04-يونيو-2022
أزمة كبيرة تواجهها الحكومة الإسرائيلية (Getty)

أزمة كبيرة تواجهها الحكومة الإسرائيلية (Getty)

بعد أقل من عام على تشكيلها، بدأت الحكومة الإسرائيلية الحالية بالتفكك، حيث تعاني من أزمات متعددة، كان انسحاب النواب الممثلين للأحزاب المتحالفة من أبرزها. غير أن أزمات الائتلاف الحكومي لم تقتصر على الكنيست، بل وصلت إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي خسر جزءًا كبيرًا من طاقمه خلال عشرة أيام نتيجة خلافات داخلية.

تصارع الحكومة الإسرائيلية من أجل المحافظة على 60 نائبًا يدعمونها مقابل 60 في المعارضة، دون أن تمتلك الأغلبية، فيما يبدو أنها وصلت إلى مفترق حاسم

في هذا السياق المتوتر، تصارع الحكومة الإسرائيلية من أجل المحافظة على 60 نائبًا يدعمونها مقابل 60 في المعارضة، دون أن تمتلك الأغلبية، فيما يبدو أنها وصلت إلى مفترق حاسم، فالمعارضة اتخذت قرارًا بعدم المساهمة في تمرير أي قانون يقدمه الائتلاف الحاكم. يأتي ذلك في الوقت الذي ينتظر فيه الائتلاف تمديد القرار الذي يسري بموجبه القانون الإسرائيلي على المستوطنين في الضفة الغربية.

التوتر الذي يتسبب به تمديد القانون يأتي نتيجة معلومات متضاربة بشأن رفض القائمة العربية الموحدة وعضوة الكنيست عن حزب ميرتس غيداء ريناوي- زعبي التصويت لصالح الائتلاف. فزعبي تطالب بتحويل ميزانيات إلى السلطات المحلية العربية، فيما لا تزال المفاوضات جارية معها رغم إعلانها العودة إلى التحالف. هذا الوضع دفع رئيس الوزراء لعقد اجتماع مع الأعضاء الداعمة للحكومة من أجل الوصول إلى إجماع والتصويت على القرار. وأهمية القانون من ناحية تقنية، تأتي من كونه ينظم التواجد الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية، ويقوم على تمديد القانون الإسرائيلي ليشمل المستوطنين في الضفة الغربية، الذين وفقه يمثلون أمام محاكم إسرائيلية غير عسكرية مثل التي يمثل أمامها الفلسطينيون، وتتولى الشرطة مسؤولية إدارة وضعهم بدلًا من جيش الاحتلال صاحب التواجد الفعلي في الضفة الغربية، كما ينظم عمل جباية الضرائب والحق في التأمين الصحي والانضمام إلى النقابات.

القانون الذي أقر أول مرة عام 1967، كان يُجدد بشكلٍ دوري كل 5 سنوات، باعتبار أن كل حكومة امتلكت أغلبية تمكنها من تمريره، وقد كان الإطار النظام لسياسة الفصل العنصري الإسرائيلية، بالنظر إلى أنه يفرض قانونين مختلفين في نفس المنطقة. أما في هذه المرة فقد تم تأجيل التصويت عليه يوم الاثنين الماضي لمدة أسبوع من أجل التأكد من إمكانية تمريره، خاصةً أن سريان القانون الحالي ينتهي في بداية شهر تموز/ يوليو القادم، وفي حينه ستكون المستوطنات خاضعةً للقانون العسكري الساري على عموم الضفة الغربية منذ احتلالها. ورغم أنه يمكن لقائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية تطبيق بعض القوانين الإسرائيلية على الضفة الغربية إلّا أن ذلك لا يشمل كل القوانين.

أما أهمية القانون من ناحية سياسية، فأنه يأتي وسط أخبار عن فتح حزب أمل جديد عبر وزير الإسكان زئيف إلكين قناة تفاوض مع مقربين من رئيس المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من أجل حجب الثقة عن الحكومة وتشكيل حكومة برئاسة الأخير، دون الحاجة إلى التوجه إلى انتخابات جديدة. ورغم نفي حزب أمل جديد والليكود وجود قناة تفاوض، إلّا أن صحيفة هآرتس نقلت عن سياسيين أن المحادثات موجودة لكنها "غير جادة"، وأن قناة الاتصال مفتوحة بين الحزبين. هذه التسريبات التي نقلتها صحيفة يديعوت أحرنوت أولًا عُززت بتصريح سابق لرئيس حزب أمل جديد جدعون ساعر، كان بمثابة إنذار، اعتبر فيه أن التصويت ضد القانون هو عملية سياسية تعني رفض وجود الحكومة، فيما حذر أعضاء بالكنيست في الحزب نفسه من أن عدم تمرير القانون سوف ينتهي إلى حالةٍ من الفوضى.

