07-فبراير-2020

الروائي أحمد محسن

ألترا صوت – فريق التحرير

بعد "صانع الألعاب" التي صدرت في 2013، و"وارسو قبل قليل" التي صدرت في 2015؛ صدرت للكاتب والزميل أحمد محسن الرواية الثالثة تحت عنوان "السماء ليست لنا" عن دار "هاشيت أنطوان – نوفل" في بيروت.

وعلى عكس الروايتين السابقتين، لا يتحدث الراوي بلغة المخاطب دائمًا، بل يتوزع السرد على عدة شخصيات، من دون أن يلغي ذلك وجود شخصية محورية تستحوذ على الحيز الأكبر من الرواية. ينتمي أبطال الرواية إلى فترة الحرب الأهلية اللبنانية، ويأتون من خلفيات تشبه بتعددها صورة لبنان نفسه. لكن قصتها الأساسية تدور في مدينة حلب السورية قبل أربعة أعوام. ويتوزع السرد على حقبتين رئيسيتين، هما فترة الحرب الأهلية اللبنانية والثورة السورية، وما بينهما من أحداث وتحولات. كما تتقاسم الأحداث عدة أبطال وشخصيات، إلا أن القصة الرئيسية تبقى قصة بطل رئيسي للرواية، وهو ناصر، الذي يسرد سيرة الحصار الطويلة، انطلاقًا من خلفية متأثرة بعدة عوامل، لا سيما منها سيرة الحرب اللبنانية الطويلة التي اصطحبها معه إلى حلب.

ينتمي أبطال رواية "السماء ليست لنا" إلى فترة الحرب الأهلية اللبنانية، ويأتون من خلفيات تشبه بتعددها صورة لبنان نفسه

تتوزع "السماء ليست معنا" على 24 فصلًا، ويبلغ عدد صفحاتها 171، من القطع الصغير، لكنها تحوي أحداثًا كثيفة. فإلى جانب القصة الرئيسية، هناك مواقف يمكن استخلاصها، خاصةً من القصص جانبية التي تحدث داخل القصة الرئيسية نفسها، أبطالها ليسوا لبنانيين وحسب، بل يمكن أن يكونوا سوريين أيضًا. ناصر، بطل الرواية، هو نقطة الوصل بين جميع الشخصيات الأخرى، من والده الذي عرف الحرب اللبنانية، وصولًا إلى أصدقاء الابن الشخصيين الذين جرّتهم الأحداث وجرّت ناصر معهم إلى حروب خاسرة أخرى. وفيما لا تلتزم الرواية بسياقات تاريخية كلاسيكية تفرض سردًا تقليديًا للأحداث، سيكتشف القارئ ترابطًا شديدًا بين أحداثها.

اقرأ/ي أيضًا: جبور الدويهي.. حميمية السرد

هذا الترابط، الذي قد يشعر القارئ أنه أفلت منه في بعض المقاطع، قد يكون بسبب المقاطع التي زجت في الرواية، بوصفها منامات، أو أحداث مشكوك بحدوثها، لكنها قابلة للحدوث، ما يضاعف عدد الأسئلة الممكن استخراجها من الرواية. أما الأجوبة، التي هي من وظيفة القارئ عادةً، فيمكن العثور عليها في عدة مواقف، من الحصار ومن الحرب ومن الصراع الطبقي إلى جانب قضايا كثيرة متداخلة وحاضرة في حياة اللبنانيين والسوريين خاصةً في العقد الأخير. هذه المقاطع التي نتحدث عنها، كتبت بلغةٍ لا تختلف كثيرًا عن اللغة التي كتبت فيها بقية أجزاء الرواية، التي تحتفي بجزء كبير منها بالسرد، وتقل فيها الحوارات.

يُذكر أن أحمد محسن كاتب وروائي وصحافي من لبنان، من مواليد 1984. حاصل على ماجستير من جامعة القدّيس يوسف. عمِل في الصحافة اللبنانية منذ 2007 مختصصًا في مسائل المجتمع وحقوق الإنسان.

من الراوية

بزغ الفجر فوق الأنقاض. بعد نصف ساعة من الصمت والصقيع، ظهرت قافلة جديدة. نساء بالمئات مع أطفالهنّ. صبية وبنات. مدجّجات بثيابهنّ السود. مكمّمات الأفواه. يمشين كما لو أنّهنّ سجون متنقّلة، تخفي في داخلها أجسادًا، وأجساد تخفي في داخلها أرواحًا، وأرواح في داخلها حياة. عدد الرجال ليس كبيرًا وغالبيّة المغادرين من النساء. الرجال انسحبوا في باصات خاصّة إلى الأرياف وإلى الشمال. أخذوا معهم عائلاتهم. الذين ينسحبون أمامنا ولا نعرف من أين خرجوا، هم الذين بقوا أو الذين تبقّوا. المدينة كلّها انسحبت من أهلها وهم انسحبوا منها. العودة ليست قدرًا. في الخامسة، فرغت المدينة. عاد الثلج للسقوط كالدمع على الركام.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في رواية "السقوط من عدن".. هذه هي الحياة باختصار

"فيلا النساء" لشريف مجدلاني.. مسارات التحولات اللبنانية