08-مايو-2024
وفي الإطار نفسه أيضًا، أفادت الجمعية أنّ "القضاة قد أصبحوا اليوم مجرّد موظفين ذوو وضعية تشغيل هشّ مهددين بالرفت والإيقاف عن العمل في أي وقت في حال عدم تطبيقهم للتعليمات أو عدم انسياقهم وراء أهواء الرئيس مما يجعل استقلاليتهم رهين المساومة مع أمنهم الوظيفي".

(Getty) طالبت جمعية "منامتي"، بالإفراج الفوري وإيقاف كل التتبعات في حق الجمعية وممثلتها القانونية سعدية مصباح

قالت منظمات حقوق إنسان تونسية إن المدعي العام التونسي اعتقل، يوم الثلاثاء، سعدية مصباح، الناشطة البارزة ورئيسة منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق المهاجرين، وسط تقارير حقوقية عن انتهاكات السلطات للحريات والاعتقال التعسفية بحق المعارضة التونسية والقضاء.

وجاء اعتقال مصباح، بعد ساعات من اتهام الرئيس التونسي قيس سعيد، لمنظمات حقوق الإنسان للمنظمات التي تدافع عن حقوق المهاجرين بـ"الخيانة".

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة بدأت التحقيق مع مصباح، الذي تحارب مجموعته العنصرية وتدافع عن حقوق المهاجرين.

تقارير حقوقية ترصد تزايد الانتهاكات من قبل السلطات التونسية، تجاه المعارضة والقضاء وجميعات حقوق الإنسان

وقال سعيد، يوم الإثنين، إن "وضع المهاجرين يثير تساؤلات حول من يقف وراءه حقا"، بحسب تعبيره. وأضاف أن "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر وتونس لن تكون أرضًا لتوطين المهاجرين"، وفق قوله. وأضاف أن العديد من المسؤولين الذين يديرون مجموعات المجتمع المدني التي تدافع عن حقوق المهاجرين هم "خونة" يتلقون أموالًا من الخارج، على حد زعمه.

وقالت وسائل إعلام محلية إنه بعد خطاب سعيد، بدأ القضاء التحقيق مع بعض المجموعات التي تساعد المهاجرين.

وطالبت جمعية "منامتي"، وفق بلاغ أصدرته مساء الثلاثاء 7 أيار/مايو، بالإفراج الفوري وإيقاف كل التتبعات في حق الجمعية وممثلتها القانونية سعدية مصباح "التي ناصرت كل القضايا العادلة منذ اندلاع الثورة التونسية" وفق البيان الذي عبّر عن رفض الجمعية أن تكون "كبش فداء وشماعة لغياب مقاربة وحلول وطنية لمسألة الهجرة غير النظامية".

وأوضحت الجمعية خلافًا لما قالت إنه وقع ترويجه على شبكات التواصل الاجتماعي، أن جمعية منامتي "لم تدع لا خفية ولا علنًا لفتح الحدود بل شددت على ضرورة حماية الحدود مع احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان".

انتهاكات للقانون الدولي

وفي سياق آخر، وجّهت عدة منظمات حقوقية دولية، يوم الثلاثاء 7 أيار/مايو، دعواتها إلى السلطات التونسية، لوقف ملاحقة المعارضين السياسيين في تونس فورًا، وإطلاق سراح السياسيين الموقوفين منذ أكثر من 14 شهرًا على ذمة ما يعرف بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة"، "دون سبب وجيه"، ووضع حد للملاحقات القضائية ذات الطابع السياسي.

وطالبت المنظمات الحقوقية الدولية برفع ما أسمتها "الاتهامات الباطلة" الموجهة ضد المتهمين فيما يعرف بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة"، و"التخلي عن جميع الملاحقات الجنائية التعسفية ذات الدوافع السياسية ضد المعارضين السياسيين المشتبه بهم والأشخاص الموقوفين ومحلّ ملاحقة قضائية لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية".

