25-يناير-2016

أفراد الشرطة المصرية في ميدان التحرير تحسبًا لأي مظاهرات في ذكرى الثورة الخامسة (Getty)

سنوات طويلة من المعاناة من جهاز الشرطة الذي تعامل مع المصريين بغطرسة وتعال، الجهاز الذي لا ينظر إلى قانون أو دستور، فهو فوق كل شيء، حيث أن الكرامة هي أول ما يداس بالأقدام والإنسانية هي أول ما ينتهك والحديث عن حقوق المواطن شيء بعيد عن الأذهان.

بناء الشرطة لحصون حول ميدان التحرير بالرغم من عدم وجود دعوات قوية للنزول هو دليل على أنها فقدت الثقة في قدرتها على مواجهة الشعب 

عيد الشرطة

الاحتفال بعيد الشرطة لم يكن يعرف عنه المصريون شيئًا سوى أنه مناسبة رسمية وغير ذلك معروف من مشاعر الكراهية والغضب الكامن حيث يقول جمال فاضل العضو المؤسس بحزب الدستور أن ممارسات الشرطة مع المواطنين جعلت بينهم وبينها ثأرًا ينتظرون القصاص له في أقرب وقت.

أشياء كثيرة ظهرت للعيان فعبارة "احنا أسيادهم" التي قالها مدير الأمن بدمنهور، بعد الثورة بفترة قليلة، تلخص منهجية تعامل جهاز الشرطة مع المواطنين حيث تقول منى السعودي ذات الخمسين عامًا إن الشعب أصبح أكثر وعيًا نتيجة لتزايد الممارسات القمعية التي تنتهجها الداخلية ضد المواطنين في كل مكان وليس في أقسام الشرطة فقط، فالشرطة في نظر المواطنين هي العصا الغليظة التي تحاربهم في لقمة العيش.

في هذه الأجوء اختار الشباب يوم الخامس والعشرين من يناير عن قصد وعمد ليمحوا صفحات طويلة من الإهانة والذل آملين في تسطير صفحات جديدة من الكرامة الإنسانية، فهل نجحت مظاهرات الخامس والعشرين من يناير في محو شيء من الماضي الذي ثارت عليه ونحن في الذكرى الخامسة للثورة، وهنا يقول محمود رضوان أحد المشاركين في أحداث يناير أننا نجحنا في إفساد عيدهم وبناء واقع جديد وهو مكسب بسيط إلا أننا أدركنا قيمة توحدنا.

الهزيمة النفسية

الشباب الذي نزل الميدان لم يكن لديه إدراك حقيقي لما سيحدث بعد ذلك، ولكن يوم الثامن والعشرين من يناير أو جمعة الغضب أثبت أن هذا الجيل يحمل غضبًا متراكمًا عبر الزمان حيث انسحبت الشرطة أمام المتظاهرين وهو دليل على إحساسهم بالضعف والذنب وأنهم مجرمون حقيقون كما يرى فاضل، فهم لم يتمكنوا من الصمود للحفاظ على ماء وجوههم وهي هزيمة نفسية ألحقت برجال الشرطة، فباتوا متأكدين أن ما يفعلوه في حق المواطنين يعود عليهم مرة أخرى، وهو يوم يجب ألا ينساه المصريون.

كسر هيبة الشرطة أو انصراف "العفريت" الذي يخيف الناس كما يصفه فاضل هو إنجاز يضاف إلى الشباب حيث أصبح من الممكن التعبير عن الغضب من الممارسات القمعية، ولكن هذه الهزيمة لم تتطور لتتحول إلى مكسب حقيقي على الأرض بأن يطبق القانون ويتم القصاص من جهاز الشرطة.

ما فعلته الثورة في قلوب وعقول المصريين ليس بقليل، فحاجز الخوف عندما يكسر، تصبح للحرية قيمة عالية، هكذا ترى السعودي حال المؤمنين بالثورة اليوم، فتمسكهم بمطالبهم قد زاد ورغبتهم في إتمام الطريق إلى النهاية هو شيء لا مفر منه وعن العوام من المصريين تقول أنهم رأوا الثورة وعرفوا أنها على حق حتى وإن لم يسيروا في طريقها، فحزب الكنبة الذي نجح النظام العسكري في صناعته طوال الستين عامًا لن يتبدل حاله في بضعة أعوام.

شبح يناير.. شبح الثورة المستمرة 

الاستعدادات القصوى لـ25 يناير ونزول الجيش بجانب الداخلية في جميع الأماكن الحيوية بالقاهرة والمحافظات وبناء حصون حول ميدان التحرير بالرغم من عدم وجود دعوات قوية للنزول هو دليل على أن الشرطة فقدت الثقة في قدرتها على مواجهة الشعب وأنها باتت تؤمن نفسها بالجيش وهو ما يراه فاضل دليلًا على عجز النظام الذي يدرك أن هناك غضب حقيقي يمكن أن ينفجر في أي لحظة.

عرفت الشرطة الطريق واحتاطت بكل السبل، فلم يعد بإمكان أحد الخروج عن زمام الأمور التي أحكمت قبضتها في اعتقاد البعض أن النظام قد أدرك الطريقة القديمة التي استخدمها الشباب وتمكن من تبطين الخوف في النفوس، فالجميع مدرك الآن أن من يفكر أن يتكلم، فمصيره هو الحبس والتعذيب.

السياسة التي يتبعها النظام مع ذكرى الثورة واعتقال النشطاء وظاهرة الاختفاء القسري تعطي رسالة قوية لكل من هو في الداخل والخارج بأن هناك حالة من عدم الاستقرار، فالمظاهرات يمكن أن تواجه بشكل منطقي إذا كان النظام قويا! الأمر ليس بأحجية، إنما يتطلب الاعتراف بالحالة الدكتاتورية القائمة قبل التطرق إلى أي تفصيل آخر.

اقرأ/ي أيضًا: 

نظام السيسي المتصدع

كيف يرى المصريون مبارك بعد 5سنوات من الثورة؟