تستأنف المباحثات حول خطة التعديلات القضائية في إسرائيل، اليوم الثلاثاء، في مقر رئيس دولة الاحتلال، وذلك بعد أسابيع من دون مفاوضات مباشرة حول القضية، مع محاولة وضع مخطط لتجاوز موضوع الخلاف الرئيسي، وهو لجنة اختيار القضاة، فيما ستسمح مواصلة المباحثات في تجميد خطة اليمين الإسرائيلي للتعديلات القضائية، حتى الدورة الشتوية للكنيست الإسرائيلي أو حتى العام المقبل.
بعد انقطاع أسابيع، تعود المفاوضات حول خطة التعديلات القضائية في إسرائيل اليوم الثلاثاء
ومن المتوقع، بداية المفاوضات من خلال محاولة صياغة اتفاقات بين الائتلاف الحكومي والمعارضة، حول مسألتين هامشيتين نسبيًا في خطة التعديلات القضائية التي يطرحها وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين، وهي تقليصات مرتبطة في بند المعقولية، وتقديم المشورة القانونية للحكومة ووزرائها.
وقال الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، صباح اليوم، إنه "من الممكن التوصل إلى تفاهمات واسعة، ولكن ذلك يتطلب بذل جهد وحسن نية وقيادة".
تترافق بداية المفاوضات، مع توجه الأنظار إلى يوم 14 حزيران/ يونيو، وهو اليوم المقرر لاختيار أعضاء لجنة القضاة، وهي الموضوع الأساسي في خطة التعديلات القضائية، وتطالب المعارضة بانتخاب ممثل عنها في اللجنة، وفق العرف القائم الذي يقوم على اختيار عضو كنيست من الائتلاف وآخر من المعارضة.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا، أمس الإثنين، أن الكنيست سينتخب ممثليه في لجنة تعيين القضاة في 14 حزيران/ يونيو القادم. ووفقًا لإجراءات التصويت التي حددها الكنيست، سيتم التصويت سرًا في الجلسة العامة، ومن بين النواب الذين سيتم انتخابهم من الكنيست يجب أن تكون هناك امرأة واحدة على الأقل. وبحسب القانون، يتوجب على الكنيست اختيار ممثليه في لجنة تعيين القضاة، حتى 15 حزيران/يونيو القادم.
مفاوضات لكسب الوقت
إلى ذلك، وخلال اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب "الليكود"، أمس الإثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن "خطة إصلاح القضاء لم تمت، لكننا نبذل قصارى جهدنا في المفاوضات للتوصل إلى تفاهمات واسعة".
بموازاة ذلك، تفيد مصادر سياسية وقضائية أن "تقدم أو وقف الإصلاح القضائي خلال الأسابيع القادمة متعلق بشخص واحد فقط، هو بنيامين نتنياهو".
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت"، فإن "نتنياهو يريد استنزاف المحادثات بين الائتلاف والمعارضة، رغم أن التقديرات تشير إلى عدم إمكانية التوصل إلى تفاهمات بشأن لجنة تعيين القضاة".
وأضافت المصادر ذاتها أنه "بالرغم من الدعم الذي تلقاه من خلال تمرير ميزانية الدولة، إلا أن نتنياهو يدرك أنه يعيش على قنبلة تم تعليق انفجارها من ناحية الرأي العام العالمي، وخاصة قيادة الحزب الديمقراطي الأمريكي والرئيس الأمريكي جو بايدن، لذلك هو يكسب الوقت حاليًا من خلال المحادثات المتواصلة في مقر الرئيس".
وقالت مصادر في الائتلاف الحكومي، إن وزير العدل ياريف ليفين، ورئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست سيمحا روتمان، اللذان يقودان خطة "الإصلاح القضائي" ينتظران قرار نتنياهو من أجل مواصلة خطواتهما.
وفي هذا الإطار، لم يطلق ليفين تصريحات حول الموضوع، بينما صرح روتمان بأنه "إذا لم يتم الإصلاح بالتفاهم مع المعارضة، فسيتم بلا تفاهم "، ويسعى كلاهما إلى تشريع أحد قوانين "الإصلاح القضائي" حتى نهاية الدورة الصيفية للكنيست في آب/أغسطس المقبل.
تهديد للمعارضة
من جهته، نقل سكرتير الحكومة الإسرائيلية يوسي فوكس، رسالة إلى زعيمي المعارضة يائير لبيد وبيني غانتس، مفادها أنه في حال عدم توصل المعارضة لقرار بشأن اختيار مندوبها في لجنة تعيين القضاء، فإن الائتلاف سيضطر لتعيين عضوين في اللجنة، وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية "كان".
بدورها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن أعضاء كنيست من حزب "الليكود" هددوا بأنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في منزل الرئيس الإسرائيلي، فإن الائتلاف سيعين ممثلين في اللجنة، إلا أن الصحيفة أشارت لمسؤولين في "الليكود" يرون بأن "فرص ذلك ضئيلة، رغم التهديدات التي لا تزال مطروحة على الطاولة".
وكشفت الصحيفة أن أعضاء كنيست من حزب "الليكود" بقيادة داني دنون، توجهوا إلى نتنياهو وطلبوا منه أن يكون ممثل الائتلاف في اللجنة من حزب "الليكود"، إذا كان هناك بالفعل ممثل واحد فقط من الكنيست للائتلاف.
