13-نوفمبر-2023
من مظاهرة لندن

(Getty) من مظاهرة لندن الداعة لفلسطين

لا تكتفي "إسرائيل" بارتكاب المجازر في قطاع غزة بل تمارس الإرهاب ضد كل الأصوات المعارضة لممارساتها العدوانية بدعم قوي من حلفائها داخل الأراضي المحتلة وخارجها، وقد أخذت تلك الممارسات أشكالًا عدة.

1-خنق كل صوت معارض للعدوان داخل الأراضي المحتلة

وفي الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال عدوانه على غزة، تفرض سلطاته إجراءات عقابية بحق المعارضين للعدوان على غزة في محاولة لإسكاتهم، فقد عمد الاحتلال لشن عمليات اعتقال طالت القيادات العربية الفلسطينية داخل أراضي 48، لمجرد مشاركتهم في وقفة احتجاجية تنديدًا بالحرب على غزة، حيث اعتقلت رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، وعضو الكنيست السابقة، حنين زعبي، ونائب الأمين العام للتجمع، يوسف طاطور، وعددًا من القيادات العربية بتهمة مشاركتهم في مظاهرة غير مرخص لها.

ولم تكتف سلطات الاحتلال بذلك، بل شنت حملة اعتقالات استهدفت المئات من النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وكل من ينشر أي محتوى متعاطف مع أهالي غزة أو مع المعارضين للعدوان والمطالبين بإيقافه.

ووصل الأمر إلى حد اعتقال أي شخص ينشر منشور أو يضغط على زر إعجاب لمنشور معين، تفسره سلطات الاحتلال أن له دلائل متعلقة بمعارضة ما تقوم به في غزة.

كانت عملية طوفان الأقصى كاشفة لمدى نفاق الدول الغربية التي سارعت إلى اتباع إجراءات انتقائية تجاه المتظاهرين الداعين لوقف إطلاق النار في القطاع

وكانت تهمة التحريض وسيلة لاعتقال الفلسطينيين، حيث اعتُقلت الفنانة دلال أبو آمنة بسبب منشور في صفحتها على "فيسبوك"، كتبت فيه عبارة "لا غالب إلا الله"، تعبر فيها عن تضامنها مع غزة.

ولم يقتصر الأمر على الفلسطينيين، بل طال حتى الإسرائيليين المعارضين للحرب، حيث اعتقلت الشرطة الإسرائيلية مدرسًا إسرائيليًا عبّر عن تعاطفه مع الفلسطينيين من خلال منشور على صفحته في "فيسبوك".

فيما فرضت تضييقًا كبيرًا على عدد العاملين في مجال الإعلام، إذ قررت محكمة الاحتلال الإفراج عن الصحفية سمية جوابرة بشروط قاسية، تمثلت بكفالة مالية بقيمة 10 آلاف شيكل، وبكفالة طرف ثالث بقيمة 50 ألف شيكل، بالإضافة إلى الحبس المنزلي غير محدد المدة، ومنعها من استخدام الإنترنت، وإبقائها تحت رقابة منزلية، هي وزوجها ووالدة زوجها، لضمان تطبيق الشروط السابقة.

لم يقتصر الأمر على السلطات الأمنية الإسرائيلية، بل شارك صحفيون وعاملون في مجال الإعلام الإسرائيلي، في حملة الترهيب لمعارضي الحرب، وهو ما حدث مع الصحفية هناء محاميد، التي تفاجأت بصحفي إسرائيلي برفقة عدد من الأشخاص يعترضون طريقها ويحاولون ترهيبها، بل وصل الأمر بهم إلى حد مطاردتها إلى سيارتها، وهم يوثقون الاعتداء عليها، ويحاول الصحفي الإسرائيلي مضايقتها عبر إطلاق عدد من الاتهامات، والأسئلة التي هي أشبه بتحقيقات من قبل عناصر المخابرات.

2- قمع الدول الغربية رديف لدولة الاحتلال

كانت عملية "طوفان الأقصى" كاشفة لمدى اعتماد الدول الغربية على سياسية الكيل بمكيالين تجاه الحرب على غزة، فقد سارعت الدول الأوروبية إلى اتباع إجراءات انتقائية تجاه المظاهرات والمتظاهرين الداعين لوقف إطلاق النار، والرافضين للجرائم التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

فقد سارعت السلطات الألمانية إلى حظر المسيرات المؤيدة لفلسطين، في حين حظرت ارتداء الكوفية الفلسطينية في المدارس، قائلةً إنها قد تشكل "تهديدًا للسلام".

وفي فرنسا، قرر وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، حظر المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء البلاد، وقال دارمانان: "تنظيم هذه الاحتجاجات المحظورة يؤدي إلى اعتقالات". وشدد الوزير في قراره على ضرورة "سحب تصاريح إقامة الأجانب المدانين بارتكاب أي جريمة معادية للسامية أو بالتحريض على الإرهاب، وطردهم دون تأخير من فرنسا". فضلًا عن تهديدات وفرض قيود على الداعين لتلك التظاهرات.

وفي بريطانيا اعتبرت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، المظاهرات المؤيدة لفلسطين في العاصمة لندن بأنها "مسيرات كراهية". وهاجمت شرطة العاصمة بدعوى التساهل مع المتظاهرين. وطالبت الوزيرة، الحكومة البريطانية بمراجعة القوانين المتعلقة بالتظاهرات، وقالت: "إذا كنا بحاجة إلى تغيير القوانين، كما فعلنا العام الماضي لمنع الاحتجاجات، فلن أتردد في اتخاذ الإجراءات".

وفي بيان صادر عنها، اعتبرت أن "التلويح بالعلم الفلسطيني قد لا يكون قانونيًا".

أما في المجر، فقد قال رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، إن بلاده لن تسمح بأي مسيرات تؤيد الفلسطينيين، معتبرًا أن "جميع المواطنين المجريين يجب أن يشعروا بالأمان، بغض النظر عن معتقداتهم أو أصولهم".

وفي أستراليا، أُقر تطبيق "صلاحيات خاصة" لتوقيف وتفتيش المشاركين في المسيرات المؤيدة لفلسطين، والمعارضة للعدوان الإسرائيلي.

منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واليمين المتطرف في أوروبا يتبنى موقف العدوان، ويعلن دعمه اللامحدود "لإسرائيل من خلال خطابه التحريضي 

3- اليمين المتطرف الأوروبي في خدمة "إسرائيل"

منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية "طوفان الأقصى"، واليمين المتطرف في أوروبا يتبنى موقف العدوان، ويعلن دعمه اللامحدود لـ"إسرائيل"، ويتخذ خطابًا تحريضيًا ضد كل الأصوات المنددة بالعدوان، ويحاول التجييش على المسيرات المؤيدة لفلسطين والداعية لوقف العدوان.

وبعد تزايد المسيرات المنددة بجرائم الاحتلال في مختلف المدن الأوروبية، هدّد اليمين المتطرف بالنزول للشوارع لمواجهة تلك المسيرات. وقد شهدت مدينة لندن، أمس، ترجمة لتلك التهديدات، حين حاول ألفا عنصر من اليمين المتطرف الدخول في مواجهة مع المشاركين في المسيرة المؤيدة لفلسطين التي شهدتها العاصمة البريطانية لندن، والتي تعد الأكبر منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة حيث شارك فيها 800 ألف متظاهر بحسب منظمي المسيرة.

وفي مدينة ليون الفرنسية، هاجم نشطاء من اليمين المتطرف مؤتمرًا داعمًا لفلسطين، نظمته مجموعة "فلسطين 69"، وحمل المعتدون العصي والألعاب النارية وقنابل الغاز، وحاولوا دخول المبنى الذي يجري فيه المؤتمر.

وأظهرت مقاطع مصورة تحصن الجمهور المشارك في المؤتمر داخل غرفة تراكم أمام باب مدخلها كراسي وطاولات لمنع المعتدين من الدخول.

وقال كريستوف أوبرلين، وهو جراح عمل في غزة، وشارك في المؤتمر لتقديم كتابيه الأخيرين، لوكالة "فرانس برس"، إن أشخاصًا استعملوا العصي لكسر باب القاعة التي انعقد فيها المؤتمر، من دون أن يتمكنوا من دخولها.

وفي مدينة ميلانو الإيطالية، نظم اليمين المتطرف مظاهرة مؤيدة لإسرائيل، التي حملت عنوان "حماية القيم الغربية" و"دعم إسرائيل"، بدعوة من زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ونائب رئيس الوزراء ووزير النقل والبنية التحتية في إيطاليا، ماتيو سالفيني. وأطلق المشاركون في التظاهرة عبارات عنصرية ضد الفلسطينيين، وأعربوا عن مساندتهم المطلقة للعدوان الإسرائيلي على غزة.