25-فبراير-2020

(Getty) ريتشارد تشامبرلين في دور هاملت 1969

ألترا صوت – فريق التحرير

"شخصية من أشهر الشخصيات، منذ أن شُوهدت لأول مرة قبل أكثر من ثلاثة قرون ونصف قرن، على خشبة مسرح لندن: لا شخصية واقعية بل شخصية خلقها خيال شاعر، فتجسدت في خيال الحضارة أكثر مما تجسد أي رجل عاش التاريخ وصنعه. هذه شخصية هاملت. شخصية لا تستنفَد مهما تأملها المتأملون". هكذا قدّم جبرا إبراهيم جبرا ترجمته الرائدة لمسرحية هاملت، إحدى أبرز شخصيات المسرح الشكسبيري، تدور أحداث المسرحية حول هاملت، االأمير الدنماركي الشاب، الذي يُعاني من زواج والدته من عمه بعد شهر واحد على وفاة والده. يظهر شبح الأب لهاملت ويخبره أنه قُتل على يد عمه، فيبدأ في التحضير للانتقام من قاتل والده، ويحاول ادعاء الجنون ليخفي نواياه.

يقول بيتر أكرويد، أحد كتّاب سيرة وليم شكسبير: "ترعرع شكسبير مع إحساس عميق بالغموض والالتباس، وهذا مبدأ من مبادئ معرفة حياته وفنه. وفي المسرحيات ذاتها تنعكس الموضوعات والأوضاع باستمرار في الحبكات والحبكات الفرعية بحيث أن القارئ أو المشاهد تقدم له سلسلة من التنوعيات عن الموضوع ذاته من غير أن يتم إبراز أي منها. إن شكسبير يبدأ عادة بقصتين أو ثلاث قصص معًا، وتتشارك كلها في المسار ذاته".

من بين كل الإنتاجات العظيمة التي قدمها وليم شكسبير، بلغت مسرحية هاملت القمة، وقد حازت شخصية ذلك الأمير الدنماركي القَلِق اهتمامًا لم يفتر طوال قرون، حتى إن أحد النقّاد الأمريكان قال مرة إذا جمعنا عناوين الكتب التي وضعت عن هذا العمل لحصلنا على كتابٍ بسماكة دليل الهاتف في نيويورك.


1- سيغوند فرويد:

"إن هاملت يستطيع أن يأتي كل شيء إلا أن يثأر من الرجل الذي أزاح أباه واحتل مكانته عند أمه، الرجل الذي يريه إذًا رغباته الطفلية وقد تحقّقت. وهكذا يحلّ عنده محل الاستبشاع الذي كان كفيلًا أن يدفعه إلى الانتقام. تأنيب النفس وتخوف الضمير يذكرانه أنه لا يفضّل بحرف ذاك الخاطئ الذي كلّف عقابه. وأنا إذ أقول ذلك أترجم في عبارة شعورية ما كان مُقررًا بقاؤه لا شعوريًا في نفس البطل".

2- صاموِل تيلر كولردج:

"يبدو شكسبير أراد أن يضرب مثلًا في هاملت على الضرورة الخلقية في تحقيق التوازن بين عنايتنا بما تدركه حواسنا وتأملاتنا في ما يجري في أذهاننا: التوازن بين العالم الحقيقي والعالم الخيالي. هذا التوازن في هاملت مضطرب، فأفكاره وأخيلته أشد وضوحًا لديه من مدركاته الفعلية، وهذه المدركات بعينها إذ تعبر بين أطواء تأملاته، تكتسب أثناء عبورها شكلًا ولونًا هما غريبان عنها في الواقع. ولذا نرى نشاطًا ذهنيًّا عارمًا، يوازيه عزوف مماثل عن الفعل الحقيقي الذي يجب أن ينتج عنه. وشكسبير يضع بطله في ظروف تحتم عليه الفعل الآني بدافع الساعة، فهاملت شجاع لا يحفل بالموت. غير أنه يتردد نتيجة لخواطره، ويماطل نتيجة لفكره ويفقد القدرة على الفعل وهو في شد الحزم".

3- بيتر أكرويد:

"إن مناقشة شخصية هاملت قد أصبحت أول مرة غير متنافية مع التاريخ، حتى لو بقيت غامضة علينا، وليست بأقل غموضًا على هاملت نفسه. إن يوليوس قيصر وهنري الخامس يعيشان في عالم الحقيقة والحدث، إنهما يقطنان عالم الواقع، إذا جازت العبارة. وفي مقابل ذلك فإن واقع هاملت يكاد يكون من صنعه تمامًا. وعلاقة مناجياته بالحدث والحبكة ملتبسة في الغالب، ولذلك يمكن أن تضاف أو تحذف في طبعات المسرحية المتنوعة من دون أن يُلحظ أي انقطاع في القصة. ورغم ذلك، يبقى هملت محور القصة. فهو مثل مبدعه، مركزه لا مكان له، ومحيطه في كل مكان. إن وجود هاملت لا داعي له إلا كإسقاط من شكسبير. إنه سيد الأمزجة، وليس خاضعًا لأي منها، وهو يمتلك رشاقة وطاقة ذهنيتين غير عاديتين. ومع أنه متعدّد الأصوات، فمن الصعب أن نعين صوتًا مركزيًا أو محددًا. لا أحد مثله يسخو بالكلمات ويتكتم على نفسه. وهو مولع بالتوريات والتلاعب بالألفاظ، وأما فحشه فلا يتوافق إلا مع ما دعاه سيغموند فرويد "بروده الجنسي". والمسرحية يطغى عليها موضوع الثنائية والازدواجية، أي أن تُرِي من نفسك شيئًا وليس بك. ولذلك تتفشّى في المسرحية أيضًا روح التمثيل. وليس كثيرًا أن تقول إن هاملت لم يكن ممكنًا أن يكتبها إلا ممثل كامل".

4- لويس آراغون:

"لكل منا هاملته".

5- إيفان تورغنيف:

"من هو هاملت؟ إنه يعبر عن الأنانية ويحلّل كل أمر، ولذلك لا يعرف الإيمان إلى قلبه طريقًا. يعيش بكل قواه من أجل ذاته. إنه أناني ولا يستطيع هذا الأناني الإيمان بنفسه، يؤمن فقط بالقوة البعيدة عن الناس والمتسلطة عليهم. ولكن هذه الأنا الذاتية التي لا يؤمن بها غالبة على هاملت. الأنا الذاتية بالنسبة لهاملت نقط البدء التي يعود إليها لأنه لا يجد في العالم كله أمرًا يستطيع أن يعلق روحه به. إنه يشك في كل شيء، ودائمًا يذهل ويعود حاملًا ذاته فقط".

6- محمد مندور:

"كان على هاملت المهذب النفس، النبيل الخلق، الواسع الإدراك، أن يرتكب جريمة كانت ترتكب في عهود الجهالة الأولى، ولقد ترتكب اليوم، ولكن من نفس غير نفسه".

7- قاسم حسين صالح:

"لقد وضع شكسبير هاملت في ظروف مثيرة للغاية نادرًا ما يتعرض لها البشر، فهو الوريث المفترض للعرش، ووالده كان قد توفي في ظروف غامضة، ووالدته أبعدته عن العرش بعد أن تزوجت من عمه، وكان شبح والده يظهر ليؤكد له بأنه قتل من قبل أخيه الذي أصبح الآن ملكًا وزوجًا لمن كانت في السابق زوجته".

 

اقرأ/ي أيضًا:

بهلول الملاجئ

سارة بوكسر: هاملت.. أمير الخنازير