13-يوليو-2023
Sandra Bullock

بجائزة أوسكار وحيدة، وترشيح وحيد أيضًا، احتلت الممثلة الأمريكية ساندرا بولوك مكانة مهمة بين نجمات هوليوود السينمائيات الأكثر شعبية، بل ربما تعتبر الأكثر قبولًا من بين كل قريناتها، فقد حازت على لقب "محبوبة أمريكا"، إلى جانب تلك الجوائز التكريمية العديدة.

تميزت بخفة الدم وسرعة البديهة والحس الساخر اللاذع، الأمر الذي جعلها قريبة من القلب ومنحها ذلك اللقب المحبب.

ساندرا بولوك المتمرسة في اعتلاء خشبات المسارح ومواجهة الجمهور الحي، لأنها كانت دائمًا ما ترافق والدتها مغنية الأوبرا الألمانية هيلغا، ووالدها مدرب أصول الغناء؛ لم تجد شغفها الحقيقي في الغناء والموسيقى رغم إجادتها لهما، بل دفعتها دماثتها وحسها الساخر للالتحاق بجامعة كاورلاينا الشمالية لدراسة الفن المسرحي، وتميزت هناك بسبب ذكائها وقوة ملاحظتها.

انتقلت إلى مسارح نيويورك وعملت نادلة إلى جانب عملها في المسارح. لم تتأخر فرصتها كثيرًا، فقد لعبت أدوارًا صغيرة في بضع مشاهد سينمائية وبضع حلقات تلفزيونية، قبل أن تحظى بترشيح للعب دور فعال في فيلم، سوف يكون له الأثر الكبير في فتح أبواب الشهرة لها، ولفت أنظار المنتجين والمخرجين إليها، أولى تجاربها الجدية كانت في فيلم "سرعة" الذي حقق إيرادات عالية جدًا، وحظي بجائزتي أوسكار عن المونتاج وعن خلط الأصوات "المكساج".

تجربتها في الشهرة لم تأخذ وقتًا طويلًا، إذ سرعان ما صارت واحدة من نجمات هوليوود الصاعدات، لكن تجربتها كممثلة أخذت وقتًا حتى نضجت واستقرت، وقدمت نفسها في تجارب نوعية كواحدة من الممثلات رفيعات المستوى، اللواتي يُعتمد عليهن لإعادة الاعتبار للشخصية السينمائية، حسنة الصنعة كتابةً وأداء.

هنا استعراض لـ 5 من أهم أفلام ساندرا بولوك، النجمة التي كسبت قلوب الجمهور أولًا، ثم كسبت توافق النقّاد والدارسين على فرادة موهبتها كممثلة.


1- وقت للقتل

يعتبر هذا الفيلم من بين أفضل 14 فيلمًا عن قاعات المحاكم والمحاكمات، خاصة أنه ينسج حبكته القضائية، من موضوعة الفصل العنصري، وهو الموضوع الذي لطالما أثار شهية السينما والراوية، بسبب الدراما المؤثرة والعاطفة القوية التي تسم هذا النوع من المواضيع.

قدمت بولوك في هذا الفيلم، دورًا مغايرًا للخط الذي رسمته لها شركات الإنتاج في هوليوود، والذي يحاول إظهارها دومًا بصورة الفتاة ذات الحس الساخر، والنموذج الأكثر قبولًا في الكوميديات الرومانسية.

تلعب بولوك في هذا الفيلم دور محامية متدربة، تتعاطف مع الأب الأسود كارل لي هايلي الذي يحقق العدالة بطريقته الخاصة ويردي شابين من البيض قاما باغتصاب ابنته ذات العشر سنوات، بعد أن رفض محامون كثر تولي قضيته، لأنها قضية محسومة سلفًا في ولاية مثل ولاية المسيسيبي الجنوبية، التي لا تزال تعيش على أمجاد الفصل العنصري.

بعد قتل الشابين تستعر نار الفتنة العنصرية، وتصبح القضية قضية رأي عام، يتولى محام شاب أبيض إلى جانب المحامية المتدربة البيضاء، مهمة الدفاع عن الأب الأسود، رغم كل الضغوط والتهديدات التي مورست بحقهما لثنيهما عن تولي جانب الدفاع.

يذكر أن الفيلم مقتبس عن رواية جون غريشام، المحامي والراوئي اللامع.


2- ملكة الدماثة

تظهر بولوك هنا كبطلة مطلقة لأفلام الكوميديا الرومانسية، فهذا الفيلم بلور تجربتها السينمائية وجعل منها نجمة شباك.

تدور القصة حول التحرية غراسي، التي تتقدم بطلب للمشاركة في مسابقة الجمال، لكن هدفها هو كشف مخطط إرهابي سيحدث في الحفل، والشكوك تدور حول منظم المسابقة، تحدث مفارقات كثيرة، خلال انضمامها إلى مسابقة الجمال، ويظهر التناقض الصارخ بين عالمها الحقيقي الذي يعج بالذكور والجريمة، وملاحقة المشتبه بهم، وبين عالم مسابقة الجمال المليء بالأنوثة واللطف والرغبة، تكتشف غراسي جوانب في شخصيتها خلال انضمامها إلى المسابقة، ويبدأ عالم الأنوثة بسحبها إليه تدريجيًا.

الفيلم حقق إيرادات عالية جدًا في الولايات المتحدة وخارجها.