المعارضة لن توافق
من جانبه، تطرق رئيس المعسكر الوطني بيني غانتس، خلال اجتماع لكتلة حزبه البرلمانية إلى المفاوضات مع الحكومة، حول التغييرات في جهاز القضاء بمقر إقامة الرئيس الإسرائيلي، قائلًا: إنه "لن تكون هناك اتفاقات دون التزام واضح ومثبت بعدم استمرار التشريع المتعلق بتغييرات في نظام الحكم في إسرائيل، ما لم يكن هناك اتفاق واسع".
وأضاف غانتس "لن نمنح ضوءًا أخضرًا لنتنياهو يتيح له تقوية نفسه، واتخاذ القرارات في الوقت والمكان المناسبين له. سيكون هذا عبارة عن محك كبير"، وتابع: "اختار الائتلاف اثنين من المرشحين، فهذا يعني تغيير قواعد اللعبة، وعندها ستتوقف المفاوضات برعاية رئيس الدولة في مثل هذا الوضع، وسيقع شرخ في المجتمع وستتضرر الدولة"، مشرًا إلى استمرار المحادثات "طالما تم إحراز تقدم، وطالما هناك إرادة وطالما كانت هناك فرصة".
خلافات داخل المعارضة
في نفس السياق، وقبل حوالي أسبوعين من التصويت، لم تتوصل المعارضة بعد إلى اتفاق بشأن مرشحها في اللجنة. وأعلنت ثلاثة أحزاب معارضة من أصل خمسة عن رغبتها في تقديم مرشحها، ودعا رئيس حزب "يش عتيد" يائير لبيد، المعارضة إلى الوحدة خلف مرشحة حزبه وعضوة الكنيست كارين الحرار، التي شغلت في السابق منصب وزيرة الطاقة في الحكومة الإسرائيلية.
في المقابل، يتجه "المعسكر الوطني" إلى ترشيح عضوة الكنيست بنينا تامانو-شطا، التي شغلت في السابق منصب وزيرة استيعاب الهجرة، في عضوية لجنة تعيين القضاة، والتي قد تحظى بدعم أصوات من أعضاء من الائتلاف الحكومي، بحسب ما نقلته صحيفة معاريف، التي وصفت الخلافات بين أحزاب المعارضة الإسرائيلية بـ"الملحمة" لاختيار ممثلها في اللجنة.
هذا، ووجه أعضاء كنيست من حزب "معسكر الدولة" الذي يترأسه بيني غانتس، انتقادات إلى لبيد وتصريحاته، وقالوا إن "تصريحات لبيد بمثابة هدف ذاتي وإضرار ومساس بوحدة المعارضة، ومكافأة لأحزاب الائتلاف الحكومي".
وردًا على ذلك، نشر لبيد تغريدة على حسابه في تويتر، وقال: "لا يمكن للمعارضة أن تدمر نفسها مرة أخرى. أناشد أعضاء المعارضة عدم تقسيم الأصوات والوقوف وراء كارين الحرار ودعمها، كممثلتنا في لجنة تعيين القضاة. لا يمكن التفكير في منح ليفين وروتمان مثل هذه الهدية وتقسيم التصويت".
وفي خضم هذا السجال، قرر حزب العمل برئاسة ميراف ميخائيلي، ترشيح عضوة الكنيست إفرات رايتن، وهي محامية كممثل للمعارضة في اللجنة.
على ماذا الخلاف؟
يشار إلى أن لجنة تعيين القضاة كما هو معمول بها لغاية اليوم، ستضم في تركيبتها تسعة أعضاء هم: وزير العدل وهو رئيس اللجنة، وكذلك وزير آخر من الحكومة، وثلاثة قضاة بينهم رئيس أو رئيسة المحكمة العليا، ومندوبان عن نقابة المحامين، بالإضافة إلى نائبا كنيست، أحدهما من الائتلاف والآخر من المعارضة.
وتلعب لجنة اختيار القضاة، دورًا هامًا في النظام القضائي الإسرائيلي بكامله، بما في ذلك محكمة العدل العليا، ويعتبر تشكيل اللجنة من أكثر القضايا الخلافية بين الائتلاف الحكومي والمعارضة في المفاوضات حول التعديلات القضائية. ويرغب الائتلاف الحكومي في منح نفسه أغلبية في اللجنة وبالتالي السيطرة على التعيينات القضائية، فيما ترى المعارضة الإسرائيلية أن ذلك سيُسيّس المحاكم ويلحق الضرر بالنظام القضائي.
ويمكّن الائتلاف الحكومي، المعارضة تقليديًا من شغل أحد موقعي الكنيست في اللجنة، لكن أعضاء الائتلاف الحكومي هددوا في الأسابيع الأخيرة بأنه إذا لم يتم الإعلان عن أي اتفاقات بشأن الإصلاحات القضائية بحلول موعد التصويت، فسوف تستخدم أغلبيتها في الكنيست لكسر هذا التقليد ومنح نفسها موقعي الكنيست في اللجنة.
تترافق بداية المفاوضات، مع توجه الأنظار إلى يوم 14 حزيران/ يونيو، وهو اليوم المقرر لاختيار أعضاء لجنة القضاة
حتى مع افتراض تشكيل لجنة اختيار القضاة في الوقت المحدد، ينص القانون على أن اللجنة تجتمع فقط بناء على طلب وزير العدل. ومن المقرر أن يتقاعد قضاة في المحكمة العليا في أكتوبر/ تشرين الأول، من بينهما رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت والقاضي عنات بارون، وقد يؤدي التأخير في انعقاد اللجنة إلى تأخير تعيين قضاة جدد ليحلوا محلهم في المحكمة المكونة من 15 عضوًا.