وأشارت المنظمات الحقوقية الدولية في بيان مشترك، إلى أن النشطاء السياسيين خيام التركي، وعبد الحميد الجلاصي، وعصام الشابي، وجوهر بن مبارك، وغازي الشواشي، ورضا بلحاج مازالوا "محتجزين تعسفيًا" منذ شهر شباط/فبراير 2023 على خلفية ما يسمى بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة".

وأضاف البيان الذي حمل توقيع كلاً من لجنة الحقوقيين الدولية ومنظمة العفو الدولية بتونس ومنظمة محامون بلا حدود، والمنظمة الأورومتوسطية للحقوق والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، أن دائرة الاتهام بالمحكمة الابتدائية بتونس أحالت 40 شخصًا، بينهم السياسيين الموقوفين الستة على الدائرة الجزائية بالمحكمة الابتدائية بتونس لمحاكمتهم ورفضت طلب الإفراج عنهم.

وأكدت المنظمات الحقوقية أن السلطات التونسية "تنتهك" القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسات الذي يتعين على تونس الالتزام به، من خلال "إيقاف شخصيات معارضة وإساءة استخدام نظام العدالة الجنائية لخنق حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية".

وأوضحت أن "الإيقاف المطول قبل المحاكمة يتعارض دائمًا مع القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان"، مشيرةً إلى أن "الاحتجاز الوقائي هو إجراء ينبغي أن يقتصر بشكل صارم على الحالات الاستثنائية وألا يستخدم ضد المعارضة السياسية السلمية، ناهيك عن الأشخاص الذين لا يوجد ضدهم أدنى دليل على ارتكاب أفعال تستحق الشجب، والذين لا ينبغي بالتالي وضعهم رهن الإيقاف على الإطلاق، ويشكل حبسهم الاحتياطي المطول انتهاكًا للقانون التونسي".

القضاء رهينة

وحمّلت منظمة "أنا يقظ"، وفق بيان صدر، يوم الثلاثاء 7 أيار/مايو، الرئيس التونسي قيس سعيّد، "مسؤوليّته الكاملة في تدهور مرفق القضاء ومساهمته المباشرة في غياب الأمن القضائي للمواطنين"، وذكّرته بـ"محدودية صلاحياته حسب دستوره وأنّه ليس مخولًا قانونًا لإلقاء التهم جزافًا وإصدار أحكام دون أي سند قانوني وتشويه سمعة من يختلف معه الرأي".

وأشارت "أنا يقظ"، إلى أنّ "السلطة التنفيذية في تونس ذهبت إلى هدم ما بقي من بنيان العدل الذي كان ضعيفًا فأصبح مسلوب الحرية ومحتجزًا قسريًا"، مؤكدة أنّ الشغورات التي يشهدها مرفق القضاء في عديد المناصب القضائية الحسّاسة "ليست إلاّ آلية لتغوّل (الوظيفة) التنفيذية فيما يخرج عن نطاق اختصاصها والمراد منه نسف أي استقلالية كانت للقضاء".

حمّلت منظمة "أنا يقظ"، الرئيس التونسي قيس سعيّد، "مسؤوليّته الكاملة في تدهور مرفق القضاء ومساهمته المباشرة في غياب الأمن القضائي للمواطنين"

وقد أعربت منظمة "أنا يقظ"، في السياق نفسه، على "انشغالها لحال القضاء ولما آل إليه وضعه حيث أصبح اليوم يلعب دور اليد الغليظة لرأس السلطة التنفيذية وأداة لتصفية الخصوم السياسيين وأصحاب الرأي والفكر المعارض لرئيس الجمهورية في سنة انتخابية بغرض تبييض صورة الحكم وفتح المجال للرئيس للفوز في انتخابات يمكن التنبؤ أنّها على الأقل غير ديمقراطية وغير تعدّدية" وفقها.

وفي الإطار نفسه أيضًا، أفادت الجمعية أنّ "القضاة قد أصبحوا اليوم مجرّد موظفين ذوو وضعية تشغيل هشّ مهددين بالرفت والإيقاف عن العمل في أي وقت في حال عدم تطبيقهم للتعليمات أو عدم انسياقهم وراء أهواء الرئيس مما يجعل استقلاليتهم رهين المساومة مع أمنهم الوظيفي".

 

دلالات: