11-يونيو-2016

يوسف الإمام في ملصق فيلمه ليبيدو

في مصر، العشرات اللواتي يتعرضن للتحرش أو للاغتصاب يوميًا، والملايين الذين لم يتعرفوا على ما هو جديد في أنظمة التعليم العالمية، وهو التوعية الجنسية. ومع كل الحملات التي تُجرى على الكثيرين الذين يحاولون أن يناقشوا موضوع الجنس ما قبل الزواج، أو المعاشرات الشبابية وعلاقتهم بالجنس والعادة السرّية، عن ما هو ممنوع أو حرامٌ أن يُناقش.

يوسف الإمام: الأفلام بالنسبة لي هي وسيلة للتعبير في إطار أوسع وأكبر من فنونٍ أخرى

يوسف الإمام، مخرج فيلم "ليبيدو" الحائز على جائزة يوسف شاهين للسينما، بدأ بفكرة "ليبيدو" من محادثاتٍ شبابية في غرف نومهم عن الجنس في العالم العربي، وفي دولةٍ كمصر، وكيف يعالج الموضوع أو يُطبق، إلى علاقة الشباب (من الجنسين) بالعادة السرّية والجنس ما قبل الزواج، وكيف يواجهون ردّات الفعل في المجتمع المصري.

اقرأ/ي أيضًا: إيليا سليمان.. كيف تصل العالمية بثلاثة أفلام فقط

يذكر يوسف أن أدوات إلهامه تنحصر في إطار الفنون البصرية، الموسيقى، السينما، الأدب، علم النفس وعلم الأعصاب، يقول: "الأفلام بالنسبة لي هي وسيلة للتعبير في إطار أوسع وأكبر من فنونٍ أخرى، والفن الوثائقي ليس مهنتي الأساسية. فعملي الأساسي هو إنتاج الأفلام الطويلة والموسيقى والفيديو كليبات. وما جعلني أكتب وأنتج ليبيدو، هو ببساطة أنني كنت مجبرًا على فعل ذلك كمشروع تخرجي من الجامعة بشهادةٍ في الإخراج السينمائي، وشعرت أن عليَّ أن اختبر بنمطٍ إخراجي جديد خاص بي، والموضوع هو بالفعل من أحد المواضيع التي دائمًا نطرحها على أنفسنا".

وعند سؤاله إن لم يكن الخوف موجودًا داخله بأن يفشل في التحكيم النهائي، بسبب المجتمع المنغلق على موضوعٍ حساس كالجنس في العالم العربي، يجيب الإمام قائلًا: "أعتقد أنه لن يكون ذلك عادلًا أن يضع لي الحكام علامة رسوبٍ بسبب اختلاف وجهات النظر أو المعتقدات، الاختبار الحقيقي كان أن نصنع فيلمًا، بجودةٍ وقيمةٍ عالية، وأن نتمكن من إيصال الرسالة للمشاهد عبر الفيلم، حتى لو كان المشاهد يعارض موضوع الفيلم أو طريقة معالجتي للفيلم. وإن ظهرت أي حساسيةٍ على فردٍ من هذا المجتمع المنغلق فهذا يعني أن الفكرة قد وصلته، لكن أساتذتي في الجامعة كانوا فخورين وأعطوني العلامة الأعلى بتفوق. وكنت في المرتبة الأولى مع الدفعة التي كانت تتخرج عام 2013".

"البنات يواجهن صعوبة شديدة في التعبير عن موضوع كهذا الموضوع، لكنني أعتقد أن في الفيلم النساء كان دورهن أكبر في التكلم عن العادة الجنسية، وهو موضوع شديد الأهمية ومرفوض من النقاش بشدة في المجتمع المصري".

يتحدث الإمام كيف تم تجميع الشخصيات وبناء المقابلات في الفيلم، مؤكدًا أن الإحصاءات تذكر أن 89% من الرجال يمارسون العادة السرية، ومعدل النساء اللواتي يمارسنها يعادل معدل الرجال. فيمكننا أن نستنتج أن معظم البنات والنساء المصريات مارسن، أو يمارسن العادة السرّية، وأن لا عيب في الحديث عن هذا الموضوع. ويضيف: "كان الحديث عن العادة السرّية أصعب في التسجيل مع الرجال وليس النساء. فهم خجلوا بأن يذكروا حقائق أمام المجتمع المصري".