ما يعزز من إمكانية عدم تمرير القانون في الوضع الراهن، هو بيان أصدرته كتلة المعارضة في الكنيست باستثناء القائمة المشتركة، أشارت فيه إلى أنها لن تساهم في تمرير أي قانون يقدمه الائتلاف. وكان أوضح تعبير عن ذلك هو التسجيل المسرب لعضوة الكنيست عن حزب الليكود ميري ريجيف، الذي دعت فيه نواب الليكود إلى الامتناع عن دعم أي قانون للائتلاف حتى لو تعلق بالجنود أو النساء المعنفات أو الاغتصاب، داعيةً إلى معارضة متشددة للحكومة من أجل إسقاطها.

أثار هذا التسريب موجة انتقادات كبيرة لليكود في حينه، مما دفعه إلى التنازل عن معارضة قانون منح الجنود المسرحين من الخدمة، الذي تم الاتفاق على صيغته في مفاوضات بين الائتلاف الحكومي والليكود من أجل الوصول إلى حل وسط، وتغيب نواب المعارضة عن الحضور في جلسة التصويت مما سمح بتمريره. فيما تمت الموافقة الأولية على مشروع قانون قدمه حزب الليكود، يحظر رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات التي تمولها الدولة داخل الخط الأخضر، عقب انتشار صور من جامعات إسرائيلية لطلبة فلسطينيين يرفعون العلم الفلسطيني في ذكرى النكبة 74. حيث حصل القانون على دعم رئيس الحكومة نفتالي بينيت، بينما تغيب رئيس الوزراء البديل ووزير الخارجية يائير لابيد وأعضاء حزبه يوجد مستقبل وأعضاء حزب العمل.

الأزمات المتتالية دفعت وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى التنسيق مع القائمة المشتركة من أجل حصوله على دعمها في تمرير القوانين من خارج الائتلاف، قبل أن تعلن الأخيرة عن رفضها التصويت على القوانين، بعد رفض الائتلاف إدراج مشروع قانون منح تعليم للطلبة الجامعيين تحت خط الفقر للتصويت، كان قد قدمه عضو الكنيست أيمن عودة.

ويبدو أن ضغط الليكود يعود إلى قناعته بأن الائتلاف الحكومي يعول على إمكانية دائمة لتمرير القوانين المرتبطة بالاستيطان والأمن باعتبارها قضايا قومية، من خلال الاعتماد على أصوات المعارضة من خارج الائتلاف، وهي قناعة تحققت في قانون لم الشمل بين الفلسطينيين الذي سقط في بداية الائتلاف الحكومي نتيجة محاولة إفشال الحكومة، لكنه عاد ومر بأصوات من المعارضة لاحقًا.

عقب ذلك، صعد الليكود من معارضته للحكومة وساهم في تأجيل زيارة وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس إلى الهند لعدة ساعات، بعد محاولة غانتس الفاشلة إقناع أي عضو من المعارضة بالتغيب عن جلسات الكنيست التي لن يحضرها من أجل جعل الأصوات متعادلة عند طرح أي قانون. زيارة نيودلهي التي تأجلت الشهر الماضي نتيجة الأحداث الأخيرة في القدس ومناطق أخرى من الضفة الغربية المحتلة، تأتي احتفالًا بمرور 30 عامًا على العلاقات الأمنية بين إسرائيل والهند، ما جعتل حزب أبيض أزرق يعتبر خطوة الليكود "معارضةً للدولة".

خلال شهرين فقط، تعامل الائتلاف مع انشقاق رئيسته عيديت سيلمان، وتجميد القائمة العربية الموحدة عضويتها فيه، ومن ثم انسحاب النائبة غيداء ريناوي- زعبي

أما عدوى الانشقاقات عن الحكومة فقد وصلت إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، فخلال شهرين فقط، تعامل الائتلاف مع انشقاق رئيسته عيديت سيلمان، وتجميد القائمة العربية الموحدة عضويتها فيه، ومن ثم انسحاب النائبة غيداء ريناوي- زعبي وإعلان عضو الكنيست مايكل بيتون عن عدم تصويته لصالح قوانين الائتلاف. ورغم أن معظم هذه الأزمات كان على وشك الحل، إلّا أن مساعدة بينيت الشخصية نعومي ساسون قدمت استقالتها، بعد أيام من استقالة رئيس مكتبه تال غان تسفي، الذي رافق بينيت على مدار 10 سنوات من العمل السياسي، وبعد 10 أيام من استقالة منافسته في المكتب مستشارة بينيت السياسية شمريت مئير، وسط حديث عن قرب استقالة المتحدث باسم رئيس الوزراء الحالي. ويعود الصراع بين مئير وتسفي إلى رغبة الأولى بجعل بينيت يكتسب قاعدةً انتخابية أقل يمينية وأقرب إلى الوسط، وهذا من ناحية يفسر سبب الاستقالات السريعة. لكن صحيفة جيروزاليم بوست تشير إلى سبب آخر لا يمكن تجاهله، وهو إدراك المنسحبين والمستقيلين أن الائتلاف في أيامه الأخيرة وأن الخاسر الأكبر بعد نهاية الائتلاف سيكون بينيت.