سينتخب الكنيست الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، ممثلي لجنة اختيار القضاة، في خطوة ستكون نتائجها مصيرية في عملية "التعديلات القضائية" في دولة الاحتلال، ويهدد الفشل بانتخاب ممثل عن المعارضة في اللجنة، بفشل مفاوضات التعديلات القضائية التي يرعاها رئيس دولة الاحتلال.
تُعد لجنة تعيين القضاة البند الأبرز في خطة "التعديلات القضائية" التي يشار إلى أن وزير العدل ياريف ليفين من الليكود، هو مهندسها الأبرز
وسيلتقي رؤساء الائتلاف الحكومي صباح اليوم في مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم تبني الممارسة العرفية لانتخاب ممثل عن الائتلاف وممثل عن المعارضة في لجنة اختيار القضاة، مما يمنح إمكانية استمرار المفاوضات حول التعديلات القضائية، والتوجه إلى تعديلات في "بند المعقولية" و"مكانية المستشارين القانونيين"، وفق اتفاقية مؤقتة، يتم بموجبها تجميد باقي التعديلات القضائية.
ما أهمية ذلك؟
تُعد لجنة تعيين القضاة البند الأبرز في خطة "التعديلات القضائية" التي يشار إلى أن وزير العدل ياريف ليفين من الليكود، هو مهندسها الأبرز، ويسعى ليفين إلى زيادة الحصة السياسية في اللجنة، على حساب الفريق المهني فيها.
ومن المقرر اليوم الأربعاء، انتخاب أعضاء الكنيست في اللجنة، والعرف في دولة الاحتلال يقوم على انتخاب عضو يمثل الائتلاف الحكومي وآخر من المعارضة، دون وجود بند قانوني ملزم بذلك.
كرر قادة الائتلاف الحكومي، إمكانية اختيار كافة الحصة السياسية في اللجنة من أعضاء الائتلاف الحكومي، مما يمنح سيطرةً على اللجنة، حتى دون تمرير تشريعات التعديلات القضائية، والتي يصفها الائتلاف بـ"الإصلاح القانوني" والمعارضة بـ"الانقلاب القانوني".
يحاول نتنياهو اليوم دعم استمرار العرف القائم بانتخاب ممثل عن المعارضة، رغم رفض أعضاء الائتلاف الحكومي، بالإضافة إلى رفض مجموعة من أعضاء الكنيست من حزب الليكود، خاصةً مع وجود حرية تقديم الترشح للدخول إلى اللجنة، والتصويت السري داخلها.
يمكن أن تساهم خسارة المعارضة للعضو الذي تحصل عليه بالعرف، في فشل المفاوضات القائمة حاليًا في مقر رئيس دولة الاحتلال، بالإضافة إلى عودة الاحتجاجات في إسرائيل، وقد تكون تل أبيب على موعد مع مظاهرات ليلية واسعة، في حال عدم تحقيق توافق اليوم.
وفي حال نجاح المعارضة في إدخال ممثلها إلى اللجنة، فسيكون ذلك إنجازها الأبرز في ملف إيقاف التعديلات القضائية، رغم إعلان وزير العدل ياريف ليفين، عدم نيته دعوة اللجنة للانعقاد في المستقبل القريب، بموجب صلاحياته حيث يفضل الإبقاء على اللجنة في حالة "شلل" في الفترة الحالية.
ويعمل نتنياهو على كبح أعضاء الائتلاف، في محاولة لدعم انتخاب كارين الهرار (من المعارضة)، والتقديرات في إسرائيل تشير إلى إمكانية تجاوز الملف وانتخاب الكرار في عضوية اللجنة.
تصالح نتنياهو وصدامية الائتلاف
ويتجه نتنياهو إلى خطوات أكثر تصالحية، حيث يفضل وجود تمثيل للمعارضة في اللجنة، وسيدعم انتخاب عضوة الكنيست عن "المعسكر الرسمي" كارين الهرار في اللجنة التي حصلت على توافق المعارضة الإسرائيلية، بحسب ما أوردته القناة 13 الإسرائيلية.
في المقابل، يفضل قادة الائتلاف الحكومي ومن بينهم زعيم الصهيونية الدينية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الميل إلى دعم اختيار مرشحين للائتلاف الحكومي، بالإضافة إلى المتطرف إيتمار بن غفير الذين يدعم موقف وزير العدل الإسرائيلي.
وتشير القناة 13، إلى العلاقة المليئة بالشكوك بين نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين، الذي يرفض تجميد خطوات التعديلات القضائية لمدة تزيد عن العام الواحد، في المقابل يتجه نتنياهو إلى خطوات أقل صدامية، خشيةً من عودة الاحتجاجات بشكلٍ واسع في دولة الاحتلال.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية "كان"، أن نتنياهو سيجمع، بقادة الائتلاف الحكومي، صباح اليوم، ومن ثم بأعضاء كتلة الليكود البرلمانية لمناقشة موضوع التصويت، ومن المتوقع أن يطلب منهم عدم معارضة التصويت على ممثل للمعارضة، وكذلك التأكيد على التزامه في خطة التعديلات القضائية.
من جانبه، قال وزير العدل ياريف ليفين، إن الائتلاف يفضل عدم وجود حكومة على عدم تمرير خطة التعديلات القضائية، وقال ليفين: "هناك أيضًا استطلاعات الرأي التي تظهر ذلك، لن أسقط الحكومة ولن أهاجم نتنياهو، لكن ليس لدي ما أبحث عنه هنا إذا لم يكن هناك إصلاح [قضائي]".