يوسف الإمام: كان الحديث عن العادة السرّية أصعب في التسجيل مع الرجال وليس النساء

وعن التقنيات التصويرية وفي الإنتاج، يصف فيلمه بالتجربة التي مرت في الجامعة وتخطاها، فيوسف الإمام هو موسيقي، وعبر الموسيقى دخل في عالم السينما، ودرس السينما في مصر، وأن "ليبيدو" هو مشروع السنة الثالثة، وفيلم تخرجه كان عنوانه "سرعة الضوء"، وهو فيلم قصير عن طبيب نفسي يلتقي بمريضه الذي يجزم أنه يأتي من المستقبل، وعليه أن يعود خلال 48 ساعة إلى زمنه الأصلي.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تشاهد فيلمًا لتكتب عنه؟

يوسف لا يصنف "ليبيدو" في خانة الأفلام الحرّة، بل هو دفع مستحقات الفيلم من مدخوله الخاص، واستعمل أجهزة أصدقائه، وكان يقترض كل ما يحتاجه للتصوير والمونتاج، ولم يمتلك أي نوع من المعدّات سوى كمبيوتر.

لا يذكر يوسف الإمام عدد الجوائز التي حاز عليها فيلم "ليبيدو"، يقول: "أعتقد أن الفيلم حاز على أربع أو خمس جوائز، وأن عدّة مهرجانات لم تقبل به، ولكن هذا لم يكن هدفي، ما أردت أن أفعله في الفيلم هو وضعه على موقع "يوتيوب" ليشاهده جمهور المراهقين المصريين، هؤلاء هم من كانوا هدفي الجماهيري وراء الفيلم".

يظهر في الفيلم تمثيل بسيط بمساعدة أصدقاء المخرج، فإحدى الشخصيات كانت مازن، وهو شاب مصري يعاني من مشاكلٍ في المجتمع وفي النوم وفي المعاشرة والعلاقات مع النساء. ويظهر المخرج في الفيلم مستهزئًا ومستعملًا مازن كأداة وصف الشاب المصري في القرن الواحد والعشرين. ويناقش موضوع الثقافة الجنسية والصحة الجنسية والعلاقات الغرامية بين الشباب المصري. وأيضًا ينتقد شخصياتٍ معروفة في المجتمع المصري "كالجماعة الإسلامية" التي ترفض النقاش في الموضوع، والشخصيات الميليشياوية التي تطلب الرشوة لتتكتم على دخول مازن إلى منزله وإحداهن تمسك يده.

من فكرةٍ صغيرة، كالواقي الذكري والتعريف عنه بسخريّة ذكية، تصل رسالة يوسف الإمام وحسب ما تفهم أنه هو كشابٍ مصري أظهر كبت الشباب المصري، وعبّر عن معاناة الأجيال الجديدة في مصر في موضوع الجنس ما قبل الزواج، وممارسة العادة الجنسية والجهل في التعليم والثقافة الجنسية.

يختم المقابلة المخرج يوسف الإمام بالقول: "لا للكراهية، نطلب الحبّ. مجتمع منغلق على نفسه يحتاج إلى المساعدة والتوجيه، وأنا أحاول بقد الإمكان عبر أبحاثي وإلهامي، ورغم الصعوبات والمخاوف على إظهار الحقائق، لكن الحقيقة ستظهر إن شئنا أم أبينا، والحياة مبنية أصلًا على وجهات النظر، وهكذا يولد النقاش والحوار. وأضيف أن أمنيتي هي أن نتقبل كل الآراء والنظريات ونتقبل النقاش والجدال والحوار بسلامٍ كامل ودون الانغلاق والانقسام".

اقرأ/ي أيضًا:

8 من أجمل الأفلام الأوربية خلال الـ5 سنوات الأخيرة

3000 ليلة.. نسوية الحركة الأسيرة