3- الجانب الخفي أو البعد الآخر

فيلم سيرة ذاتية يحكي قصة لاعب كرة القدم الأمريكية مايكل أوهير، ورغم أنه يروي قصة اللاعب إلا أنه يعد فيلمًا من بطولة نسائية مطلقة، تتعاطف الأم البيضاء الثرية لي آن توهي مع المراهق مايكل، ذي الـ11 شقيقًا مع أم مدمنة على تعاطي المخدرات.

تتقدم السيدة البيضاء بطلب تبني للولاية، وتحصل على موافقة تبني مايكل. تنشأ بين الأم البديلة والمراهق علاقة لطيفة تتراوح بين القسوة والحب والتفهم والتحفيز.

أظهرت بولوك دراية واسعة، من خلالها أدائها الساحر، في إبراز مواصفات البيئة المحلية التي تتلخص بصورة أم قوية، وامرأة أمريكية تقليدية مؤمنة.

تنجح العلاقة الشائكة بين الأم البيضاء والمراهق الأسود في حصوله على أسرة أولًا، وحصوله ثانيًا على منحة كاملة للالتحاق بمدرسة كرة القدم، ليصير لاحقًا واحدًا من ألمع نجوم السوكر الأمركي بلقب "بيغ مايك".

الفيلم نال استحسان الجمهور والنقاد على حد سواء، ورشح للعديد من الجوائز، فضلًا عن فوزه بأوسكار أفضل ممثلة والتي ذهبت لساندرا بولوك عن أدائها الاستثنائي، كما تربع الفيلم على عرش شباك التذاكر لأسبوعين كاملين، وحاز صدارة الإيرادات.


4- غرافتي

يعد هذا الفيلم واحدًا من امتع التجارب السمعية والبصرية التي يمكن أن يحتويها فيلم بمواصفات درامية بحتة، فقد يخيل إلى البعض أن فيلم غرافتي "الجاذبية" يندرج ضمن تصنيف أفلام الخيال العلمي، لكن المعالجة السينمائية شديدة الدقة والذكاء والتخييل لعلوم الفضاء.. كان في خدمة الدراما منذ اللحظة الأولى، وهذا ما جعل منه فيلمًا واقعيًا بشدة، وعزز من تأثيره الجوهري العميق على المتلقي رغم المتعة البصرية الاستثنائية.

يحتفي الفيلم رغم كل العدمية والخوف والتيه وظلامية الفضاء بالجاذبية، وينظر إلى الحياة على سطح كوكبنا بأنها نعمة، نسينا في غمرة خلافاتنا وصراعتنا كم نحن محظوظون بأننا مشدودون إلى الأرض بفعل الجاذبية، وأن ما نعانيه من ضياع وإحباط، لا يمكن مقارنته بلحظة تيه وسباحة في مجاهيل ظلمة الفضاء.

يروي الفيلم قصة الدكتورة رايان ستون في أول رحلة مكوكية لها برفقة رائد فضاء مخضرم يدعى كوالسكي "جورج كلوني" لصيانة تلسكوب، يحدث انفجار في قمر صناعي روسي، ينجم عنه حطام فضائي يفصل الدكتورة ستون ورائد الفضاء كوالسكي، ويعلقان في الفضاء ويتيهان في ظلمته. يأتي الحطام على المحطة ويدمرها، فتحبس رايان في كبسولة وتسبح بلا هدف في الفضاء بعد انقطاع الاتصال بالأرض. تقرر ستون التمسك بالحياة والنجاة، إلى تنجح في تشغيل مركبة فضائية روسية وتعود إلى الأرض ممتلئة بتجربة خالدة، سوف تغير نظرتها للحياة كلها.

الفيلم حصد سبع جوائز أوسكار، فضلًا عن ترشيح بولوك لجائزة أفضل ممثلة.


5- ذنب لا يغتفر

تلج بولوك في هذا الفيلم عالم أفلام الميزانيات المحدودة التي شاعت مع ظهور المنصات، كمنصة نتفليكس. ورغم الميزانية المحدودة إلا أن الفيلم قدمها كبطلة مطلقة بصورة مغايرة تمامًا.

تدور الأحداث حول روث، المحكوم عليها بالسجن لمدة عشرين عامًا لقتلها مفتشًا من الشرطة دخل المنزل لتنفيذ أمر الإخلاء، بعدما عجز والدها عن تسديد أقساط الرهن. تُسجن على إثر هذه الحادثة لعشرين سنة، وتخرج قبل انتهائها بخمس سنوات، وحالما تخرج لايحركها سوى هدف واحد، هو استعادة شقيقتها التي تركتها صغيرة آنذاك واسمها كاتي.

تعود لتملس خطاها في هذا العالم الجديد كليًا بالنسبة لها، وكلما استغرقت فيه أكثر وجدته مماثلًا لباحة السجن، ولا يختلف عن السجن إلا بالمساحة. تحاول روث استعادة توازنها من خلال استعادة ذكرياتها، ولم شملها مع أختها، فهي سلبت من الأسرة، وسلبت الأسرة منها، ولا تتذكر نفسها سعيدة إلا عندما كانت محاطة بأسرتها.

الفيلم درامي ومؤلم وكئيب في كثير من محطاته، لكنه يشكل احتفاء بمقدرات بولوك كممثلة تسعى لأن تكون أيقونة هوليوودية.