كما أشارت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان" إلى أن نتنياهو، قد التقى، الإثنين، وزير العدل ياريف ليفين، "مطوّلا" وذلك على خلفية المعارضة في داخل الائتلاف، للاتفاقات التي يمكن التوصل إليها مع المعارضة، بحيث دار الحديث عن الاستعداد لتأجيل تغيير شكل لجنة تعيين القضاة، لمدة تصل إلى عامين، على أن تستمر التشريعات الأخرى.
وأشارت القناة 12 العبرية، إلى الضغوط الهائلة التي مورست ليلة أمس على نتنياهو داخل الليكود، ومن المتوقع أن تستمر حتى اللحظة الأخيرة قبل التصويت، وقالت إن الشاغل الرئيسي لوزير العدل ياريف ليفين، هو أنه إذا تم انتخاب ممثل للمعارضة في اللجنة، فإنه سيفقد الفرصة النظرية للتحكم في اختيار قضاة المحكمة العليا في اللجنة الحالية.
وقال رئيس حزب عوتسما يهوديت المتطرف إيتمار بن غفير إنه "يجب عدم تفويت الفرصة التاريخية اليوم"، معبرًا عن رغبته في طرح أجزاء من خطة التعديلات القضائية للقراءة الثانية والثالثة في حال عدم وجود اتفاق، رافضًا التوقف والانتظار.
تمرد الليكود "المحدود"
وسيتعين على نتنياهو إقناع جميع أعضاء الكنيست من الائتلاف بسحب ترشيحهم، أو التأكيد على التزامهم بدعم مرشح المعارضة. وحتى الآن ترفض عضوة الكنيست عن الليكود تالي غوتليب سحب ترشحها، مؤكدةً على أنها سترفض ذلك حتى لو طلب منها نتنياهو التراجع عن ذلك، وبعد اجتماعها مع نتنياهو صباح اليوم، قالت غوتليب: "نتنياهو طلب مني أن ألتقي به. إنه يعرفني جيدًا بما فيه الكفاية حتى لا يطلب مني عدم سحب ترشيحي، وفقًا للقانون الحالي ينتخب الكنيست سرًا ممثلين اثنين في اللجنة، هل يجب أن نعطي جائزة لـ "المعارضة"؟ هل هناك مستقبل؟ الحكم يتجلى في تمثيل قوي لليمين".
ويتوافق الائتلاف الحكومي على دعم عضو الكنيست عن حزب عوتسما يهوديت المتطرف يتسحاق كروزر، رغم وجود ثمانية مرشحين حتى مساء يوم الثلاثاء.
الاتفاق طريق لعودة درعي
ورغم توافق المعارضة على مرشحة لعضوية اللجنة، إلّا أن القلق يدور داخلها، بسبب عدم التوافق فيها، وبالأخص بعد تصريحات رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان، حول صفقة يتم بموجبها انتخاب ممثل عن المعارضة في لجنة اختيار القضاة مقابل التوافق على بعض جزئيات التعديلات القضائية.
وغرد ليبرمان، على حسابه في تويتر، قائلًا: "لا يملك لبيد وغانتس تفويضًا بإعادة درعي إلى الحكومة، أناشد جميع مواطني إسرائيل: إلى كل أولئك الذين يريدون الحفاظ على الديمقراطية الإسرائيلية ودولة إسرائيل كدولة يهودية وصهيونية وليبرالية، لأولئك الأشخاص الطيبين الذين شاركوا في الاحتجاج لعدة أسابيع ، نواجه يومين من القرارات الحاسمة لمستقبل البلاد ". وفي تغريدة أخرى هاجم ليبرمان، غانتس ولبيد، قائلًا:" لا يمكنك أن تتصرف كأنك صمام، وتأمل أن تسقط نتنياهو".
وبحسب ليبرمان، فإن الإعلان عن الاتفاق بين الائتلاف والمعارضة، سيأتي بعد انتخاب مرشحة المعارضة للجنة اختيار القضاة، كارين الهرار، لهذا المنصب، مشيرًا إلى أن التفاهمات، ستشمل عودة رئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، للحكومة، بدعم من بيني غانتس ويائير لبيد.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية العامة (كان)، أن غانتس التقى بدرعي، وتحدّث معه في محاولة للتوصّل إلى تفاهم بين الائتلاف والمعارضة، بخصوص "الإصلاح القضائي".
كما أعربت رئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي، عن معارضتها للاتفاق، الذي يتبلور بحسب ليبرمان.
يمكن أن تساهم خسارة المعارضة للعضو الذي تحصل عليه بالعرف، في فشل المفاوضات القائمة حاليًا في مقر رئيس دولة الاحتلال، بالإضافة إلى عودة الاحتجاجات في إسرائيل
من جانبه، أكد رئيس حزب "المعسكر الرسمي" بيني غانتس، أن ملف تشكيل لجنة تعيين القضاة سيصل الأربعاء الى نقطة حاسمة، وفي مستهل جلسة كتلته البرلمانية، قال غانتس، إن حزبه لن يتردد في التوصل الى توافق مع الائتلاف إذا التزم بالمبادئ التي طرحها حزبه خلال المحادثات بشأن التغييرات القضائية التي عقدت في مقر الرئيس الإسرائيلي.