04-يناير-2024
الموسوعة الفلسطينية

الموسوعة الفلسطينية (الترا صوت)

هذه المساحة مخصصة لأرشيف الثقافة والفن، لكل ما جرى في أزمنة سابقة من معارك أدبية وفنية وفكرية، ولكل ما دار من سجالات وأسئلة في مختلف المجالات، ولكل ما مثّل صدوره حدثًا سواء في الكتب أو المجلات أو الصحف، لكل ذلك كي نقول إن زمن الفن والفكر والأدب زمن واحد، مستمر دون انقطاع.


تُعد "الموسوعة الفلسطينية" واحدة من أهم المشاريع البحثية التي سعت إلى توثيق الذاكرة الفلسطينية، وتناول فلسطين وتقديمها إلى القارئ العربي من مختلف جوانبها، بحيث يتشكّل لدى القارئ والباحث على حد سواء صورة عامة وشاملة عن هذا البلد المنكوب وتاريخه على مدار مئات بل آلاف السنين.

تعود فكرة إنشاء الموسوعة إلى الكاتب والباحث والمفكر الفلسطيني الراحل أنيس صايغ، الذي طرحها منتصف ستينيات القرن الفائت، لكنها لم ترَ النور إلا أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات بعد تعاون مشترك بين "منظمة التحرير الفلسطينية"، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألسكو".

أراد القائمون على الموسوعة توثيق وحفظ الذاكرة الفسلطينية، وتناول فلسطين وتقديمها إلى القارئ والباحث العربي من مختلف جوانبها

أسّست "الألسكو"، بالتنسيق مع منظمة التحرير، هيئة لتنفيذ المشروع حملت اسم "هيئة الموسوعة الفلسطينية"، التي ترأسها رئيس دائرة التربية والتعليم في منظمة التحرير أحمد المرعشلي حتى وفاته عام 1988، فخلفه في رئاستها أنيس صايغ الذي كان قد أشرف قبل ذلك على طباعة القسم الأول من الموسوعة، وتحرير القسم الثاني منها. 

يقول أنيس صايغ في مذكراته إن مشروع "الموسوعة الفلسطينية" نص على أن تتكون الموسوعة: "من عدة أقسام تصدر تباعًا: القسم الأول (العام) يحتوي على معلومات مختصرة في أهم الموضوعات في حقول المعرفة الخمسة: الأرض (الجغرافية) والتاريخ والحضارة والشعب والقضية. ومن ضمن هذه الحقول يرد الكلام عن أبرز أعلام كل حقل".

أما القسم الثاني، فقد خُصص للدراسات الخاصة، أي للبحوث: "المطولة والتحليلية العميقة في الحقول الخمسة السابقة. وتتوزع الأقسام التالية على قسم للوثائق (يشمل كل الوثائق المتعلقة بفلسطين على مختلف العهود، بنصها الأصلي و/أو مترجمة)، وقسم للخرائط (الجغرافيا والاقتصادية والطبيعية والسكانية والتاريخية والحضارية). وقسم المراجع والمصادر (بالعربية وعدد من اللغات الأكثر شيوعًا). وقسم الصور. وقسم الإحصاءات". ويضيف أنه: "لم يرَ أي من الأقسام الأخرى النور بعد القسمين الأولين. مع أن العمل في إعداد القسم الثالث كان قد بدأ وشكلت له لجنة".

توزعت الأقسام التي صدرت من الموسوعة على 11 مجلدًا ضمّت دراسات وبحوثًا لما يزيد عن مئتي باحث عربي، تناولوا فلسطين من جوانب وزوايا مختلفة ومتعدّدة، بدءًا بالتاريخ ودورها في مسيرة الحضارة البشرية منذ القرن الرابع قبل الميلاد، مرورًا بالغزوات التي تعرّضت لها وما خلّفته من آثار اجتماعية وثقافية واقتصادية، وصولًا إلى الفتوحات الإسلامية وما ترتب عليها من تغيّرات طرأت على حياة الفلسطينيين وأنماط عيشهم، وصولًا إلى الانتداب البريطاني، فالنكبة وما تلاها من أحداث وتحوّلات جذرية.

ولم تغفل هذه الدراسات والبحوث جغرافيا فلسطين وتضاريسها وموقعها وأوضاعها الديموغرافية وتركيبتها السكانية. كما تناولت الحياة الأدبية والثقافية في فلسطين، إذ فرد المساهمون حيزًا للحديث عن الأجناس الأدبية المختلفة في فلسطين، كالشعر والقصّة والمسرح والصحافة. ناهيك عن القضية الفلسطينية وحركاتها النضالية والتحررية بعد النكبة، وأبعاد هذه القضية دوليًا، والكيفية التي تعاملت بها دول العالم معها.

في تقديمه لها، قال محيي الدين صابر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وأحد مؤسسي هيئة الموسوعة، إن الأخيرة: "صورة من صور النضال القومي في مجال من أكثر المجالات أهمية هو مجال التاريخ الحضاري والسياسي"، إذ يكمن دورها، برأيه، في عرض الحقائق التاريخية حول فلسطين: "أرضًا وشعبًا وحضارة وقضية لتكون وثيقة علمية تدحض الأساطير التي يروّج لها المستعمرون في ميدان انفردوا فيه واحتكروه فضللوا الرأي العام العالمي كما شاؤوا".

كما أكد رئيس تحرير الموسوعة عبد الهادي هاشم، في تقديمه لها، أنها لن تقتصر على الناحية النضالية في فلسطين، ذلك أن الغاية: "أن نضع بين أيدي القارئ العربي مرجعًا موثوقًا يدلّه في يسر وصدق ووضوح على مساهمة هذا البلد العربي في مسيرة الحضارة الإنسانية، وعلى نصيبه الأوفى من الحضارة العربية".