06-يناير-2018

هناك مساعٍ تشريعية للتعجيل بأحكام الإعدام في مصر التي تحتل المركز السادس عالميًا في الإعدامات (أماني هاشم)

بذريعة محاربة الإرهاب، يعكف عدد من أعضاء البرلمان المصري الحالي، على الانتهاء من صياغة مشروع قانون جديد يلزم القضاء بالفصل في قضايا الجرائم الإرهابية في مدة لا تزيد عن 15 يومًا، تزامنًا مع سعي الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات الرئاسية القادمة لحذف أسماء المتهمين في قضايا "الإرهاب" وتمويل الجماعات "الإرهابية"، من قوائم الناخبين ونزع حقهم من التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة، حتى وإن لم يصدر ضدهم حكم قضائي بعد.

في حين يتحدث العالم عن إلغاء عقوبة الإعدام، نجد في مصر نوابًا يصيغون مشروع قانون للتعجيل بإصدار أحكام الإعدام في "قضايا الإرهاب"

"الإعدام في أسرع وقت"

في الوقت الذي تسعى فيه دول لإلغاء عقوبة الإعدام، نجد عددًا من نواب البرلمان المصري يسعون للانتهاء من مسودة قانون جديد يختص بسرعة الفصل في قضايا جرائم الإرهاب. وسينص هذا القانون على إلزام المحكمة بإصدار الأحكام خلال 15 يومًا على الأكثر في جرائم الإرهاب، كما يُلزم المحكمة بتوقيع حكم الإعدام خلال 15 يومًا في تلك الجرائم الموثّقة بالكاميرات وبالصوت والصورة وباعتراف المتهمين، مع ضرورة زيادة عدد القضاة ودوائر الإرهاب لسرعة الفصل في المحاكمات.

اقرأ/ي أيضًا: "رصد الضباط" تُذكّر بـ"عرب شركس".. الإعدامات في مصر على هوى العسكر

يرى النواب العاكفون على مشروع القانون، أن العديد من الأحكام القضائية تؤجَّل بسبب إجراءات التقاضي وطول فترة الحبس إلى سنتين وأكثر قبل إصدار الحكم النهائي، رغم اعتراف المتهمين بالوقائع مع وجود تسجيلات مصورة لهم تحتوي اعترافاتهم. لكن ربما ما تجاهله النواب هو أنّه على الأغلب تُتنزع الاعترافات من فم المعتقلين انتزاعًا بالتعذيب الوحشي، وبعضها، بل ربما كثيرٌ منها ليست حقيقة وإنما فقط للكف عن التعذيب، وذلك ما كشفته العديد من التقارير المستندة إلى روايات معتقلين سابقين.

من جانبه، يرفض النائب مصطفى بكري إحالة "قضايا الإرهاب" للقضاء المدني، وإنما للقضاء العسكري، لأنه يرى أن الأخير "لا يتهاون مع الإرهابيين ويصدر أحاكمًا سريعة وفعالة"، كما يقول. وهو كذلك بالفعل، بالنظر إلى اختصاره درجات التقاضي بالمخالفة للقانون!

ويُذكر أن مصر تحتل المرتبة الأولى في تنفيذ عقوبة الإعدام في قارة أفريقيا لعام 2016، بعدما أعدمت السلطات المصرية ما يزيد عن 44 شخصًا. كما أنها تحتل المرتبة السادسة في تنفيذ عقوبة الإعدام بعد الصين وإيران والسعودية والعراق وباكستان، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.

وفي 26 كانون الأول/ديسمبر 2017، نُفذ حكم الإعدام في 15 شخصًا أدانتهم المحكمة العسكرية في قضايا متعلقة بجرائم إرهابية. وبعد أسبوع واحد، في الثاني من كانون الثاني/يناير 2018، نُفذ حكم عسكري جديد بإعدام أربعة أشخاص آخرين في قضية "تفجير ستاد كفر الشيخ"، ومدني آخر في قضية جنائية، ليكون مجموع أحكام الإعدام 20 حكمًا خلال أسبوع واحد. 

