الحكومي لعدة أعوام قبل أن يعود بقدر بسيط، لذلك نأمل من وزارة التعليم أن تعيد النظر في الميزانية الممنوحة للجامعة".

20 ألف طالب وطالبة

تأسست الجامعة الإسلامية عام 1978 وسط مدينة غزة وتحديدًا في منطقة الرمال الجنوبي، وهي مؤسسة أكاديمية مستقلة من مؤسسات التعليم العالي، تعمل بإشراف وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، يدرس بها نحو 20 ألف طالب وطالبة، ويعود تأسيسها إلى جهود الحركة الإسلامية الفلسطينية، إذ أنشأت بهدف توفير فرص التعليم الجامعي لأبناء القطاع الذين كانوا يضطرون للسفر إلى الجامعات المصرية من أجل الحصول على التعليم الجامعي بسبب ظروف الاحتلال الإسرائيلي، وتتميز الجامعة بالنهج الإسلامي، وأبرزه الفصل بين الجنسين في الحرم الجامعي والقاعات الدراسية. وتعرضت عديد المرة للاعتداءات الإسرائيلية من اقتحام وحصار وملاحقة طلبتها والعاملين فيها، كما تعرضت للقصف أكثر من مرة في العدوان الأخير على قطاع غزة.

اقرأ/ي أيضًا:

غزة.. حين تصبح الجامعة حلمًا

احتجاجات داخل الحرم الجامعي في غزة