30-سبتمبر-2020

ملصقات لأفلام لبنانية (ألترا صوت)

تحظى السينما اللبنانيّة بحضورٍ قويّ ومُلفت عربيًا وعالميًا، إذ وصلت عدّة أفلام لبنانيّة إلى مهرجانات سينمائيّة عالميّة لتُعبّر عن أحوال المجتمع اللبنانيّ من خلال تناولها لمواضيع مُختلفة إشكاليّة وشائكة قادرة على تشكيل صورة شاملة تقريبًا لهذا المجتمع، خصوصًا خلال فترة الحرب الأهليّة وما تلاها باعتبارها حقبة زمنيّة أسّست لواقع جديد شكّل مادّة دسمة لصنّاع السينما، ولعلّ هذا ما يُفسِّر هيمنة الحرب الأهليّة على السينما اللبنانيّة. هنا وقفة مع أربعة أفلام تنوّعت مواضيعها بين الحرب وما بعدها وأحوال المجتمع اللبنانيّ في ظلّها.

1- بيروت اللقاء

يقول المُخرج اللبنانيّ برهان علويّة في أحد حواراته الصحافيّة إنّه اشتغل في جميع أفلامه على قول ذاته وأفكاره الشخصيّة حيال أمور مُختلفة مُتّسقة مع الفكرة الرئيسيّة للفيلم، مُعتبرًا أنّ هذه الطريقة هي طريقته في صناعة أفلامه، ممّا يعني أنّ الأمر ينطبق حتمًا على فيلمه "بيروت اللقاء" (1981) الذي روى فيه مُعاناة جيل ما بعد الحرب الأهليّة العاجز عن فهم نفسه وموقعه أيضًا ضمن الواقع الجديد الذي فرضهُ ما يُعرف بـ"السلم الأهليّ"، وهو واقع يشوبهُ اليأس والفراغ الذي تُحاول ورش إعادة الإعمار صرف النظر عنه، ولكنّها في الوقت نسفه تُذكّر أبطال الشريط بأنّ الخراب الذي تمحيه هذه الورش يُقابله خراب كبير في النفس البشريّة لا يزال قائمًا وأخذًا بالاتّساع، ليقودهم في نهاية المطاف باتّجاه الجريمة لحظة إدراكهم أنّ وجودهم داخل هذه المدينة بات عبثًا.

2- معارك حبّ

خلال أكثر من مناسبة، اختزلت المُخرجة اللبنانيّة دانيال عربيد (1970) أسلوبها في صناعة السينما بالقول إنّ كلّ أفلامها تنطلق من مقاربة السيرة الذاتيّة، إذ تحرصُ على أن تحمل هذه الأفلام بعضًا من عناصر حياتها بالإضافة تفاصيل تجاربها المُختلفة أيضًا لمنحها شيئًا من الواقعيّة والجدّية، تمامًا كما هو الحال في فليمها "معارك حبّ" (2004) الذي يتناول الحياة في ظلّ الحرب الأهليّة اللبنانيّة ولكن من منظور أو زاوية مُختلفة، إذ تنقل عربيد مشاهد وتفاصيل هذه الحياة من خلال فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا، يتفتّح وعيها على خراب كبير في المكان والنفس معًا، وتعيش تفاصيل يومها مُحاولةً فهم ما يجري حولها من خلال دخولها عالم الكبار واصغاء السمع لأحاديثهم عمّا وصلت إليه الأحوال بعد أن باتت العاصمة اللبنانيّة مُمزّقة ومُقسّمة طائفيًا ومذهبيًا.

3- حروب صغيرة

وِصفَ المخرج اللبنانيّ الراحل مارون بغدادي (1950-1993) بأنّه مُخرج الحرب الأهليّة اللبنانيّة بجدارة، ولعلّ أبرز ما قدّمه ضمن هذا السياق هو شريط "حروب صغيرة" (1982) الذي عبّر فيه عن فلسفته الخاصّة في فهم ما جرى خلال سنوات الحرب الطويلة التي ولّدت عند الفرد اللبنانيّ الشعور بالعجز والقلق وعدم اليقين أيضًا، مُبتعدًا عن التفسيرات السياسيّة الجاهزة لصالح التركيز على حياة الشباب اللبنانيّ الأخذة بالتدهور في ظروف شاذّة تُرغمه غالبًا على اختيار طريقٍ يقوده نحو التهلكة، وذلك بأسلوبٍ ساخر عبّرت عنه ثريا خوري أرملة الراحل بالقول إنّ "الطريقة الساخرة التي صًنع بها هذا الفيلم كانت موجودة في السيناريو، كُتبت بهذا الشكل لأنّ هذا السلوك أو ردّ الفعل كان موجودًا بالفعل أثناء الحرب اللبنانيّة".

4- طيف المدينة

يُحاول المخرج اللبنانيّ جان شمعون (1944-2017) في فيلمه "طيف المدينة" (2000) تغطية ثلاثة عقود من التاريخ اللبنانيّ عبر حكاية عائلة جنوبيّة يُجبرها الاجتياح الإسرائيليّ على اللجوء إلى العاصمة بيروت، لتكون شاهدة على أكثر من حرب، خصوصًا ابنها رامي الذي تتبدّل حياته بمجرّد وصوله إلى المدينة التي أجبرته على ترك المدرسة وبدأ حياة جديدة قائمة على مُحاولاته التعرّف عليها من خلال المقهى الذي يعمل به باعتباره مكانًا شاهدًا على صراعات وتجاذبات مُختلفة سيكون فيما بعد جزءًا منها، شأنهُ شأن الكثير من الشبّان الذين انخرطوا برفقة عائلاتهم وسط هذه الصراعات والاصطفافات الطائفيّة، لتتحوّل الحرب الأهليّة إلى مصنع لجيل جديد من الشباب، يحمل بعضهم السلاح لإثبات رجولته، بينما يحمله البعض الآخر للدفاع عن عائلته أو طائفته.

اقرأ/ي أيضًا:

4 أفلام لبنانية مميزة عليك مشاهدتها

مهرجان البستان.. نسخة استثنائية