تحتل مصر المركز الأول في تنفيذ عقوبة الإعدام في قارة أفريقيا لعام 2016، والمركز السادس عالميًا

ولكن هذا الرقم لم يكن كافيًا بالنسبة لأعضاء البرلمان ليطالبو بقانون جديد لسرعة الفصل في قضايا الإرهاب، وإلزام المحكمة بالإعدام في القضايا الدامغة بالصوت والصورة خلال 15 يومًا فقط، وهو وقت لا يسمح بمراجعة أوراق القضية كافة، ويحرم المتهم من درجات التقاضي والمحاكمة أمام قضاء عادل.

اقرأ/ي أيضًا: الدولة الفاشلة: فزاعة الدولة الأمنية في مصر لتبرير القمع

وتوجه بعض المنظمات الحقوقية جهودها في مناهضة أحكام الإعدام، سعيًا إلى إلغائها من قوانين جميع الدول، مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ما دفعهم لتوجيه الانتقادات للحكومة المصرية وللمحاكمات العسكرية، وما جعل منظمة مثل هيومن رايتس مونيتور تنشر تقريرًا بعنوان "القضاء المصري لا يعرف غير أحكام الإعدام".

نزع حق التصويت من المعارضين في انتخابات الرئاسة!

لم تكتفِ السلطات المصرية بحبس وملاحقة المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسية القادمة، كخالد علي وأحمد شفيق وأحمد قنصوة، ولكنها تسعى لفرض قيود جديدة على حق التصويت، بعد أن تلقت الهيئة الوطنية للانتخابات -وهي هيئة يفترض أنها مستقلة، مسؤولة عن الإشراف على الانتخابات، تم اختيار جميع أعضائها بقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو نفسه الذي سيكون مرشحًا للانتخابات القادمة- تعليمات من وزير العدل بإيجاد ثغرات في القانون لحذف أسماء المواطنين المتهمين في قضايا الانتماء لجماعات إرهابية أو جماعات معارضة للدولة أو تمويل تلك الجماعات، من قاعدة بيانات الناخبين، حتى وإن ولم يصدر ضدهم حكم قضائي. 

يصبح بذلك أي مواطنٍ مهدد بحذف اسمه من قاعدة بيانات الناخبين، ونزع حقهم في التصويت لمجرد انتهمائهم لتنظيمات أو حركات معارضة، وحتى بدون صدور حكم قضائي يُثبت التهمة!

ويذكر أن قانون الكيانات الإرهابية الذي أصدره السيسي لم يحرم المتهمين في قضايا الإرهاب أو المدرجين على قوائم الإرهابيين، من الحق في التصويت، بل منعهم من تولي المناصب القيادية والتنفيذية والترشح في الانتخابات. وفي الوقت نفسه تجري وزارة الداخلية المصرية تحريات أمنية على أكثر من 20 ألف موظف حكومي لاختيار المساعدين الإداريين لرؤساء اللجان الفرعية والعامة في الانتخابات القادمة.

أصدرت السلطات المصرية تعليمات بمنع المتهمين بالانضمام لتنظيمات إرهابية/معارضة، بالتصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة!

بعد مرور أربع سنوات من فشل الدولة المصرية في محاربة الإرهاب، لا يزال الإرهاب المدخل الرئيسي والمبرر الأول لأي مساعِ رسمية لقمع وحبس المعارضين أو سن قوانين جديدة تخالف الدساتير والمعاهدات الدولية أو الالتفاف على القوانين الموجودة بالفعل وحرمان المواطن من أبسط الحقوق كحقه في اختيار من يمثله، ما يعطي مؤشرًا بالأهداف الحقيقية للنظام الحالي المتمثلة في إعادة ترتيب الأوراق من أجل السيطرة على زمام الحكم وتثبيت أقدامه بكل الطرق المتاحة، استعدادًا للانتخابات الرئاسية القادمة، فالمدرجين بقوائم الإرهابيين بالآلاف دون صدور أحكام قضائية ضدهم مع احتمالية زيادة العدد بالشكل الذي يريده النظام.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حصاد مصر في 2017.. قمعٌ وقتل ومنعٌ وحجب

"محدش هيترشح هنا".. فوبيا النظام المصري من المرشحين للرئاسة أمام الجنرال