24-فبراير-2021

لوحة لـ مهند عرابي/ سوريا

1

ينقذُني تعثُّر الولد

تردّده

خوفُه من أن يسقط في عينيه ومن قلبه

ينقذُني أنّه غشيم

أنه أهبل كما يقولُ البعض

أنّهُ قابلٌ للكسر.

 

2

يتحدّثُ الألمُ بصوتي

تتحدّثُ الخيبةُ بلغتي

 

لستُ أنا

لستُ أنا.

 

3

ببساطة

أنا لا أهتمُّ به

لا أعتني بمصيره

أتركُه خلفَ الباب

أغادرهُ

أردعُه أمامَ الآخرين

أوجّهُ اتّهاماتي وأصبعَ الإدانةِ لهُ كلّما تسنّى لي ذلك

أنا لا أكترثُ به

أؤجّله طوالَ الوقت

آخر اهتماماتي هو

أعيشُ للشّارع

وللطّريق

أريدُ أن ألحقَ القطارات

السّهرات

الرّفاق

والسّرير

أن ألحقَ اللّحظة

أن أهرعَ إلى أيّ آخر للحماية

وطلب النجدة

أنا لا أضيء الشّموعَ له

ولا أستحمُّ من أجله

لا أستمتعُ معه

أرغمُ نفسي على كلّ ما أفعلُ مثل واجبٍ ثقيل

لطفل

هو بالواقع ابنٌ "لقيط"

صادفتهُ ذاتَ وقتٍ

وأرغمتُ على التّعاملِ معه

أتحجّجُ ألفَ حجّة كي أفرّ منه

ألفَ سببٍ

كي لا أسمعَ شكواهُ

أو بكاءهُ

صمتهُ

أو ماذا يريد؟

 

حين سيأتي السوسيالْ لتخليصه منّي

سأقولُ لهم

ضعوهُ عندَ أمّ حقيقية

وأبٍ حقيقي

إنّه يتيم

يتيمٌ جدًا ومعاق

وأنا لا أعرفُ التّعامل معه

لا أتقنُ فهمه

ولا أعرف كيفَ أديرُ شؤونه

فقط ما أعرفه

فقط ما أعيه أنّه يتمتمُ طوالَ الوقت بلغة غير مفهومة

منكسر

وحزين

ويحتاج للعناية الفائقة

والاهتمام

 

حين ستأتي منظمات حقوق الإنسان

وحماية الطفولة

سأسلمهم إياه دون مقاومة

وسأعترف لهم بكل الإساءات

لقد أخفته

وبالغت في تهذيبه

وصفعته

ولمته مرارًا وتكرارًا

منعته أن يقول اسمه كاملًا

منعته أن يلبس أو يمشي أو يرقص كما يريد

غيرّت له صوته

طريقة حياته

أجبرته أن يشبه أي أحد

أن يمتثل كما الجميع

لقد حففت أعضائه

ومحوتها

كي ترضى الجموع

ركبّت له عدسات لاصقة

كي لا ينتبه أحد لون عينيه

قطعت أصابعه حين لمس الممنوع الذي يحرص الجميع

وضعت قدميه في قالب الجبس كما نساء الصين في القرن التاسع عشر

كي لا يكبر أبدًا

لكمته في روحه كي يصمت إلى الأبد

عريته تمامًا

وجمعت كل صبيان الحي حوله

كي يشهدوا عاره

قيّدته

ولم أسمح له ببنت شفة

أخرسته

وسحقته مثل أي أب معتد

أو أم متسلطة 

 

الخضوع والرضوخ وكلمة نعم

الصمت والتعثر والتلعثم

هو كل ما علمته إياه

حين ستأتي مصلحة رعاية الطفولة

سأمنحهم حرية التصرف

ولن أقاوم أبداً أو أطالب حتى أن أراه

ابني وحبيبي

وأنا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أحجار خبيثة‎

صوتي يدْمع.. عينٌ أصابها الرّمد