29-سبتمبر-2015

المرأة الليبية شاركت في الثورة بقوة

بينما يعد الاهتمام بالأطفال والنساء مؤشرًا حضاريًا لتقدم المجتمعات ورقيها وتحضرها ورغم قدم ظاهرة العنف ضد المرأة، إلا أنها كظاهرة اجتماعية، لم تكن محل اهتمام من قبل النظام السابق بل كانت من الظواهر التي سكت عنها الإعلام. وبالرغم من المرأة تشكل أكثر من خمسين في المئة من المجتمع الليبي إلا أن الاهتمام بالمشكلات والقضايا الخاصة بها لا يزال دون المستوى المأمول، ومنها العنف الجسدي واللفظي ضد الزوجات والنساء بصفة عامة، وهذا شائع في العالم العربي.

هناء تزوجت قبل عشر سنوات تتحدث عن معاناة طويلة.. "اشترط أبي على زوجي قبل زواجنا أن أستمر في عملي سواء في المدرسة أو معلمة للقرآن في المسجد ووافق زوجي على ذلك الشرط". وتضيف " بعد زواجنا تفاجأت بتصرفات زوجي الغريبة من ناحية الإنفاق في المنزل فهو لم يقم إلا بشراء مسلتزمات الأكل والشرب وتكفلت أنا بباقي مصاريف البيت من ملابس وأثاث البيت، وتغير أسلوب معاملة زوجي معي بعد سنتين من زواجنا فبدأ بضربي وشتمي على أبسط خلاف بيننا وبدأت بعد ذلك أتعود على الذهاب إلى بيت أسرتي كل حوالي أربعة أشهر وكان سبب خلافنا هو اشتراطه لي ترك أحد العملين ". خالد أخو هناء الأكبر، يقول "عرض زوج أختي أن يعطيها مرتبًا شهريًا شريطة أن تترك تحفيظ القرآن في المسجد لكنها رفضت". في إحدى المرات أشهر زوجها سكينًا وأراد قتلها أمام أبنائهما. يعنفها بالضرب والشتم بألفاظ شائنة والتي لا يستطيع خالد ذكرها لأنها خادشة للحياء، إنه يكررها لدرجة أن أطفالها تعلموا هذه الألفاظ المنافية للدين والأخلاق.

اقرأ/ي أيضًا:
العنف على رقاب 47% من التونسيات
ستات الشاي .. المرأة مظلومة ومناضلة

 لم تذهب عائلة خالد إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ولم تقم أخته برفع دعوى ضد زوجها لأنها تقول "لن تستطيع عائلتي تحمل تربية أبنائي المشاكسين وحتى إن رفعت دعوى فسيأخذ القانون وإجراءاته وقتًا طويلًا". ويقول خالد " إنها المرة الأخيرة التي نرجع فيه أختنا إلى زوجها، ولو كررها ثانية فسنتقدم بدعوى ضده في المحكمة، ألا يكفي بأن حرمها من زيارة أخواتها وعماتها وخالاتها ومعظم أقاربها، هل هناك ظلم أكثر من هذا".

اقرأ/ي أيضًا:
المرأة الموريتانية.. تمثيل على حساب الحضور

أسباب العنف ضد المرأة في ليبيا عديدة منها ما يقوله الإعلامي السيد مبروك عقيلة "للأسف أغلب النساء الليبيات عنيدات ورأسهن يابس إلا من رحم الله وأحيانًا الضرب خير وسيلة لهن حتى الله جل فى علاه ذكر العصا فى القرآن"، أي مورثات قديمة أخذت من آيات قرآنية " واللاتي تخافون نشوزهن فاضربوهن " وفهمت حسب الأمزجة، وحسب تقاليد الإعلامي الذكورية. أما المدون عمر الماي فيرى أن أسباب العنف الجسدي ضد المرأة هي المفاهيم الخاطئة الخاصة بالرجولة والزواج بصفة عامة، عندما يشعر الرجل بأنه أقل من زوجته في الذكاء أو الإمكانيات المادية أو المكانة الاجتماعية ويدفعه الإحساس بالنقص إلى محاولات عدل الميزان فلا يجد أمامه سوى القوة الجسدية التي يمتلكها ليثبت لها انه أقوى منها في حين أنه في الحقيقة عاجز عن مواصلة الحوار معها وغير قادر على مقاومة الفكرة بالفكرة.

