هذه المساحة مخصصة لأرشيف الثقافة والفن، لكل ما جرى في أزمنة سابقة من معارك أدبية وفنية وفكرية، ولكل ما دار من سجالات وأسئلة في مختلف المجالات، ولكل ما مثّل صدوره حدثًا سواء في الكتب أو المجلات أو الصحف، لكل ذلك كي نقول إن زمن الفن والفكر والأدب زمن واحد، مستمر دون انقطاع.


"شيء من الخوف" هو عنوان واحد من أهم كلاسيكيات السينما المصرية، التي احتل المركز التاسع عشر في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخها، وجاء في المركز الـ 71 ضمن قائمة أهم 100 فيلم عربي.

رأى العديد من النقاد أن الفيلم يتضمن نقدًا مبطّنًا لعبد الناصر ونظامه الاستبدادي، وأنه جسّد واقع مصر وأحوال شعبها في ظل حكمه

عُرض الفيلم، وهو من إخراج الراحل حسين كمال وبطولة كل من شادية ومحمود مرسي ويحيى شاهين، في 3 شباط/ فبراير عام 1969. وأثار عند عرضه غضب السلطات المصرية التي رأى بعض مسؤوليها أنه يتضمن نقدًا مبطّنًا لنظام الرئيس جمال عبد الناصر.

شيء من الخوف.. توريث الكراهية

يروي الفيلم المقتبس من رواية بالعنوان نفسه للروائي المصري الراحل ثروت أباظة، قصة قرية مصرية صغيرة يحكمها بلطجي يتزعم عصابة تنهب وتسرق وتفرض الإتاوات على سكانه، الذين يدفعونها مجبرين من أجل الحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم.

المفارقة أن البلطجي الذي يُدعى "عتريس"، كان في طفولته وشبابه بريئًا ومسالمًا وبعيدًا عن أجواء الحقد والقسوة التي زرعها في قلبه، لاحقًا، جده "عتريس الكبير" الذي أورثه الحقد والغطرسة والكراهية، وجعله نسخة أخرى منه.

يقع عتريس في حب "فؤادة" التي بادلته المشاعر نفسها حين كان شابًا مسالمًا، ونفرت منه بعد تحوله إلى بلطجي يفرض الإتاوات على الناس، ويقتل من يرفض دفعها. ومن أجل احتوائها والسيطرة على تصرفاته، قرر عتريس الزواج منها، لكنه اكتشف، فيما بعد، أن زواجه منها باطل، فقرر حينها الانتقام من والدها وسكان القرية، خصوصًا الشيخ الذي أعلن بطلان زواجه من فؤادة، فقام بقتل ابنه الذي حوّل سكان القرية جنازته إلى ثورة ضده انتهت بحرقه داخل منزله.

رسائل سياسية ودعوة إلى الثورة

مُنع "شيء من الخوف" من العرض في البداية بسبب اعتراض جهاز الرقابة على قصته التي رأى أنها تجسد حكم جمال عبد الناصر لمصر، لكن الأخير أمر بالسماح بعرضه بعد مشاهدته.

يُعد الفيلم واحدًا من أهم كلاسيكيات السينما المصرية التي احتل المركز التاسع عشر في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخها

مع ذلك، رأى العديد من النقاد أن الفيلم يتضمن نقدًا مبطّنًا لعبد الناصر ونظامه الاستبدادي، وأنه جسّد واقع مصر وأحوال شعبها في ظل حكمه. بل إن البعض رأى أن "عتريس" يجسد شخصية عبد الناصر، وأن "فؤادة" هي مصر، وسكان القرية هم الشعب المصري. أما مقولة "جواز عتريس من فؤادة باطل" التي رددها سكان القرية خلال ثورتهم على عتريس، فهي وبحسب وصفهم إشارة إلى عدم شرعية حكم عبد الناصر لمصر، ودعوة إلى الثورة عليه.