11-نوفمبر-2015

المقاومة جاهزة (سعيد خطيب/أ.ف.ب/Getty)

يكفي أن تمشي على بعد أمتار من الخط الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام ثمانية وأربعين، لتجد مشهدًا كان حتى وقت قريب صعب التحقق والتصديق لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. مجموعة من أبراج المراقبة التابعة للمقاومة الفلسطينية، شيّدت وعلى طول الشريط الحدودي، بهدف رصد تحركات الأليات العسكرية التي لا تمل السير ليل نهار من أجل توفير الأمن للمستوطنين في غلاف غزة.

الفكرة بدأت من جنوب القطاع الذي خرج لتوه من أتون الحرب، حيث منطقة خُزاعة التي كانت مسرحًا لعمليات الاحتلال، لتمتد لاحقًا إلى طول الشريط الحدودي من بيت حانون شمالًا وحتى رفح جنوبًا. فالمعادلة قد تغيرت وقواعد الصراع انقلبت لصالح المقاومة، كما يؤكد أبو أحمد أحد القادة الميدانيين في سرايا القدس الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي.

شيّدت المقاومة الفلسطينية على طول الشريط الحدودي لغزة الأبراج بهدف رصد تحركات الآليات المعادية

المعركة الصامتة التي تعمل المقاومة في فلكها، تتجسد في تكثيف الاستعدادات لأي مواجهة محتملة، مع التركيز على نقاط الضعف لدى الاحتلال، حيث يعد هذا هدفًا رئيسًا لتشييد تلك الأبراج.

ويضيف أبو أحمد لموقعنا: "نحن نرصد، ونتابع حركة الآليات ونزود من خلال هذه الأبراج مركز القيادة بالمعلومات المتعلقة بتحركات الآليات وأوقات عودتها للمواقع العسكرية، علاوة على تحديد أماكن التوغلات التي تقع من وقت لآخر لتكون تحت مرمى ضرباتنا".

يبدو الوضع مطئنًا، حيث أن "نخبة من رجالات سرايا القدس، يرابطون ليل نهار، وهم على تواصل مباشر مع أبراج المراقبة الأمامية، تحسبًا لأي تطور. لدينا الكثير، والفيصل بيننا هو الميدان في المعركة القبلة.

وينذر الصفيح الساخن الذي تقف عليه غزة، باشتعال فتيل حرب جديدة، حيث يواصل الاحتلال انتهاكاته لتفاهمات وقف إطلاق النار، التي توصلت إليها الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية مع الاحتلال منتصف آب/أغسطس الماضي.

الرسالة الأقوى لهذه الأبراج كما يرى مراقبون وخبراء عسكريون هي أن المقاومة تسعى لتثبيت قواعد جديدة لبسط السيطرة الكاملة على مناطق كان يحُظرُ على الفلسطينيين الوصول إليها، وأن الهدوء الذي ينعم به المستوطنون بلا مقابل لن يدوم طويلًا. وفي السياق، قال منصور ريان مختص في الشأن الإسرائيلي: "إن ما تقوم به المقاومة يؤكد استمرارها في الإعداد والتجهيز لمجابهة الاحتلال الذي يتنكر لكلٍ شيء تجاه غزة، مقابل الهدوء الذي ينعم به المستوطنون".

إن ما تقوم به المقاومة يؤكد استمرارها في الإعداد والتجهيز لمجابهة الاحتلال الذي يتنكر لكلٍ شيء تجاه غزة

رغم بساطة فكرة إنشاء الأبراج العسكرية، إلا أن رسائلها لدى القيادة العسكرية، والسياسية وكذلك المستوطنين في غلاف غزة كبيرة، فهي لا تقل خطورة بالنسبة لهم عن أنفاق المقاومة الممتدة تحت الأرض.

وعن هذا يتحدث ريان: "لا يمكن للمستوطنين البقاء طويلًا في غلاف غزة، فحالات الخوف والهوس بلغت ذروتها، وقادة الاحتلال يدركون ذلك جيدًا"، متوقعًا نزوح معظم المستوطنين القاطنين في غلاف غزة عند سماعهم دوي إطلاق رصاصة من غزة وليس صاروخ، أو خروج مجاهد لهم من تحت أقدامهم.

أبراج التحدي كما يطلق عليها الغزيون لم تكن فقط لترسل رسائل عسكرية لجيش الاحتلال، بل لتوفر الأمن لسكان الشريط الحدودي، والذين يتعرضون بشكل شبه يومي لإطلاق النار، ويمنع الكثير منهم الوصول إلى أراضيهم الزراعية

وعن هذا يقول عصام الهسي، "أبراج المراقبة ووجود المقاومين بزيهم العسكري باستمرار، دون تردد، بعث في نفوسنا الطمأنينة، فنحن كثيرًا ما نتعرض لإطلاق النار، ولكننا اليوم نقف إلى جانب مقاومتنا، حيث يبدع سكان قطاع غزة في ابتكار وسائل وأساليب لمقاومة المحتل لن يكون آخرها هذه الأبراج".

اقرأ/ي أيضًا:
التسلل من غزة إلى إسرائيل.. ملف متفجر
المناطق الحدودية في غزة... جبهة حرب صامتة