رصدت إحدى العيادات خمسة وثلاثين حالة ضرب 8.3% ، وتسعة وثلاثين حالة اغتصاب 9.2%، وعشرين حالة تحرش جنسي في عام واحد

الناشطة في شؤون المرأة والإعلامية سميحة المشري تقول "إن العنف تجاه النساء سلوك سلبى ينم عن الجهل وسوء الخلق ويعطى إشارات عديدة لأمراض نفسية كثيرة وكبيرة ويخلق تأثيرًا سلبيًا على الأطفال والمراهقين، مما يدفع البعض وخاصة البنات إلى كره الرجال والحياة الزوجية، ويؤدى بالتالي إلى خلق هوة نفسية وولادة الضغينة والحقد وحب الانتقام والانحدار إلى الجريمة وبالتالي إلى إرباك النسيج الاجتماعي". أما المحامية ندى الأيام فترجح تفشي ظاهرة العنف ضد النساء إلى "عدم وجود قوانين كافية تحمي المرأة أي قلة الرادع القانوني وحتى انضمام ليبيا إلى معاهدات حقوق الإنسان المتعلقة بالمرأة كان انضمامًا شكليًا ولم تحرز أي تقدم في حقوق المرأة ، وتقرير هيئة الأمم المتحدة بخصوص ليبيا ومدى التزامها باتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة خير دليل".

وعند الحديث عن إحصاءات حالات العنف ضد المرأة في ليبيا فهناك ندرة في البيانات ومن الصعب الحصول عليها أو على بحوث في هذا المجال. د.صالح الحويج المعالج النفسي يقول أن من بين الحالات المترددة على عيادة الصحة النفسية بمصحة الرحمة (عين زارة / طرابلس) فى الفترة من أول تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 إلى آخر كانون الأول/ ديسمبر2012 (خمسة وثلاثين حالة ضرب 8.3% ، وتسعة وثلاثين حالة اغتصاب 9.2%، وعشرين حالة تحرش جنسي 4.7%، وعشر حالات عنف لفظى 2.3%، وسبع عشرة حالة حرمان من العمل 4%، وثلاث عشرة حالة إيقاف عن الدراسة 3%،وخمس حالات إجبار على التعاطى للحشيش 1.1%)

لا توجد أي إحصاءات بالمحاكم الليبية لأي نوع من الجرائم ضد المرأة

ويؤكد المحامي رمضان سالم ندرة البيانات في هذه القضية الحساسة، وللأسف لا توجد أي إحصاءات بالمحاكم الليبية لأي نوع من هذه الجرائم، ولكن وبشكل شخصي تعرفت على ثلاث حالات عنف ضد الزوجة وتقدمت الزوجة ببلاغ للسلطات، اثنتين منها انتهتا صلحًا وتنازلت الزوجة عن البلاغ وعادت لبيت الزوجية والثالثة حكم علي الزوج بالحبس مع وقف التنفيذ وتم تطليق الزوجة .

وبالرغم من وجود مواد بالقانون الليبي تعاقب من يقصر في القيام بالواجبات العائلية بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تزيد عن خمسين جنيهًا مثل واجبات الإعانة المترتبة على المكانة الأبوية (وهذا قانون ذكوري) أو على واجب الوصي أو على الزوج إذا تخلى عن منزل الأسرة أو تبع مسلكًا يتنافى مع نظامها السليم أو أخلاقها لكن تبقى عوامل عدة تبقي المرأة الليبية بعيدة عن حقوقها منها التقاليد والجهل بالقوانين وصعوبة إنفاذ القانون في الظروف الراهنة.
 

اقرأ/ي أيضًا:
المرأة والعدالة على الطريقة السورية