03-أكتوبر-2015

تدريس الأمازيغية في المغرب(عبد الحق سنا/أ.ف.ب)

"اللغة الأمازيغية هي أيضًا لغة رسمية للدولة، ورصيد مشترك لجميع المغاربة دون استثناء ولغة مدرجة في التعليم منذ سنة 2003، يتعين تطوير وضعها في المدرسة ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع مقتضيات الدستور"، كان هذا جزءًا مما ورد في الرؤية الاستراتيجية لـ 2015/ 2030، والتي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي المغربي وفُسر ذلك برغبة في المغرب لتعميم تدريس اللغة وتطوير واقعها، لكن الأمر ليس بهذه السهولة على أرض الواقع.

انطلق المغرب منذ 12 عامًا في مسار تدريس اللغة الأمازيغية في سلك التعليم الابتدائي، بعد اتفاق بين وزارة التربية الوطنية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لكن تشوب العملية التعليمية عدة عوائق إلى حد الآن. ولا يتجاوز تدريس الأمازيغية كونها مادة مسجلة على جدول الحصص في أغلب المؤسسات التعليمية دون أن يكون لها حضور فعلي.

في هذا الإطار، يقول مراد، تلميذ في السنة الخامسة من التعليم الابتدائي لـ"ألترا صوت": "وجدت إشكالًا في تعلم الأمازيغية نظرًا إلى صعوبة الخط الأمازيغي (تفيناغ) في الشكل والنطق، كما أننا انقطعنا عن درسها في بعض السنوات بسبب نقص في عدد المعلمين وهذا انعكس سلبًا على مدى استيعابنا".

انطلق المغرب في تدريس اللغة الأمازيغية في سلك التعليم الابتدائي منذ 12 عامًا

ويعتبر قرار تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس الحكومية الابتدائية بالمغرب من بين أهم مكاسب الحركة الأمازيغية، إلا أن هذا المكسب يصطدم بصعوبات عدة بداية من تكوين الأساتذة والمعلمين وطريقة التدريس، إذ يصر العديد من التلاميذ على أن المنهج المعتمد لا يتلاءم مع مستوى تلميذ التعليم الابتدائي.

يتحدث أحمد، وهو أحد مدرسي التعليم الابتدائي، لـ"ألترا صوت": "بعض معلمي اللغة الأمازيغية في مرحلة الابتدائي تم تكوينهم في أسبوع فقط وهذا أكبر دليل على العشوائية في تدريس هذه المادة، كما أن المقرر الخاص بالأمازيغية في مرحلة الابتدائي صعب ولا يتلاءم مع المستوى الذهني للتلميذ إضافة إلى قلة عدد ساعات التدريس". ويؤكد العديد من الأولياء استياءهم من مستوى مدرسي اللغة ويطالبون الحكومة بالتكوين الجيد والمعمق لأساتذة مختصين في الأمازيغية وإنشاء مدارس عليا يتخرجون منها على غرار باقي المواد.

اقرأ/ي أيضًا: اللغة الأمازيغية تدخل الجامعات الليبية

وأثار قرار أكاديمية تربية التعليم بالرباط ومجموعة من النيابات التعليمية بإلغاء تكليف عدد من مدرسي اللغة الأمازيغية وإجبار البعض منهم على تدريس مواد أخرى، موجة سخط عارمة وتنديد من جانب بعض الناشطين في الجمعيات الأمازيغية، التي اعتبرت القرار تراجعًا عن المكاسب التي حققتها اللغة وعن هدف تعميم تدريسها.

يقول أحمد عصيد، رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، وأحد المساهمين في وضع المنهج المعتمد الآن في تدريس اللغة الأمازيغية، لـ"ألترا صوت": "تم إدراج الأمازيغية في مجموعة من المدارس النموذجية في البداية وارتفع عددها بالتدريج، كما كان تكوين المدرسين ساري المفعول وكانت الوزارة توفر الدورات التكوينية الضرورية وتم في 10 سنوات الأخيرة تكوين 14 ألف مدرس خاص بالأمازيغية، إلا أنهم اصطدموا بأن عددًا من المدارس لم تطبق قرارات الوزارة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية والتي لا تزال توصف باللغة المثالية وبكون لا فائدة لها على أرض الواقع".

يدرس التلاميذ في المغرب اللغة الأمازيغية في المستوى الأول فقط ولا يتابعون دراستها في المستويات المتقدمة الأخرى، وفُسر ذلك دائمًا بنقص عدد الأساتذة وهو ما أدى إلى تراجع في تدريس اللغة وخيبة أمل لدى الحركات الأمازيغية المغربية.

ويضيف عصيد: "إعداد برنامج تدريس الأمازيغية توقف عند مستوى السادسة من التعليم الابتدائي، ولم يدرج لا في مرحلة الإعدادي ولا الثانوي، وهذا يؤكد أن الوزارة لم تنجح في تعميم الأمازيغية كما يُتداول. من الضروري الآن تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية من خلال قانون وهو ما سيؤدي إلى تحديد مراحل إدراج اللغة في التعليم وفي القطاعات الأخرى".

 يصف البعض اللغة الأمازيغية باللغة المثالية وبكون لا فائدة لها على أرض الواقع

في المقابل نفى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار، وجود أي تراجع لوزارته عن دعم تدريس الأمازيغية، مؤكدًا أن "وزارته تسير في اتجاه تطبيق توصيات المجلس الأعلى للتعليم بخصوص الأمازيغية وتسعى لتطوير تدريسها". وأوضح بلمختار أن وزارة التربية الوطنية درّبت 120 أستاذًا جديدًا في تدريس اللغة الأمازيغية، وأن عدد أقسام الأمازيغية قد ارتفع بنسبة 7 في المئة، ما يؤكد أنه "ليس هناك أي تغير في التوجه والسياسة العامة بخصوص الأمازيغية"، حسب الوزير.

لكن بلمختار لا ينفي تدريس أساتذة اللغة الأمازيغية لمواد أخرى ووجود أساتذة غير مكونين جيدًا في اللغة ويقومون بتدريسها فقط لكونها لغتهم الأم. وتشير آخر الإحصائيات إلى أن حوالي 380 أستاذًا يدرسون الأمازيغية في المغرب، إضافة إلى 160 من خريجي مراكز التربية والتكوين وسينضاف إليهم حوالي 20 أستاذًا من خريجي مهن التربية لهذه السنة.

مع انطلاق تدريس الأمازيغية في السلك الابتدائي قُدر عدد المدارس التي أدرجتها ب317 مؤسسة خلال العام الدراسي 2003ـ2004 وتطور الرقم إلى حوالي 4000 مؤسسة خلال العام 2011ـ2012، على أساس أن يستفيد كل فصل دراسي من 3 ساعات من اللغة الأمازيغية أسبوعيًا. ويرى عدد من المتابعين للعملية التعليمية في المغرب أن واقع تدريس اللغة الأمازيغية في المغرب لا يزال متدهورًا وأنها مهددة بالانقراض، إذا لم يتم التدخل وبشكل سريع لفرض إلزامية تدريسها وتعميمها.

اقرأ/ي أيضًا: تدريس الأمازيغية في الجزائر..الواقع والمأمول